* ذكرى عاشوراء للتأمل واستخلاص العبر وليست لإشعال الفتن

* لا يجوز تحويل عاشوراء لمنبر سياسي من أجل مصالح حزبية وفئوية

* قضية عاشوراء إنسانية وليست قضية شعب أو طائفة أو مذهب



* عاشوراء مناسبة دينية توعوية تقصد إبراز العمق الإنساني والحضاري والتربوي

* قتل النفس أو إيذاؤها قتل ثان للإمام الحسين الشهيد في سبيل جعل الإسلام أسلوب حياة

* على قراء السيرة الحسينية استقاء معلوماتهم من المصادر الإسلامية المعتبرة

* قضية الحسين فكرية أخلاقية هدفها صلاح الإنسان وثقافة الحياة وليس القتل وسفك الدماء

* السيد فضل الله أفتى بعدم جواز التطبير "ضرب الرؤوس" لكونه من موارد الإضرار بالنفس

* "ولاية الفقيه" تسخر المذهب الشيعي لخدمتها وتزعم أنها الوصية على المذهب وأتباعه

* "ولاية الفقيه" نظرية خرج بها الخميني لأهداف سياسية تتعلق بإيران

* الخميني استخدم التحريض المذهبي للسيطرة على بلادنا بإشعال الفتن والحروب

* قتال نصرالله في سوريا بجانب الظالم يتناقض مع دعوة الحسين لنصرة المظلوم

* الواجب الشرعي يقتضي من الشيعة العرب طاعة أولي الأمر في بلادهم

* جدير بالشيعة العرب أن يكونوا صمام أمان لبلادهم يحمونها في مواجهة التدخلات الإيرانية

* نقول لشيعة البحرين.. أمن المملكة والحفاظ عليه واجب شرعي لأنها الحضن والمرجع ومسقط الرأس

* شيعة البحرين أصيلون عروبيون ملتزمون بدينهم وبعروبتهم وبحبهم لوطنهم

* لو إيران قائمة على شؤون الحج لخربته وجعلته فخا لاصطياد معارضيها شيعة وسنة

* الاعتداء على الشيخ التوبلاني واعتقاله في إيران انتهاك صارخ للقيم الأخلاقية

* إيران تستهدف أي عالم دين متمسك بعروبته ودينه وشيعيته البعيدة عن بدعة "ولاية الفقيه"

* النظام الإيراني يلاحق ويضطهد كل رجل دين يرفض الفتنة والعنف والتطرف

* ندعو البحرينيين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. ودعوات المقاطعة مفضوحة ومشبوهة

* التحالف بقيادة السعودية يسحق الانقلاب الحوثي بوصفه رأس حربة التدخل الإيراني في اليمن

* العراقيون أحرقوا القنصلية الإيرانية رمز التدخل السافر في شؤونهم الداخلية

* "حزب الله" في مأزق كبير ووضعه هش للغاية داخلياً وخارجياً

أجرى الحوار - وليد صبري

شن الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان سماحة العلامة السيد د. محمد علي الحسيني، هجوما عنيفا على نظام "ولاية الفقيه" في إيران وعلى "حزب الله" اللبناني - المصنف إرهابيا بحرينيا وخليجيا وعربيا وأمريكيا - مؤكدا أن ""ولاية الفقيه" تسخر المذهب الشيعي لخدمتها وتزعم أنها الوصية على المذهب واتباعه"، مشددا في الوقت ذاته على أنه "لا يجوز تحويل عاشوراء إلى منبر سياسي لتحقيق غايات ومصالح حزبية وفئوية".

وأضاف الحسيني في حوار خص به "الوطن" أن "ذكرى عاشوراء للتأمل واستخلاص العبر وليس لإشعال الفتن"، موضحا أن "قضية عاشوراء إنسانية وليست قضية شعب أو طائفة أو مذهب".

