واشنطن - نشأت الإمام، (أ ف ب)

ندد الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما الجمعة بصمت الجمهوريين إزاء تصرفات الرئيس دونالد ترامب، وذلك في خطاب حماسي أراد منه تعبئة الديمقراطيين للفوز في الانتخابات التشريعية المقررة بعد أقل من شهرين. وتجري الانتخابات المقبلة في 6 نوفمبر المقبل لتجديد كامل اعضاء مجلس النواب الـ 435 وثلث أعضاء مجلس الشيوخ والحكام في 36 ولاية. وتتوقع استطلاعات الرأي تمكن الديمقراطيين من انتزاع الأكثرية في مجلس النواب.

وتساءل أوباما في كلمة ألقاها في ولاية ايلينوي "ماذا حدث للحزب الجمهوري؟"، منتقدا المسؤولين الجمهوريين الذين يكتفون بـ"تصريحات معترضة غامضة، عندما يتخذ الرئيس مواقف فضائحية". وفي اتهام صريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والحزب الجمهوري، دعا الرئيس السابق باراك أوباما إلى إعادة الصدق والنزاهة إلى حكومة الولايات المتحدة، ووضع إطار انتخابات منتصف المدة في نوفمبر بمثابة فرصة تاريخية للأمريكيين لرفض ما وصفه بأنه عهد سياسي مظلم، وتوقيت بلا رؤية.



وتابع أوباما "57 عاماً" "إنهم لا يقدمون خدمة لأحد عندما يدعمون بقوة 90% من الأمور المجنونة التي تأتي من هذا البيت الابيض، ويكتفون بالقول ""لا تقلقوا سنعمل على تجنب الـ10% الباقية"".

ومنذ مغادرته البيت الأبيض في العشرين من يناير 2017 التزم أوباما الصمت نسبياً، لكن يبدو أنه قرر مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الدخول بقوة في المعمعة السياسية دعماً للمرشحين الديموقراطيين.

وانتقد أوباما المقولة التي تعتبر أن "كل شيء يجري على ما يرام ما دام هناك في قلب البيت الأبيض من لا يتبعون أوامر الرئيس".

وأضاف "ليس هكذا يجب أن تعمل ديموقراطيتنا"، في إشارة إلى المعلومات التي كشفها الصحافي الاستقصائي بوب وودورد حول طريقة العمل الفوضوية الحالية في البيت الأبيض.

وانتقد أوباما الإدارة الحالية التي تعمل على إضعاف التحالفات التقليدية للولايات المتحدة وتتقرب من روسيا، كما ندد بانتقادات ترامب لعمل القضاء وتهجمه على الصحافة.

وقال أوباما لطلاب في جامعة إلينوي في خطاب حشد التأييد للديمقراطيين "إذا كنت تعتقد أن الانتخابات ليست مهمة، آمل أن تكون خلال العامين الماضيين قد صححت هذا الانطباع".

وفي خرق نادر للبروتوكول الذي يبقي الرؤساء السابقين على هامش المعركة السياسية، هاجم أوباما ترامب بالاسم. ووصف الرئيس الحالي وحلفائه في الحزب الجمهوري بأنهم يدافعون أناس ليس عليهم إجماع، ويراهنون على قضايا تضر ربما بمصالح أمريكا، مما يثير الغضب الشعبي والانقسام ويتخذون ذلك كوسيلة لحماية أنفسهم.

ويرى مراقبون أن رئاسة ترامب المتشنجة قد فتحت طريقاً للديمقراطيين للاستيلاء على مجلس النواب خلال نوفمبر القادم، ويعتزم أوباما الآن أن يلعب دوراً قيادياً في حملته الانتخابية للحصول على المقاعد التي يحتفظ بها الجمهوريون الآن.

وترى المحللة السياسية سوزان مور أن عودة أوباما إلى المسرح السياسي ينطوي على خطر بالنسبة للديمقراطيين. وفي حين أنه يلهم الملايين من المؤيدين، فإنه يستمد في كثير من الأحيان العداء الشديد من جانب المحافظين. وقالت مور لـ"الوطن" "إن الدافع وراء المشاركة هو جلب الحماس والقوة إلى القاعدة، وهذا ما يملك أوباما القدرة على فعله، يجلب العاطفة والصوت الذي يحتاج الديمقراطيون أن يسمعوه لأنه يتحدث بعبارات وطنية، وليس مجرد مصطلحات حزبية. لكنه لايزال ينظر إليه باعتباره بعيداً عن الالتزام المحافظ".

وأضافت مور أنها "ليس لديها شك في أن أوباما سيحفز المحافظين".

وقالت -في إشارة إلى انتخابات 2010 و2012 و2014، "خلال ثلاث دورات، أطلق الرئيس أوباما حملات نالت من الجمهوريين".

من جانبه سعى ترامب، الذي وصل إلى مأدبة غداء لجمع التبرعات في فارجو، في ولاية نيويورك، بعد ساعة من كلمة أوباما، إلى التعبير عن عدم الاكتراث بملاحظات سلفه.

وقال ترامب "لقد شاهدت ذلك، لكنني غفوت، لقد وجدت أنه من الجيد جدًا النوم".

إلا أن ترامب أثار نقطة رفض لتذكير أوباما بأن الانتعاش الاقتصادي بدأ خلال فترة إدارته.

