* خادم الحرمين يصل منى للإشراف على راحة الحجاج

* أفواج الحجيج انطلقت إلى مشعر عرفات بعد شروق شمس الإثنين

* ضيوف الرحمن ينفرون إلى مزدلفة في خشوع وسكينة يرافقهم الآلاف من رجال الأمن



الدمام - عصام حسان - (أ ف ب، العربية نت)

تجمع نحو 2.3 مليون حاج الاثنين عند صعيد عرفات عشية عيد الأضحى لأداء أهم أركان مناسك الحج، رافعين أياديهم إلى السماء ومرددين التلبية والتكبير. ومع اشتداد الحر في الصباح، حمل الآلاف من الحجاج الذين ارتدوا ملابس الإحرام البيضاء وكانوا يرددون التلبية، مظلات تقيهم حرارة الشمس.

في سياق متصل، وصل خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الاثنين، إلى منى للإشراف على راحة حجاج بيت الله الحرام وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان.

وانطلقت أفواج الحجيج من بعد شروق شمس الإثنين إلى عرفات لتقف في هذا المشعر، في مشهد عظيم، يباهي به الله عز وجل بأهل عرفات أهل السماء، متضرعين لله عز وجل أن يتقبل منهم الحج وأن يغفر لهم ذنوبهم في ذلك اليوم العظيم، ثم يشهد الله عز وجل الملائكة بأنه قد غفر لخلقه في يوم عرفة، حيث أنه اليوم الأكثر عتقاً من النيران والمغفرة.

ولقد أطلق على جبل عرفات هذا الاسم لأنه بداية تعارف آدم وحواء عقب خروجهما من الجنة حيث كان على جبل عرفة، لذلك سمي بـ"عرفة "، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ويأتي بعد يوم التروية، ويمثل ركن الحج الأكبر.

ويتوجه الحاج من مشعر منى ليقف على عرفات ويجمع بين صلاة الظهر والعصر، ثم ينفر من على جبل عرفات مع غروب شمس هذا اليوم ليتوجه إلى مزدلفة ويصلي المغرب والعشاء جمع تأخير.

ويوم عرفة هو أحد أيام الأشهر الحرم، كما أنه أحد أيام أشهر الحج، وأحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه حين قال سبحانه تعالى في كتابه "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّه في أيام معلومات".

ويوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عمل أزكى عند الله -عز وجل- ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله -عز وجل-، قال ولا الجهاد في سبيل الله -عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".

ويوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة. وقد جاء الفضل في صيام يوم عرفة حين حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامه. كما جاء في فضل صيام يوم عرفة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة فقال صلى الله عليه وسلم: "يكفر السنة الماضية والسنة القابلة" وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ".

ويعظم الدعاء في يوم عرفه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، كما يكثر فيه العتق من النار.

وينقسم التكبير في يوم عرفة إلى قسمين: التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة. وأما التكبير المطلق فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من أول ذي الحجة.

وتقول مصرية عرفت عن نفسها فقط باسم أم أحمد "61 عاماً" إنها تؤدي فريضة الحج هذا العام بعد تقاعدها.

وتضيف مبتسمة "الشعور لا يوصف" موضحة أنها لن تصعد إلى أعلى قمة جبل عرفات مفضلة البقاء في الأسفل "هنا يكفي. فالسن لديه أحكامه".

لكنها أضافت "نحن هنا لنطلب الرحمة من الله. سأدعو لنفسي ولأولادي وللأمة الإسلامية".

أما الباكستاني جاي سليم "37 عاماً"، الذي صعد إلى أعلى جبل الرحمة مع زوجته، فقال إنه بكى عندما قام بذلك.

وأضاف "الشعور رائع. لطالما رأيت هذا الموقع منذ طفولتي في الصور والتلفزيون".

وتابع الرجل "هذا مكان مقدس لكل المسلمين في أنحاء العالم".

وجلس بعض الحجاج للراحة بينما انشغل متطوعون بتوزيع قوارير مياه باردة عليهم.

