نتمنى أن تترشح أسماء قوية الشخصية للانتخابات النيابية، كما نتمنى أن تكون لدينا أحزاب سياسية وطنية تكون نداً للسلطة التنفيذية تخشاها وتحسب لها حساباً وتعرف كيف تفعّل الأدوات الرقابية بجدية وحزم، فأساس الديمقراطية توازن السلطات ورقابتها على بعضها بعضاً.

إنما أود أن أنبه إلى ثغرة موجودة في كل النظم الديمقراطية ولم تسلم منها حتى الولايات المتحدة الأمريكية بجلالة قدرها الديمقراطي!

فبقدر ما هي الانتخابات أداة من أدوات المشاركة الشعبية إلا أنه لطالما كانت «الانتخابات» فرصة تنتهزها الدول الأجنبية لتنفذ من خلالها للتأثير على القرار في دولة أخرى، فتدفع بمرشحين يخدمون مصالحها وأجندتها، وتتفق معهم مسبقاً وربما تمولهم أيضاً، وبهم ومن خلالهم تحقق أجندتها من داخل سلطتهم التشريعية.

ولهذا لا بد أن يكون القانون نافذاً وصارماً تجاه من تسول له نفسه القبول بمال سياسي مستورد من الخارج، بالرقابة المشددة على من يقبل أي نوع من أنواع التمويل المباشر أو غير المباشر أي عن طريق غسيل الأموال وتمريره عبر وسطاء، فلا يمكن أن يكون الدفع مباشراً ساذجاً!!

الرقابة لا بد أن تكون أيضاً على أي دعم أجنبي بأي شكل من الأشكال كالترويج لمرشح أو الدفاع عنه أو محاولة تسويقه أو مساعدته لوجستياً أو إعلامياً أجنبياً.

هذا إن كنا نتحدث عن دور الدولة في مراقبة الانتخابات وضمان سلامتها، إلا أن الأهم من ذلك هو وعي الناخب وانتباهه لمن يعلن عن ترشيح نفسه ويحمل «ولاءً مزدوجاً» فالوطنية لا تقبل الازدواجية، ونحن في زمن انقلبت فيه موازين ومسلمات وثوابت الولاء، فأصبح «الطبيعي» أن تعلن أنك تحب وطنك وتفدي وطنك لكنك أيضاً تساند دولة عدوة لوطنك من باب أنك تتفق مع أيديولوجيا تلك الدولة!! أصبح «الطبيعي» أن تقول البحرين والبحرين وو لكنك في نفس الوقت تتفق مع دولة عدوة لك وخصم لوطنك إن كانت تلك الدولة تساند حزبك الديني وتدعمه!! نعم نحن في زمن أصبحت هذه الازدواجية مقبولة وتعيش بيننا!!

بالمقابل لا يمكن بالعقل وبالمنطق أن تصدق أن إيران أو قطر ستترك فرصة الانتخابات دون استغلالها، إذ لم تبقَ دولة لم تصرف فيها قطر «مالاً» كي تصل به لأهدافها وتكمل به حلم والدها و«ربيعه العربي» وما بدأه في 2011 يحلم أن يكمله اليوم!

في اليمن تدفع قطر الآن لحزب الإصلاح «الإخواني» ولحزب المؤتمر الشعبي كي يتحالفان مع الحوثيين من أجل استمرار التمرد وبقاء الحوثيين أطول فترة ممكنة كي تستنزف المملكة العربية السعودية والتحالف العربي، وفي تركيا تدفع قطر كي يبقى هناك نظام يناوئ التحالف العربي ومصر تحديداً، وتدفع لمصريين وتدفع لعراقيين وتدفع لأي طرف يؤمن بمشروعها الربيعي، قطر ستتحالف مع الإخوان أينما كانوا وأينما حلّو فهم أداة من أدوات مشروعها ولن تضيع منها فرصة الانتخابات البحرينية.

وإيران لن تبقى مكتوفة الأيدي وتضيّع فرصة الانتخابات كي تعيد إحياء أدواتها وتدعم خدم وليها الفقيه، وها هي تحرّك من جديد أدوات لفظها المجتمع البحريني كي تدخل عن طريقهم من منفذ الانتخابات للسلطة التشريعية وتكمل ما بدأته في 2011.

الانتخابات فرصة لا تفوّت ولا تعوّض من أجل إيجاد موطئ قدم لإيران أو لقطر في السلطة التشريعية، والمال السياسي المستورد أحد وسائلهما، وما علينا سوى مراقبة أسماء ستترشح لم تنطق بكلمة عن كل ما فعلته قطر في البحرين وأسماء مازالت تدين بالولاء لخامنئي كمرجعية لها، والاثنان سيكونان مسماراً لجحا إن وجدا طريقهما لمجلسنا النيابي ومرا على عيون الرقابة القانونية وعيون الوعي الانتخابي، فهل سنغفو من جديد؟!