واعتبر الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان أن "عاشوراء مناسبة دينية توعوية تقصد إبراز العمق الإنساني والحضاري والتربوي"، فيما دعا قراء السيرة الحسينية إلى "استقاء معلوماتهم من المصادر الإسلامية المعتبرة"، لافتا إلى أن "قضية الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، فكرية أخلاقية هدفها صلاح الإنسان وثقافة الحياة وليس القتل وسفك الدماء".

وفيما يتعلق بالعادات التي تمارس خلال إحياء ذكرى عاشوراء، أفاد العلامة الحسيني بأن "المرجع الشيعي اللبناني سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله، أفتى بعدم جواز التطبير، "ضرب الرؤوس"، لكونه من موارد الإضرار بالنفس"، مؤكداً أن "قتل النفس أو إيذاءها يعد قتلا ثانيا للإمام الحسين الذي استشهد في سبيل جعل الإسلام أسلوب حياة".

ورأى الحسيني أن "ولاية الفقيه" نظرية خرج بها مؤسس الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني لأهداف سياسية تتعلق بإيران"، موضحا أن "الخميني استخدم التحريض المذهبي للسيطرة على بلادنا بإشعال الفتن والحروب".

ورأى أن "قتال الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله في سوريا بجانب الظالم يتناقض مع دعوة الإمام الحسين لنصرة المظلوم".

ووجه العلامة الحسيني في حواره مجموعة من الرسائل للشيعة العرب بوجه العام، ولشيعة البحرين بوجه خاص، حيث أكد أن "الواجب الشرعي يقتضي من الشيعة العرب طاعة أولي الأمر في بلادهم"، مضيفا أنه "جدير بالشيعة العرب أن يكونوا صمام أمان لبلادهم يحمونها في مواجهة التدخلات الإيرانية".

وشدد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان على أن "شيعة البحرين أصيلون عروبيون ملتزمون بدينهم وبعروبتهم وبحبهم لوطنهم"، مضيفا أن "أمن البحرين والحفاظ عليه واجب شرعي لأنها الحضن والمرجع ومسقط الرأس".

واستنكر العلامة الحسيني اعتداء السلطات الإيرانية واعتقالها لفضيلة الشيخ محمد ملا أحمد حسن علي التوبلاني، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين، خلال زيارته إلى مدينة مشهد مؤخرا، قاصدا زيارة مقام الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، ضمن إحدى الحملات البحرينية"، مؤكدا أن "الاعتداء على الشيخ التوبلاني واعتقاله في إيران انتهاك صارخ للقيم الأخلاقية".

وأضاف أن "إيران تستهدف أي عالم دين متمسك بعروبته ودينه وشيعيته البعيدة عن بدعة "ولاية الفقيه""، مشيرا إلى أن "النظام الإيراني يلاحق ويضطهد كل رجل دين يرفض الفتنة والعنف والتطرف".

وأبدى العلامة الحسيني استغرابه من دعوات إيران لتدويل الحج في الوقت الذي لا تستطيع فيه حماية زوار العتبات المقدسة، مشددا على أنه "لو أن إيران قائمة على شؤون الحج لخربته وجعلته فخا لاصطياد معارضيها شيعة وسنة على حد سواء".

وتطرق العلامة الحسيني إلى الانتخابات النيابية المقرر انعقادها في البحرين في 24 نوفمبر المقبل، داعياً "البحرينيين للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي الهام الذي يتوفر فيه كل عناصر النجاح"، مؤكدا أن "دعوات المقاطعة مفضوحة ومشبوهة".

وفيما يتعلق بمواجهة العرب للتدخلات الإيرانية في شؤونهم الداخلية، أوضح العلامة الحسيني أن "ذلك يتم شعبيا وسياسيا وعسكريا، سواء ما قام به العراقيون مؤخرا حينما أحرقوا مقر القنصلية الإيرانية في البصرة جنوب البلاد، والتي تعد رمز التدخل السافر في شؤونهم الداخلية"، مضيفا أن "التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن "إعادة الأمل" بقيادة المملكة العربية السعودية، يسحق الانقلاب الحوثي بوصفه راس حربة التدخل الإيراني في اليمن".

