* كردستان العراق يرفض التهديد الإيراني: لن نسلم المعارضين

الأحواز - نهال محمد، (وكالات)

هدد النظام الإيراني، معارضيه بالقضاء عليهم داخل وخارج حدود الدولة، وفقا لتصريحات مسؤولين في نظام الملالي، ونشرته وسائل إعلام ووكالات أنباء محلية تابعة للنظام، فيما كشف معارضون إيرانيون أن الاستخبارات الإيرانية وبالتزامن مع موجة الاعتقالات ضد الصحافيين والناشطين في الداخل، بدأت حملة تهديد وترويع ضد المعارضين للنظام في الخارج، وإرسال رسائل تحذرهم من الاغتيال أو الخطف.



ووجهت إيران تحذيرا إلى "أعدائها" بعد أيام على تنفيذها قصفا صاروخيا على مجموعة كردية إيرانية معارضة في العراق، في إشارة إلى معارضي النظام في الداخل والخارج.

من جانبه، هدد اللواء يحي رحيم صفوي، المستشار الخاص للمرشد الإيراني على خامنئي، وكبير المستشارين العسكريين في مكتب المرشد باستهداف جماعات المعارضة في الخارج. وقال صفوي إن الحرس الثوري الإيراني قام مؤخرا بقصف مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني على الأراضي العراقية، لذلك فإن إيران ستلاحق المعارضين والأعداء خارج الحدود والبحار.

وحذر صفوي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني من 1997 إلى 2007 من أن الأعداء الإيرانيين مدركون للقوة الإيرانية، مضيفا أنه "إذا هاجموا إيران، فسوف ندمرهم وسنتابع مجموعات المعارضة خارج الحدود والبحار لاستهدافهم".

وشدد على أن "القوات الأمنية الإيرانية لن تتوقف في القضاء على "المعتدين" - في إشارة إلى المعارضين - عند حدود البلاد، بل ستتعقب آثارهم وراء الحدود برا وجوا وبحرا.

وأفاد المستشار الإيراني بأن "الأعداء يدركون بأنهم لو هاجموا إيران فإن قواتنا المدافعة عن أمن البلاد ستحصدهم كما يتم اجتثاث الأشواك الضارة".

وكرر اللواء صفوي بأن "المدافعين عن أمن البلاد لا يكتفون بالدفاع بل سيلاحقون "المعتدين" حتى خارج الحدود برا وجوا وبحرا".

وأقر الحرس الثوري الإيراني بـ "المسؤولية عن القصف الصاروخي، الذي استهدف مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، في إقليم كردستان العراق".

وقبل أشهر أحبطت السلطات الفرنسية تفجيرا حاول أشخاص إيرانيون التخطيط له يستهدف تجمعا لجماعة مجاهدي خلق الإيرانية في ضاحية فيلبنت في باريس.

وكشف معارضون إيرانيون أن الاستخبارات الإيرانية وبالتزامن مع موجة الاعتقالات ضد الصحافيين والناشطين في الداخل، بدأت حملة تهديد وترويع ضد المعارضين للنظام في الخارج، وإرسال رسائل تحذرهم من الاغتيال أو الخطف.

ونشر موقع "سحام ‌نيوز" المقرب من زعيم المعارضة الإيرانية مهدي كروبي، وأحد زعماء الحركة الخضراء، والموضوع تحت الإقامة الجبرية منذ 5 سنوات، صورا ورسائل وصلت للناشط الإصلاحي روح الله زم، المقيم في فرنسا، تتضمن تهديدات وتحذيرات بتصفيته من قبل أجهزة الاستخبارات الإيرانية في حال استمراره بفضح ملفات الفساد وحملات القمع والملاحقة ضد الناشطين والصحافيين والمنتقدين".

ونشر الموقع، مقالا وصورا للناشط روح الله زم، ذكر بأنه نشرها عبر حسابيه في موقعي "فيسبوك" و"إنستغرام" للتواصل الاجتماعي تظهر تهديدات متكررة تلقاها من الأجهزة الأمنية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.

وكتب زم بأن أحد أصدقائه قتل في "عملية غير احترافية" في وسط العاصمة طهران، على يد عناصر إحدى الأجهزة الأمنية، دون أن يذكر اسمه، لكنه قال إنه قتل في عميلة مشتركة قام بها جهاز تابع للشؤون الداخلية في وزارة الاستخبارات الإيرانية.