في وقت لاحق، وبعد الترويج للاقتصاد القوي والشكوى من تصويره في كتاب بوب وودوارد المرتقب، عاد ترامب إلى موضوع أوباما، متسائلا أمام الحشد: "أليس هذا أكثر متعة من الاستماع إلى الرئيس أوباما؟".

وفي ولاية إيلينوي، حيث كان أوباما يحصل على جائزة بول دوجلاس لأخلاقيات الحكومة في حرم أوربانا الجامعي، قارن الرئيس السابق، بين ترامب وبين الذين يعدون بحلول بسيطة للمشاكل المعقدة ويتعهدون بتنظيف الفساد في الوقت الذي ينهبون فيه.

واستشهد أوباما على مراوغة ترامب في الرد على العنف الذي اندلع العام الماضي في شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، عندما اصطدم متعصبون من البيض النازيين الجدد بمتظاهرين معارضين لحمل السلاح.

كما انتقد أوباما ترامب بسبب محاولته كبح الحماية الدستورية للصحافة.

أما بالنسبة للجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي الكونغرس، فقد اتهمهم أوباما بإعطاء تخفيضات ضريبية للأمريكيين الأغنياء الذين لا يحتاجون إليها، والتصويت من أجل الحصول على الرعاية الصحية من الملايين، مما يجعل من الصعب على الشباب والأقليات التصويت، ورفض الاتفاق حول تغير المناخ.

وقدم أوباما نقطة الجمعة سعياً للتوصل إلى أرضية مشتركة مع الأمريكيين البيض في الريف وغيرهم ممن أبعدوا عن الديمقراطيين.

وقال: "أعلم أن هناك إنجيليين ملتزمين بشدة بفعل شيء ما بشأن تغير المناخ". "وأعلم أن هناك محافظين يعتقدون أنه لا يوجد شيء عطوف حول فصل الأطفال المهاجرين عن أمهاتهم".

وهاجم أوباما الرئيس بسبب ما وصفه بأنه تدخل سياسي في مقاضاة الفساد من قبل وزارة العدل.

وقال: "يجب ألا تكون قضية حزبية أن نقول إننا لا نضغط على المدعي العام أو مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" لاستخدام نظام العدالة الجنائية كهرولة لمعاقبة خصومنا السياسيين". "أو دعوة المحامي العام صراحة إلى حماية أعضاء حزبنا من المقاضاة بسبب حدوث الانتخابات. أنا لا أقوم بذلك. هذا ليس افتراضاً".

وكان "ترامب" قد عبر عن انزعاجه الشهر الماضي عندما أعلن ممثلو الادعاء الفيدرالي عن توجيه الاتهام إلى أول عضوين في مجلس النواب الذين دعموه كرئيس وهما النائب الجمهوري كريس كولينز من نيويورك ودانكان هنتر من مقاطعة سان دييجو.

حيث اتُهم كولنز، واتُهم هنتر وزوجته باستخدام أكثر من 250 ألف دولار في حملة تبرعات لدفع النفقات الشخصية.

وبعد أن قدم صورة سوداوية جدا للوضع السياسي في البلاد، حرص أوباما مع ذلك على الاعراب عن الأمل بتحسن الوضع.

وقال "أمام هذا الوضع السياسي السوداوي، أرى نوعا من الوعي لدى المواطنين عبر البلاد"، موجها نداء حارا الى كل الديمقرطيين للتوجه إلى صناديق الاقتراع خلال الانتخابات التشريعية المقبلة في نوفمبر المقبل.

وقال "عليكم ان تقترعوا لأن ديموقراطيتنا على المحك".

وتابع "إذا كنتم تعتقدون أن لا أهمية للانتخابات، آمل بأن تكون السنتان الماضيتان قد غيرتا من نظرتكم هذه".

وأعرب أوباما عن دهشته إزاء محاولة ترامب الاستئثار لنفسه بما يسمى "المعجزة الاقتصادية" الأمريكية.

وقال بهذا الصدد "عندما تسمعون كم أن الوضع الاقتصادي جيد، تذكروا ببساطة متى بدأ هذا التحسن".

وقال أوباما أيضاً في كلمته التي لقيت تصفيقاً حاداً "إن التهديد الأكبر لديموقراطيتنا ليس دونالد ترامب (...) بل اللامبالاة".

ومن المقرر ان ينتقل الى كاليفورنيا السبت، واوهايو الخميس المقبل لدعم المرشحين الديمقراطيين في هاتين المنطقتين.

وتجري الانتخابات المقبلة في 6 نوفمبر المقبل لتجديد كامل أعضاء مجلس النواب الـ435 وثلث أعضاء مجلس الشيوخ والحكام في 36 ولاية.

وتتوقع استطلاعات الرأي تمكن الديمقراطيين من انتزاع الأكثرية في مجلس النواب.

وكان الرئيس السابق ركز حتى الآن نشاطه على كتابة مذكراته وعلى إنشاء المؤسسة التي ستحمل اسمه في شيكاغو.

ويبدو أن زوجته ميشال اوباما، التي تحظى بشعبية تنوي أيضاً النزول إلى الساحة السياسية، على أن تظهر في تجمعات للديمقراطيين في لاس فيغاس وميامي نهاية سبتمبر.