* الأمم المتحدة: غزة تواجه كارثة مع قطع المساعدات الأمريكية

بيروت - بديع قرحاني، (أ ف ب)

أعاد الاتحاد الأوروبي في لبنان التأكيد على "التزامه الطويل الأمد بدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مؤكدا أنه "ليس مجرد دعم مالي بل هو دعم سياسي أيضاً"، وفقا لما أوضحت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن.



وخلال حفل تخريج 86 طالباً من لاجئي فلسطين الذين تابعوا تحصيلهم الجامعي في لبنان بعدما نالوا منحاً من الاتحاد الأوروبي، تطرقت السفيرة لاسن إلى الأوضاع الصعبة التي يواجهها مجتمع اللاجئين الفلسطينيين بعد القرار الأمريكي بوقف تمويل "الأونروا"، مشددة على أنه "قرار يتأسف الاتحاد الأوروبي بشدة لاتخاذه".

وأشارت لاسن إلى أنه "قبل قطع الولايات المتحدة تمويلها، كنا كاتحاد أوروبي مع الدول الأعضاء أكبر جهة مانحة للفلسطينيين ولاجئي فلسطين و"الأونروا"، في المنطقة وهنا في لبنان على السواء، وأنا أؤكد لكم أن دعمنا سيبقى واضحاً وثابتاً."

تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2018، خصص الاتحاد الأوروبي 82 مليون يورو للميزانية التشغيلية للوكالة الأممية الدولية لتأمين الوصول إلى التعليم لنحو نصف مليون طفل، والرعاية الصحية الأولية لأكثر من 3.5 مليون مريض، والمساعدة لأكثر من ربع مليون لاجئ معوز، كما تعهد الاتحاد الأوروبي بالتزاماته لعامي 2019 و2020 ليبقى شريكاً محتماً وموثوقاً.

وتعهد الاتحاد الأوروبي بالاستمرار في تقديم المساعدات للاجئي فلسطين، بما في ذلك دعمه لأنشطة "الأونروا"، مع متابعة جهوده للتوصل إلى حل دولتين يتم التفاوض في شأنه وإلى سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي وقت سابق، وصفت الأمم المتحدة الوضع في قطاع غزة بأنه "كارثي" بعد 11 عاما من "الحصار الاقتصادي"، وحذرت من أن قرار واشنطن قطع المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين "سيخلق المزيد من البؤس".

وقالت إيزابيل دورانت نائبة رئيس منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" إن "الوضع في غزة أصبح غير صالح للعيش فيه بشكل متزايد". وصرحت للصحافيين في جنيف "الوضع كارثي".

وفي تقرير جديد قالت المنظمة إن الاقتصاد الفلسطيني الذي يخنقه الاحتلال الإسرائيلي، يتعرض لضرر بالغ بسبب النقص الحاد في الدعم الدولي للفلسطينيين حتى قبل قرار الولايات المتحدة وقف الدعم.

وأظهر التقرير أنه خلال العام الماضي انخفض الدعم التنموي الدولي للفلسطينيين بنسبة تزيد عن 10% مقارنة مع العام الذي سبق.

وبلغ ذلك الدعم 720 مليون دولار أي ثلث ملياري دولار حصل عليها الفلسطينيون قبل عقد، بحسب التقرير.

وجاء ذلك الانخفاض الكبير في الدعم قبل قرار حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوقف الكامل لتمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والذي كان يصل إلى نحو 350 مليون دولار سنويا.

كما أوقفت واشنطن مبلغ 200 مليون دولار كانت تدفعها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "يواس أيد" للفلسطينيين، وذكرت في عطلة نهاية الأسبوع أنها ستخفض مبلغ 25 مليون دولار إضافي من المساعدات المباشرة إلى ستة مستشفيات تخدم بشكل أساسي الفلسطينيين في القدس.

وقالت "الأونكتاد" في تقريرها إن انخفاض الدعم الدولي "وتجميد عملية إعادة البناء في غزة والاستهلاك العام والخاص الممول بالديون كلها ترسم صورة قاتمة للنمو المستقبلي".

كما أن القيود الواسعة المفروضة على حركة السكان والسلع، وعمليات مصادرة الأراضي والموارد الطبيعية، وتسارع بناء المستوطنات الإسرائيلية تشكل جميعها عوامل تضر بالاقتصاد.

وانتقد تقرير الأربعاء تقييد الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية التي تعاني من أعلى مستوى بطالة في العالم - يزيد عن 27% في الأراضي الفلسطينية المحتلة - بشكل عام ويصل إلى نحو 44% في غزة لوحدها.

وتتأثر النساء والشباب بشكل خاص بانعدام الوظائف، بحسب التقرير الذي قال إن نصف الفلسطينيين تحت سن 30 عاما عاطلون عن العمل، بينما لا تشارك سوى 19% من النساء في سوق العمل.

وفي تقرير نشر العام الماضي، قالت الأونكتاد إن الاقتصاد الفلسطيني يمكن أن يتضاعف بسهولة وأن البطالة والفقر المرتفعين سوف ينخفضان إذا ما تم رفع الاحتلال الإسرائيلي.

وفي تقريرها الأخير، أشارت "الأونكتاد" إلى أن مجرد إزالة بعض القيود الإسرائيلية المفروضة على التجارة والاستثمار الفلسطينيين يمكن أن يسمح بانتعاش إجمالي اقتصاد الإقليم بنسبة تصل إلى 10 %.

وقالت "الأونكتاد" إن إزالة القيود المفروضة على غزة أمر مهم بشكل خاص، محذرة من أن القطاع "قد تحول إلى حالة إنسانية من المعاناة الشديدة والاعتماد على المساعدات".

وقال محمود الخفيف، الذي ينسق وحدة الأونكتاد لمساعدة الشعب الفلسطيني، للصحافيين إن المنظمة لم تحلل بعد التأثير الذي قد يخلفه وقف المساعدات الأمريكية على الاقتصاد الفلسطيني، لكنه أكد أنه سيؤدي بالتأكيد إلى "المزيد من البؤس" خاصة في غزة.

وفي عام 2012 ، حذرت الأونكتاد من أن المنطقة قد تصبح "غير صالحة للسكن" بحلول عام 2020 ما لم يتم عكس الاتجاهات، ولكن الأربعاء قالت المنظمة من إن الظروف أسوأ مما كانت عليه عند إطلاق ذلك التنبؤ.

وخلال العقد الماضي، تعرضت غزة لثلاث عمليات عسكرية كبرى وحصار جوي وبحري وبري متواصل "دمر" قدرتها الإنتاجية.

ويعتمد سكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة على معدل دخل حقيقي لكل شخص يقل بنسبة 30% عما كان عليه في عام 2000.

وأشار الخفيف إلى أن نصف عدد سكان القطاع يفتقرون إلى الأمن الغذائي حتى قبل إعلان الولايات المتحدة وقف مساعداتها للأونروا التي توفر المساعدات لنحو 80% من السكان.

وقال التقرير أن رفع الحصار سيؤدي إلى رفع النمو الاقتصادي في القطاع بمقدار الثلث.