وأمام لوحة صفراء كتب عليها بالإنجليزية والعربية "عرفات يبدأ هنا"، يقوم عمال بجمع قوارير مياه فارغة.

ويجلس باعة أمام منصات لبيع الفاكهة والقهوة وسجاجيد الصلاة، بينما تتواجد سيارات إسعاف قرب المكان.

ومساء الأحد شهدت منطقة مكة سقوط أمطار غزيرة.

وقد ألقى النبي محمد خطبة الوداع قبل وفاته منذ نحو 1400 عام من جبل الرحمة أعلى نقطة في عرفات.

ويعرف العديد من الحجاج مشقة يوم عرفة خصوصاً مع الوقوف ليوم في درجة حرارة تتجاوز الأربعين.

وقالت الأمريكية آمنة خان "نعرف ما الذي ينتظرنا. نعرف أنها ستكون مهمة شاقة ولكن نحن جميعاً هنا للتقرب من الله سبحانه وتعالى وليتم غفران ذنوبنا والدعاء لعائلتنا وأصدقائنا".

وفي وقت لاحق، بدأ جموع الحجيج نفرتهم من مشعر عرفة إلى مزدلفة مع غروب شمس الاثنين التاسع من ذي الحجة.

وتحرك الحجيج دفعة واحدة بيسر وسهولة يرافقهم الآلاف من رجال الأمن والشرطة وسط تخطيط وتجهيز مسبق لتأمين النفرة إلى مزدلفة.

وبعد اكتمال وصول الحجيج إلى مزدلفة يؤدون صلاتي المغرب والعشاء ويقفون بها حتى فجر الثلاثاء العاشر من شهر ذي الحجة لأن المبيت بمزدلفة واجب حيث بات رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وصلى بها الفجر.

والمعروف أن مزدلفة ثالث المشاعر المقدسة التي يمر بها الحجيج في رحلة إيمانية يؤدون فيها مناسك الحج، وتقع بين مشعري منى وعرفات، ويقيمون فيها صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصراً ويجمعون فيها الحصى لرمي الجمرات بمنى ويمكث فيها الحجاج حتى صباح اليوم التالي يوم عيد الأضحى ليفيضوا بعد ذلك إلى منى.

ويؤدي أكثر من مليوني مسلم، بحسب الأرقام الرسمية، وصلوا من مختلف بقاع الأرض مناسك الحج في أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم يجري في أجواء من الحر الشديد.

والإثنين، أعلنت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أن عدد الحجاج الذين يشاركون في مناسك هذا العام بلغ أكثر من 2.3 مليون حاج.

ويعد الوقوف في عرفة ذروة مناسك الحج.

وتمتد فترة الوقوف بصعيد عرفة إلى فجر الثلاثاء وهو أول أيام عيد الأضحى. وسيؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعاً بأذان واحد وإقامتين.

وبعد الوقوف في عرفة، ينزل الحجاج إلى منطقة مزدلفة في ما يعرف بالنفرة، ويجمعون الحصى فيها لاستخدامها في شعيرة رمي الجمرات. وفي اليوم الأول من عيد الأضحى، يقدم الحجاج الأضاحي ويبدؤون شعيرة رمي الجمرات في مشعر منى.

وأطلقت السلطات السعودية هذا العام مبادرة "حج ذكي" يتمثّل بتطبيقات هاتفية تساعد الحجاج في كل شيء من الترجمة إلى الخدمات الطبية مرورا بمناسك الحج.

ووضع الهلال الأحمر السعودي تطبيق "أسعفني" لمساعدة الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة. وبإمكان السلطات تحديد مكان الحجاج باستخدام التطبيق.

كما أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق "مناسكنا" للترجمة للحجاج الذين لا يتكلمون العربية ولا الإنجليزية.

ويترافق الحج عادة مع تدابير أمنية مشددة. وقال أمير مكة خالد الفيصل الأحد إن عدد الحجاج من إيران بلغ 86 ألفاً.