ورأى العلامة الحسيني أن ""حزب الله" يواجه ظروفا صعبة" مشيرا إلى انه "في مأزق كبير ووضعه هش للغاية داخليا وخارجيا لاسيما مع بدء المرافعات النهائية في المحكمة الدولية في لاهاي بهولندا بشأن محاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، خاصة وأن المتهمين المتورطين في عملية الاغتيال ينتمون إلى الحزب". وإلى نص الحوار:

عاشوراء قضية إنسانية

- ما رأيكم في محاولات البعض تسييس ذكرى عاشوراء؟

- لطالما أحيا الشيعة ذكرى عاشوراء بخشوع وحزن، وعبروا عن عاطفتهم برصانة واحترام، قبل أن تدخل جهات مشبوهة ودول هذه المناسبة في إطار الحملات السياسية والدعوات التحريضية على أساس مذهبي غير عربي، لبث التفرقة في الأمة الإسلامية، وإشعال الفتنة بين أبنائها، خدمة لأهداف مشبوهة، داخلية وخارجية. قلنا ونكرر دائما أن ذكرى عاشوراء هي للتأمل واستخلاص العبر، وليس لإشعال الفتن.

إن قضية عاشوراء هي قضية إنسانية، وهي بالتأكيد ليست قضية شعب أو طائفة أو مذهب، ولا يجوز أن يحولها البعض إلى منبر إعلامي سياسي لتحقيق غايات سياسية ومصالح حزبية وفئوية.

الحسين والوحدة الإسلامية

- عاشوراء مناسبة دينية كبيرة لكن البعض يحاول أن يستخدم اسم الإمام الحسين من أجل شق الصف والدعوة للعنف بذريعة أن "الحسين كان ثائراً"، ما رأيكم في ذلك؟

- الإمام الحسين "ع" لم يخرج مقاتلاً يحمل سيفاً يريد أن يقاتل به الناس، كان كجده رسول الله "ص"، حمل القرآن بيده، ليتلو على الناس آياته، وليعلمهم كيف يتدبرونها. ومن يجعل القرآن نبراسه وأساس دعوته، هو داع إلى الوحدة الإسلامية وليس عاملا على شق الصف، وليس محرضا على العنف.

لقد قالها الإمام الحسين بوضوح: "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي" فهو لم يتحدث عن عائلة أو منطقة أو طائفة أو مذهب، إنما تحدث عن الأمة كلها.

مناسبة دينية توعوية

- من وجهة نظركم.. ما الطريقة المثلى لإحياء ذكرى عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين؟

- الطريقة المثلى لإحياء عاشوراء تنبع من فهمها على حقيقتها بما هي مناسبة دينية توعوية تقصد إبراز عمقها الإنساني والحضاري والتربوي بما يخدم ما ضحى من اجله الحسين وليس العكس أو النقيض من ذلك. إن قضية الحسين هي أولا وأخيرا قضية فكرية - أخلاقية، هدفها إرشاد الإنسان وصلاحه أي ثقافة الحياة وليس قتله وسفك دمه. من هنا ينبغي على قراء السيرة الحسينية استقاء معلوماتهم من المصادر الإسلامية المعتبرة، والكف عن الاستقاء من الأحلام والقصص الخيالية التي تسيء إلى سمعة المنبر الحسيني، وتظهره أنه وسيلة إعلامية هزيلة، لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذهني والثقافي للمستمعين، فالأساس هو القرآن والسنة المعتبرة والأحداث التاريخية الثابتة.

