^ كشفت تصريحات الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام حول ضرورة فتح الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية تمهيداً لإعادة العلاقات بين البلدين عن توجه إيراني جديد لإنقاذ النظام من حتمية السقوط الذي يتوقعه رفسنجاني إذا ما بقيت العلاقات بين أمريكا والمملكة العربية السعودية على حالها‘ لاسيما وأن رفسنجاني يرى أن تحسين العلاقات الإيرانية السعودية سوف يؤدي بالضرورة إلى تحسين العلاقات مع الغرب عامة وأمريكا خاصة. ومن هذا المنطلق، يرى الكثير من المحللين السياسيين المراقبين للشأن الإيراني أن نظام الجمهورية الإيرانية قد استنفذ جميع وسائل البقاء في السلطة‘ خصوصاً مع تصاعد الأزمة الناشبة بين أجنحة النظام ولا سيما أهمها الصراع بين جناح المرشد علي خامنئي وجناح رئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد الذي بات يطرح نفسه زعيماً وقائداً سياسياً لتيار واسع أكثر منه رئيساً لجمهورية لم يبقَ له من مدة الرئاسة سوى أقل من عامين فقط. كما إن هذا النظام أصبح في الأعراف الدولية نظاماً متمرداً على الشرائع والقوانين الدولية وذلك لقيامه باستمرار بانتهاكات خطيرة على مستوى السياسة الخارجية والدولية حيث مارس جميع الأعمال المنتهكة للقوانين الدولية ومنها، احتلال السفارات وأخذ الرهائن ودعم الأعمال الإرهابية والتدخل في شؤون دول الجوار والسعي لامتلاك الأسلحة المحرمة دولياً. أما على الصعيد الداخلي، فقد مارس مختلف أنواع انتهاكات حقوق الإنسان وسلب الحريات العامة والخاصة لاسيما التمييز العنصري والطائفي والقمع والتعذيب بمختلف أشكاله بحق المواطنين الإيرانيين. وهذا ما تسبب بعزلة دولية وداخلية لهذا النظام، خصوصاً بعد فشل جميع الحوارات مع المجتمع الدولي وأطراف المعارضة الداخلية بمختلف أطرافها، وبالأخص المعارضة الإصلاحية التي تعد من المقربين لهذا النظام الدكتاتوري. وهذا ما جعل نظام الجمهورية الإيرانية يسير عكس الاتجاه شأنه كشأن قاطرة تسير بدون مكابح، وهو ما أصاب الذين كانوا يعتقدون أن الحوار مع النظام الإيراني على المدى البعيد يمكن أن يكون مجدياً بخيبة أمل وأصبح الحل الوحيد للخلاص من هذا النظام بالنسبة لهم هو سقوط النظام. إن فشل المحاولات اليائسة التي كان المنادون بالحوار يؤملون منها أن تأتي بنتيجة قد برهنت لهؤلاء ولجميع الشعوب الإيرانية والدول الصديقة أن النظام الإيراني يسعى إلى خلق مزيد من الأعداء وحشد الرأي العام العالمي ضده، وإضعاف البنية الاقتصادية لإيران والتحشيد العسكري في المنطقة، هو ما يسعى له النظام. فهدف الدول الغربية -الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي- من العقوبات الاقتصادية على إيران هو محاولة لإثناء نظام الملالي عن دعم الإرهاب ووقف تطوير البرنامج النووي وإدخاله في نظام التجارة العالمية. ولا تختلف هذه الدول على إقامة علاقات عادية مع نظام دكتاتوري منتهك لحقوق الإنسان. إلا أن نظام الجمهورية الإيرانية لا يقنع بالتعامل مع كل هذه المطالب ويسير خلافاً للمقررات المعقولة. وهكذا نظام يجب ألا يتوقع من القوى العالمية أن تسكت على تصرفاته وسلوكياته الحمقاء. ويرى المراقبون أن نظام الجمهورية الإيرانية بحاجة ماسة لصنع العداوات الخارجية لاتخاذها مبرراً لممارسة المزيد من القمع الداخلي ولكن ذلك لا يمكن أن يمر دون أن يكون له ثمن وفي الوقت نفسه أن هذا النظام بحاجة أيضاً إلى أي تهديد خارجي لتثبيت وجوده بالقوة للبقاء في السلطة. غير أن، ذلك يجبر المجتمع الدولي ‘الغربي منه تحديداً، في الوقت نفسه لتغيير تعامله مع هذا النظام ويصبح الأمر ليس مجرد خلاف على المشروع النووي بل يدفعه إلى القول إن وجود النظام الإيراني هو المشكل والعقبة الرئيسة في استقرار الأمن والسلم في المنطقة، وهذا يتطلب التفكير جدياً في العمل على إسقاط هذا النظام. إن النتيجة التي استخلصها المراقبون الإيرانيون وغير الإيرانيين، وأغلب الدول الغربية، من خلال تقييم سياسات وممارسات النظام الإيراني بعد ثلاثة عقود هي أن بدون إسقاط النظام الإيراني لا توجد أي بارقة أمل للمجتمع الإيراني ومنطقة الشرق الأوسط بإمكانية العيش بحرية واستقرار. مع ملاحظة هامة جداً يطرحها أصحاب وجهة النظر هذه وهو أن إسقاط النظام الإيراني لا يمكن أن يتم دون تقديم ضريبة. ولكن أيهما أكبر ضريبة بقاء نظام الملالي والقبول بوجوده رغم سياساته وممارساته التي هو عليها والتي أدت حتى الآن إلى قمع واضطهاد الشعوب الإيرانية وسلب الحريات وانتهاك الحقوق الإنسانية لهذه الشعوب، وخلق الفوضى وتهديد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، أم التعاون على إسقاط هذا النظام لخلق مستقبل حر وزاهر للمجتمع الإيراني، وتجنب المنطقة تهديد الاستقرار وخطر الحروب والفوضى؟.