ونشر الناشط الإصلاحي صورة قال إنها تعود للشخص المقتول وبعض المراسلات التي قالها إنها استلمها منه قبيل مقتله تشير إلى تلقيه تهديدات بالتصفية ولصديقه روح الله زم.

وحول تفاصيل مقتل الشخص المذكور، كتب زم "لقد قتلوا أحد أصدقائي بشكل غير معقول وسط طهران. قتلوه في منزله.. وهو كان قد حذرني قبل مقتله بأنني سأقتل أيضا.. قال صديقي بأنه يعرف كيف يخلص نفسه ويهرب من الموت.. لكنه وقع في الأخير".

وأضاف "لقد بدأت أجهزة الاستخبارات بحملة الرعب والتهديد باغتيال الشخصيات في الداخل والخارج لينالوا من المعارضين إما بالاختطاف وإما بالقتل".

واستطرد قائلا: "هناك شخصيات موثوقة اتصلت بي وأقسمت بأن هناك عملية مشتركة بين فيلق "القدس" ووزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات الحرس الثوري لاختطافي، لأنهم يريدون "سد الثغرات الأمنية"، وهذا يعني بأنهم يريدون سد الثغرات من خلال خطف أو اغتيال المعارضين".

يذكر أن زم يعتبر أحد المشرفين على موقع "سحام نيوز" الذي نشر العديد من ملفات الفساد في الحكومة وحالات الاختلاس وبعض الأخبار الأمنية الحساسة التي تثير حساسية أجهزة الاستخبارات الإيرانية، ويقول إنه يتلقى هذه المعلومات والأخبار الهامة من مصادر خاصة داخل النظام والأجهزة الحكومية وشخصيات متنفذة.

وهدد المعارض الإيراني ونجل رجل الدين محمد علي زم، أحد كبار مسؤولي النظام الإيراني الذي ترأس عدة مؤسسات ثقافية تابعة للنظام، هدد بأنه سينشر آلاف الصفحات من الوثائق والمعلومات الشفهية والمكتوبة التي بحوزته حول أسرار الأجهزة الأمنية وملفات الفساد والسرقات داخل النظام.

وفي تصريحات منفصلة، قال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إن "هجوم الحرس الثوري الإيراني على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، ردا على تهديدات الحزب للأمن القومي الإيراني". وأضاف شمخاني "سنرد على أي عمل ضد النظام الإيراني وسنستهدف أي نوع من أنواع المعارضة في الخارج".

واغتال النظام الإيراني عبد الرحمن قاسملو، القائد السياسي الكردي في عام 1989 في العاصمة النمساوية فيينا. كما قام النظام باغتيال صادق شرافكندي، الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران في برلين عام 1992. وفي الواقع، اغتال النظام الإيراني أكثر من 200 معارض في أوروبا من قبل أجهزة الاستخبارات الإيرانية، لعل أبرزهم شهبور باختيار، آخر رئيس وزراء لإيران قبل تولي النظام الحالي السلطة في عام 1979، وكذلك اغتيال عدد كبير من المعارضين لاسيما من أنصار مجاهدي خلق.

وكشف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مؤخرا، أن النظام الإيراني اغتال السيد أحمد مولي، الزعيم السياسي الأحوازي في هولندا في نوفمبر 2017. وقالت ممثلة الولايات المتحدة في المحكمة العدل الدولية في لاهاي إن النظام الإيراني اغتال السيد أحمد مولي، وهناك علاقة بين سلوك النظام الإيراني والنشاط الإرهابي في أوروبا.

الجدير بالذكر، أن القيادي الأحوازي أحمد مولي قتل في مدينة لاهاي الهولندية أمام منزله علي يد مسلحين في نوفمبر 2017. ولم تتهم السلطات الهولندية النظام الإيراني بعد، لكن الحكومة الهولندية دعت العديد من الدبلوماسيين الإيرانيين لمغادرة البلاد لان غير مرحب بهم، فيما اتهمت عائلة أحمد مولي الأجهزة الأمنية الإيرانية باغتياله في هولندا.

وكشف معارض أحوازي قضى نحو 10 سنوات في سجون النظام في تصريحات لـ "الوطن" أن "النظام الإيراني كان يستهدف المعارضين منذ عام 1979، والكثير من المعارضين، لا سيما المعارضين الأحوازيين تم اغتيالهم علي يد المخابرات الإيرانية في العراق وأوروبا". وأضاف أن "النظام قتل العديد من المعارضين الذين ينتمون إلى عرقيات أخرى لاسيما من كردستان وبلوشستان ومن جماعات المعارضة".