عدم جواز "التطبير"

- العلامة السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله، والعلامة الشيخ محمد جواد مغنية لهما آراء وفتاوى حاسمة في محاولة إيذاء الجسد وتشويه الاحتفال بذكرى عاشوراء.. هل لنا أن نتطرق إلى تلك الفتاوى؟

- لقد أفتى السيد فضل الله بعدم جواز التطبير "ضرب الرؤوس" لكونه من موارد الإضرار بالنفس. وقال: لقد أفتينا فتوى قاطعة بحرمة التطبير وضرب الزنجير مع السكاكين، أولاً: من جهة أنه إضرار بالجسد، والإضرار بالجسد حرام حتى في عاشوراء بمناسبة الاحتفال بالإمام الحسين "ع" وهذا الإضرار ليس من الشعائر، لأنه لم يرد فيها أي نصّ من النبي "ص" أو الإمام "ع" كما ذكره السيد الخوئي رحمه الله، وثانياً: لأنه يؤدي إلى هتك حرمة المذهب الشيعي وأهله كما أن المواساة لأهل البيت "ع" لا تتحقق بذلك.

أما العلامة الشيخ محمد جواد مغنية فقال: إنّ العادات والتقاليد المتّبعة عند العوام لا يصحّ أن تكون مصدراً للعقيدة، لأنّ الكثير منها لا يقرّه الدين الذي ينتمون إليه حتى ولو أيّدها وساندها شيوخ يتّسمون بسمة الدين، ومنها ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وإيران من لبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم. فإنّ هذه العادة بدعة في الدين والمذهب وقد أحلّها لأنفسهم البعض دون أن يأذن بها إمام أو عالم كبير.

الإسلام أسلوب حياة

- رجال دين ومفكرون يعتبرون أن مسألة "التطبير" في عاشوراء تمثل قتلاً للإمام الحسين مرتين.. إلى أي مدى تتفقون مع هذا الطرح؟

- نؤيد هذا الكلام مطلقا لأن قتل النفس أو إيذاءها هو قتل ثان للإمام الحسين الذي استشهد في سبيل جعل الإسلام أسلوب حياة، فيحيا الإنسان سليما معافى، جسديا وفكريا، ولا يكون معذبا أو مقتولا.

التطبير بدعة، والبدع تفتك بالإسلام الذي عاش واستشهد من أجله الإمام الحسين، ومن ينسبون البدع إلى الإمام، أو يربطونها بذكرى استشهاده، فإنما ينحرونه مرة أخرى من حيث يدرون أو لا يدرون.

الخميني و"ولاية الفقيه"

- كيف استطاعت "ولاية الفقيه" استغلال ذكرى عاشوراء لتأخذ منحى سياسياً يبعدها عن مبدأ الإمام الحسين وقضيته الأساسية؟

- "ولاية الفقيه" الإيراني تسخر المذهب الشيعي كله لخدمتها، وليس فقط مناسبة عاشوراء، فهي تزعم إنها الوصية على المذهب واتباعه، علما أنها هي في الأساس بدعة ومجرد نظرية خرج بها الخميني لأهداف سياسية تتعلق ببلده إيران.

لطالما كان للامبراطورية الفارسية أطماع في بلادنا العربية قبل قيام حكم الخميني وحتى قبل تحولها إلى المذهب الشيعي، وفي كل مرحلة من تاريخها كانت وسائل التدخل في شؤوننا تختلف وتتنوع. وقد وجد الخميني الطريق الأكثر فعالية للسيطرة على بلادنا من خلال إشعال الفتن والحروب وشقها وإضعافها. وهو طريق التحريض المذهبي، مستغلا وجود الكثير من الشيعة العرب.

وعاشوراء منبر مطواع لمن يريد ممارسة التحريض، إذ يكون الشيعة خلالها في حالة من الحزن الذي يسهل تحويله إلى غضب. ومن أجل ذلك يبتعد المحرض عن الرواية الحقيقية لواقعة كربلاء، ويذهب إلى نسج قصص خيالية دموية تجيش العواطف وتحرك الغرائز وتعطل العقل.

ومن الأمثلة الخطيرة على استغلال المناسبة خطاب ألقاه حسن نصرالله في العاشر من محرم قبل أعوام، وربط فيه كل حركته السياسية والعسكرية، وهو المعروف بأنه هو وحزبه صنيعة إيرانية، ربطها بحركة الإمام الحسين، معتبرا أنه يقاتل في سوريا منعا لسبي زينب مرة ثانية، وهذا باطل، والحقيقة أن قتاله في سوريا إلى جانب الظالم هو عكس الدعوة الحسينية لنصرة المظلوم.

