شهدت الجزائر ارتفاعا قياسيا لأسعار إيجار الشقق والمحلات مؤخراً بسبب زيادة الطلب عليها من اللاجئين السوريين، خاصة أن السوريين لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول.
ووصل عدد الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم إلى 20 ألفا منذ بداية الأزمة، جلهم يسعى إلى الاستقرار وإنشاء استثمارات صغيرة، في حين يأتي بعضهم بمال قليل مهرب من مدخراتهم من هناك وأحلام صغيرة بعيش كريم سرعان ما تصطدم مع واقع غلاء متزايد للأسعار.
خالد الحلبي واحد من هؤلاء السوريين الذين قدموا إلى الجزائر بنية الاستقرار، فلم يكن صعبا عليه إيجاد عمل في محل للألبسة السورية وهو القادم من بلده منذ شهرين فقط، ولكن يبدو أن إيجار المسكن هو المستحيل بالنسبة إليه الآن.
يقول خالد إنه حاول منذ قدومه إلى الجزائر البحث عن مسكن للإيجار، ولكن الأسعار مرتفعة جدا عليه، فهي تتجاوز في بعض المناطق 60 ألف دينار جزائري.
بالنسبة لخالد وللكثير من السوريين الهاربين من بلادهم إلى هنا، دفع إيجار المسكن أمر في غاية الصعوبة، ولكن حتى بالنسبة للميسورين منهم، والذين يمتهنون التجارة وينتشر جلهم في حي زنقة العرائس بالجزائر العاصمة، إيجار المحلات بات يرتفع تدريجيا.
ففي حي زنقة العرائس العريق الذي اشتهر منذ عشرات السنين بمحلات بيع ألبسة وجهاز العروس، انتشرت بسرعة موضة محلات بيع الألبسة السورية، صاحبتها زيادة كبيرة لأسعار إيجار المحلات، جعلت من هذا السوق الشعبي الأغلى في الجزائر، ولكن عدد من السوريين يقولون إن هذا الأمر ليس بسبب المكان الاستراتيجي فقط، بل أيضا بسببهم، إذ يقول أحمد قرطل، واحد من أصحاب المحلات، إن إيجار محله تجاوز 150 ألف دينار جزائري، وأنه يعلم أن زيادة الطلب منهم هي التي جعلت الأسعار ترتفع في هذا المكان.
ورغم أن الإيجارات ليست مرتفعة جدا ليس على السوريين فقط، ولكنها قد تكون بسببهم، فمنذ قدوم أكثر من 20 ألف سوري إلى الجزائر منذ بداية الأزمة، ارتفع الطلب ومعه أسعار الإيجار في المدن الجزائرية الكبرى، خاصة في ظل غياب جهاز يضبط الأسعار، وهو الأمر الذي يطالب به العديد من أصحاب الوكالات العقارية في الجزائر.
وفي هذا السياق، يقول رمضان شيريد، صاحب وكالة عقارية، إنه من الضروري محاربة هذه العشوائية في زيادات الأسعار بإنشاء جهاز يضع معايير واضحة للأسعار، مضيفا أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع، صحيح أن من بينها زيادة الطلب بسبب الأجانب الوافدين، خاصة السوريين، ولكنه ليس السبب الوحيد، إذ يضاف إلى جملة أسباب أخرى، من بينها ميل حديثي الزواج إلى الاستئجار واستمرار ظاهرة النزوح من المدن الداخلية إلى العاصمة بسبب توفر فرص العمل.
ويبقى أنه في بلد يعتبر متوسط دخل المواطن متواضعا لا يتجاوز 40 ألف دينار جزائري شهريا، تعتبر أسعار الإيجار مرتفعة، ليس على السوريين الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم، بل كذلك بالنسبة للمواطنين الجزائريين.