تعتبر العلاقات البحرينية المصرية نموذجاً للعلاقات التي يجب أن تكون بين الدول ويزخر تاريخ العلاقات بين جمهورية مصر العربية ومملكة البحرين بالمواقف التي تعكس العلاقات الودية بين القيادتين والشعبين اللذين تربطهما أواصر مشتركة في الثقافة العربية الإسلامية ولم يحدث طوال التاريخ ما يعكر صفو هذه العلاقة بين البلدين، ويؤكد هذا الأمر المواقف الداعمة والمساندة من كلا الجانبين للآخر التي ساهمت بالأساس في تعميق أواصر العلاقات بين البلدين الشقيقين. ويذكر أهل البحرين ومسؤوليها بكل الود والعرفان إسهام الخبرات المصرية البارزة في مختلف المجالات الإنمائية بالبحرين منذ ما يقرب من قرن من الزمان الذي كان أبرزه مشاركة المعلمين المصرين في إنشاء أول مدرسة خاصة بالبحرين عام 1919 ولايزال التواجد المصري بارزاً بمملكة البحرين ومتمثلاً في عمل مختلف الخبراء والاستشاريين المصريين بالعديد من الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة بالمملكة. ولقد احتضنت الجامعات المصرية الطلبة البحرينيين قبل إنشاء جامعة البحرين ولايزال كثير من الطلبة يواصلون دراساتهم العليا في الجامعات المصرية ومعظم من تبوأ مراكز في الوزارات هم من خريجي الجامعات المصرية.

كانت مصر سبَّاقة بإعلان الدعم الرسمي للبحرين طوال تاريخها، حيث كانت من أوائل الدول التي سارعت بالاعتراف باستقلال البحرين عام 1971 لمواجهة المزاعم الإيرانية، وتقديم أول سفير مصري لأوراق اعتماده بالمنامة عام 1973، حتى أقرت مصر رسمياً عام 2002 التعديلات الدستورية التي تحولت في أعقابها البحرين إلى النظام الملكي، وجاء موقف شيخ الأزهر خلال لقائه بالرئيس الإيراني على هامش القمة الإسلامية بالقاهرة في فبراير 2013، الذي أكد على ضرورة احترام الجميع لاستقلال البحرين وعروبتها وعدم التدخُل في شأنها الداخلي، ليضيف المزيد لرصيد الدعم المصري المستمر لسيادة المملكة وعروبتها.

ومع التطور السريع في مجريات الأحداث في العالم وما تعكسه على منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة والخليج بصفة خاصة أصبحت العلاقات الاستراتيجية بين البلدين تعتمد على ثلاثة محاور رئيسة هي: التعاون الوثيق بين القيادتين وتأكيد البلدين دعمهما ومساندتهما للآخر في مواجهة مختلف التحديات، والتعاون المشترك في شتى المجالات. فعلى الصعيد السياسي تنطلق مصر والبحرين من رؤية موحدة إزاء قضايا المنطقة من خلال دعمهما لفكرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتطبيق الاتفاقيات الخاصة بها وفقاً للمعايير الدولية من دون استثناء مع مراعاة عدم الازدواجية في المعايير بين الدول، ومناصرة القضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية والمناداة بحق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم، فضلاً عن امتلاكهم رؤية موحدة في التصدي للقوى الإقليمية التي تريد زعزعة الاستقرار والأمن القومي العربي من أجل الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي العربية كالعراق وسوريا واليمن ولبنان.

إن الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لمملكة البحرين تأتي لتعزيز مسيرة التفاهم المشترك حول مختلف القضايا الشائكة في المنطقة والأخطار التي تهدد الأمن الخليجي والعربي خاصة في ظل الحرب في اليمن والتدخل الإيراني في هذه الحرب بدعمهم للحوثيين الذين يشكلون رأس حربة للخطر الذي تتعرض له المنطقة خاصة أن مصر والبحرين هما من دول التحالف العربي. كل هذه القضايا وغيرها مثل الموقف من دولة قطر ستكون محور البحث.