الجدير بالذكر أن الحرس الثوري الإيراني ألقى 7 صواريخ متوسطة المدى على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني على الأراضي العراقية السبت الماضي، مما أدى إلى مقتل 16 عضوا من أعضاء الحزب وإصابة العشرات.

من جهته، أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري "مع مدى يبلغ ألفي كلم، تزود صواريخنا الأمة الإيرانية بقدرة فريدة على التصدي للقوى الأجنبية المتغطرسة" كما نقلت عنه وكالة الأنباء شبه الرسمية إيسنا.

وأضاف أن "قوتنا النارية وجهت رسالة قوية إلى جميع أعدائنا: على أولئك الذين يملكون قوات ومعدات وقواعد في دائرة ألفي كلم من حدود إيران المقدسة أن يعلموا أن كل صواريخ "الحرس الثوري" في غاية الدقة".

وقام الحرس الثوري الإيراني بإطلاق 7 صواريخ على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في كردستان العراق على مقربة من الحدود الإيرانية.

وأسفرت الضربة عن مقتل 15 شخصا، بينهم ستة قياديين، بالإضافة إلى عدد من المصابين.

وقال الحرس الثوري في بيان غداة الضربة إنها نفذت ردا على "أفعال شريرة ارتكبها في الأشهر الأخيرة إرهابيون في المنطقة الكردية "في العراق" على حدود الجمهورية الإسلامية".

من جانبها، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق، الخميس، رفضها طلبا إيرانيا بتسليم عناصر الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة للنظام في طهران، معتبرة أن "الأمر غير وارد".

وجاء إعلان الإقليم بعد أيام من قصف نظام الملالي لمناطق في الإقليم، وبعثه رسالة تهديد باستعمال القوة ضد بغداد وأربيل في حال لم يتم تسليم المعارضين الإيرانيين.

وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم، سفين دزيي، في تصريح أدلى به للصحافيين في أربيل إنه "لا يمكن تسليم أي فرد من الأحزاب المعارضة في كردستان إلى السلطات الإيرانية".

وأضاف أن "هؤلاء موجودون على أراضي الإقليم والعراق بأسره منذ ثمانينات القرن المنصرم وعهد النظام البائد وفق اتفاقات، وجزء كبير منهم لاجئون في العراق، ويجب احترام اللوائح والقوانين الدولية في التعامل معهم".

وتابع دزيي أن "المشاكل لا تحل باستخدام القصف والعمليات العسكرية"، مشدداً على أنه "يجب حل هذه المسألة بشكل ملائم".

وكان النظام الإيراني طالب، الثلاثاء، على لسان قائد جيشه، محمد حسين باقري، بغداد وأربيل بتسليم من وصفهم بـ" الإرهابيين الانفصاليين"، في إشارة إلى مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.

وحملت رسالة باقري تهديداً مباشراً لبغداد وأربيل، إذ قال "إن كنتم لا تستطيعون تسليمهم فيجب عليكم ترحيلهم... إيران لها الحق في الدفاع عن نفسها".

وكان الحرس الثوري الإيراني قصف، الجمعة، بالصواريخ مواقع الحزب الكردي الإيراني المعارض قرب أربيل، الأمر الذي أسفر عن سقوط 15 قتيلاً وعدد من الجرحى، ونددت الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق بالقصف الإيراني.

وبعد القصف الإيراني، أعاد المقاتلون الأكراد في منطقة كويسنجق الجبلية شرق أربيل تنظيم صفوفهم.

وذكرت "فرانس برس" أن المقاتلين الأكراد بدؤوا في ترميم آثار القصف التي لحقت بمواقعهم، وجمع آخرون ما تبقى من وثائق اضطروا لتركها خلال القصف".

وفي صورة تظهر شدة القصف الإيراني، لم يبق في مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الذي يقع وسط قلعة حصينة بنيت في عهد نظام صدام حسين، إلا جدارية كبيرة بالأبيض والأسود لزعيم الحزب الراحل عبد الرحمن قاسملو.

ويعاني أكراد إيران من بطش نظام الملالي، الذي يشمل حملات الإعدام والاعتقال، والتضييق على حرياتهم، مما دفع عددا منهم لحمل السلاح والتمركز في إقليم كردستان المجاور.

وتبلغ نسبة الأكراد في إيران، 10 % من أصل أكثر من 75 مليون نسمة، هم مجموع الشعب الإيراني، حيث اتسمت العلاقة بين الكرد والأنظمة المتعاقبة بالمد والجزر، ولم تخل من صدامات دامية.