كتب - أحمد الجناحي:
يضطر بعض الآباء والأمهات لترك الأطفال وحدهم بالمنزل، خصوصاً في الإجازة الصيفية إما للذهاب إلى العمل أو لقضاء بعض المصالح، وهي فكرة مرفوضة عند الكثيرين جراء الأخطار التي قد تحيط بالطفل، إلا أن آخرين يدافعون عن ترك الطفل وحيداً بأن تحمل المسؤولية هو الهدف الأهم من هذه التجربة.
ويرى د.هيثم جهرمي رئيس قسم العلاج المهني بمستشفى الطب النفسي -وولي أمر لطفلين دون سن المدرسة- أن عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي ودخول المرأة ميدان العمل وانشغال الأب في تأمين لقمة العيش، قد يعرض الأطفال للإهمال أكثر من السابق، حيث يترك الطفل في المنزل وحيداً أو بصحبة باقي الأطفال من إخوانه الصغار، ويظل الأهل في حالة ترقب وتوتر لتركهم الطفل بالمنزل دون رقابة ورعاية.
ويشير د.الجهرمي إلى ضرورة الأخذ بالاعتبار عمر الطفل ونضوجه واستعداده النفسي وقدرته على التصرف بالطريقة الصحيحة والسليمة عند مواجهة المشاكل المختلفة قبل تركه بالمنزل وحيداً تحت رحمة الله، الأمر الذي يعرض الوالدين للمسائلة القانونية في حال حدوث مكروه للطفل بسبب الإهمال.
وإلى الجانب السلبي لهذه الظاهرة التي ينظر إليها الجميع بعين واحدة ويتفق عليها، هناك جوانب إيجابية لا تخلو منها هذه الظاهرة تعود بالفائدة والمردود الإيجابي على الطفل، ويذكر الدكتور بعض هذه الجوانب، مثل تحمل المسؤولية، واكتساب خبرة في التصرف السليم في الحالات الطارئة، «البعض يرى الجانب السلبي فقط لهذه الظاهرة، التي لا تخلو حقيقة من الفائدة والمردود الإيجابي على الطفل، كأن يتعلم الطفل ثقافة تحمل المسؤولية، ويكتسب خبرة التصرف السليم في الحالات الطارئة، التي لابد أن يتعلمها ويتدرب عليها بمساعدة الوالدين في بادئ الأمر».
وأضاف أن ترك الطفل بالمنزل لوحدة يكسبه ثقة بأنه على قدر المسؤولية، ويعطيه مساحة من الوقت للعب والتصرف على طبيعته وتلقائيته، مشيراً إلى أن ترك الطفل في المنزل يؤهله ليكون مسؤولاً في المستقبل عن نفسه ومستقلاً بذاته، بعيداً عن الاتكالية، مشيراً إلى أن هذه الإيجابيات يمكنها أن تمنح الطفل فرصة لحل المشاكل والخلافات التي يتعرض لها في حياته دون تدخل من الأهل، مشدداً على أهمية متابعة الأسرة للطفل في بداية الأمر خطوة بخطوة، حتى يصبح مؤهلاً لتركه وحيداً بالمنزل.
وتشير الأخصائية مريم إبراهيم إلى بعض سلبيات ترك الطفل بالمنزل، كاحتمالية تعرضه للحوادث التي تهدد أمنه وسلامته، إلى جانب الإحساس بالعزلة والوحدة، والخوف من الاتصال عن الأهل، الأمر الذي يجره في بعض الأحيان إلى التصرف بلا مسؤولية وتهور في غياب الرقابة.
وتضيف أنه «من السلبيات أيضاً اعتياد الطفل على البقاء لوحده، الأمر الذي يجره لحب العزلة، وخسارة فرص اللعب مع باقي الأطفال أو التواصل مع الآخرين، ومن الممكن أن يكتسب الطفل الوزن الزائد، فمع الشعور بالملل يتناول الأطفال الأطعمة والوجبات السريعة أمام التلفاز عوضاً عن الخروج للعب، وقلة الحركة، وقد يؤدي ترك الأطفال بالمنزل لنشوب مشاكل وخلافات بين الأطفال».
وتابعت أنه على الأبوين المجبرين على ترك الأطفال بالمنزل، أخذ الحيطة والحذر والتأكد من توفر شروط الأمن والسلامة «إذا كان لابد من ترك الطفل بالمنزل فالمقابل لابد من أخذ الحيطة والحذر والتأكد من توفر شروط الأمن والسلامة بحيث لا يتعرض الطفل للأذى، وقد يكون تعريض الطفل لبعض هذه المواقف لتدريبه على كيفية التصرف في حال الحريق مثلاً أو زيارة غريب من خارج المنزل مع غياب الأهل أو غيرها من الأمور التي قد تطرأ معياراً لجهوزية الطفل من عدمها».
وأضافت أنه «بما أننا نعيش في مجتمع متقارب متآلف فهذا يعتبر من العوامل المساعدة، حيث يمكن طلب مساعدة الجيران أو الأصدقاء للاطمئنان على الأطفال بين الحين والآخر والحرص على التزام الطفل بالقوانين الموضوعة من قبل الوالدين».
وتشير إلى بعض النصائح والتوجيهات التي من شأنها أن تساعد الطفل بينها «وضع قائمة بالأرقام المهمة كرقم الوالدين أو أشخاص موثوق بهم يمكن الاعتماد عليهم، ورقم الطوارئ قريباً من الهاتف ليكون في متناول الطفل مع تعليم الطفل مسبقاً كيفية استخدام الهاتف وطلب الشخص المطلوب من قائمة الأرقام المكتوبة، إضافة إلى تدريب الطفل تدريجياً على الوجود بالمنزل لوحده عن طريق تركه وقتاً أقل كبداية للتأكد من قدرته على البقاء وحيداً دون حدوث أي مشاكل لا يستطيع حلها، ويمكن تمديد الوقت بعد استعداد الطفل وتهيئته مع مراعاة عدم ترك الطفل لوحده ساعات طويلة».
وترى أن تحضير الطفل نفسياً لا يقل أهمية «تحضير الطفل نفسياً لا يقل أهمية عن ما ذكر مسبقاً، فقد يتسبب ذلك بالأذى النفسي على المدى الطويل في حال لم يكن الطفل مستعداً نفسياً، فمعظم الأطفال يصابون برهاب الانفصال عن الوالدين، ومن الجيد توكيل الأطفال ببعض المهام كي لا يشعروا بالملل وتحميلهم جزءاً من المسؤولية لاكتساب الثقة بالنفس، كما إن انشغالهم ببعض الواجبات المنزلية يقلل من الأفعال العشوائية التي قد تؤذيهم أوالجلوس مقابل التلفاز وألعاب الفيديو لساعات مطولة، والحرص على وضع الأدوات الحادة أو الكهربائية أو الأدوية بعيداً عن متناولهم، ومن الجيد تعليم الأطفال أساسيات الإسعافات الأولية في حال حدوث أي طارئ».
وأفادت الأخصائية مريم إبراهيم أن الطفل يشعر عادة بالأمان أكثر عند وجود حيوان أليف بالمنزل، إذ قالت إن «وجود حيوان أليف في المنزل من شأنه أن يقلل التوتر والخوف بالانشغال باللعب معه وإطعامه».