كما يجري استغلال المناسبة من قبل جماعات إيران في العراق والبحرين واليمن وسوريا وحتى في تركيا، على عكس ما يدعو إليه علماء هذه البلاد.

طاعة أولي الأمر

- ما الرسالة التي توجهونها إلى شيعة العرب في ذكرى استشهاد الإمام الحسين؟

- دعوتنا الدائمة للشيعة العرب في أيام عاشوراء وعلى مدار العام أن تكون كل حركتهم نابعة من أصالتهم، فهم عرب قبل أن يكونوا مسلمين، وهم مسلمون أولا وأخيرا، وينبغي ألا يكون انتمائهم إلى أحد المذاهب الإسلامية سببا للتفرقة أو للفتنة بل يجب أن يكون مصدر غنى وتنوع في ديننا الحنيف.

وعلى الصعيد السياسي، الواجب الشرعي يقتضي من الشيعة العرب طاعة أولي الأمر في بلادهم التي ينتمون إليها، ويشكلون مكونا هاما من مكوناتها ومن نسيجها الوطني. ويجدر بالشيعة العرب أينما وجدوا أن يكونوا صمام أمان لبلادهم، يحمونها ويدافعون عنها في مواجهة التدخلات الخارجية، خصوصا الإيرانية.

شيعة البحرين عروبيون

- ماذا تقولون لشيعة البحرين في ذكرى عاشوراء الحسين؟

- ما نقوله للشيعة العرب ينطبق بالتأكيد على شيعة البحرين، فأمن المملكة والحفاظ عليه واجب شرعي، فهي الحضن وهي المرجع وهي مسقط الرأس. والانضواء تحت مظلة الدولة هو السبيل الوحيد للعيش بكرامة، فالمشاريع الخارجية تريدهم وقودا لا أكثر، وقد شهدنا بأم العين كيف يعيش الهاربون من بلادهم كلاجئين إلى إيران، أذلاء وتعساء، فمن يبيع بلاده لن تكرمه بلاد أخرى بل ستعامله معاملة العبيد.

ولمناسبة عاشوراء أشدد على شيعة البحرين أن ينتبهوا جيدا إلى مجالس العزاء، فلا يسمحون للموتورين بجعلها مناسبة سياسية تحريضية، وأن يتحلوا بأعلى درجات اليقظة من محاولات التخريب والإرهاب، لاسيما وأن السلطات اعتقلت قبل أيام قليلة من أول محرم مجموعة من الإيرانيين الذين حاولوا الدخول خلسة. فهل هي مصادفة أن ترسل طهران مجموعة سرية في هذا التوقيت بالذات؟

إن شيعة البحرين كما أعرفهم أصيلون عروبيون ملتزمون بدينهم وعروبتهم وبحبهم لوطنهم، ولن تنجح محاولات قلة قليلة في صرفهم عن جادة الصواب، وتأخذهم إلى أجندات خارجية مشبوهة.

اضطهاد إيران لرجال الدين

- ما رأيكم في اعتقال السلطات الإيرانية للشيخ التوبلاني؟

- ما يقال في اعتقال السلطات الإيرانية للشيخ التوبلاني أنه عمل مراق يتنافى مع الشريعة الإسلامية، ويناقض المبادىء الإسلامية الأصلية، كما يتحدى قوانين وتشريعات حقوق الإنسان، التي تضمن الحريات الإنسانية والشخصية والعقائدية، والتي أكدت عليها مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية وقبلها ما جاء في القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

ومن ناحية ثانية فان الاعتداء على الشيخ التوبلاني ثم اعتقاله أثناء وجوده في مدينة مشهد الإيرانية هو اعتداء على البحرين وشعبها، وانتهاك صارخ للقيم الأخلاقية، فمن واجب الحكومة الإيرانية تأمين الرعاية والسلامة لكل من يصل إلى أراضيها علنا وبصورة قانونية، وليس على طريق الاستخبارات الإيرانية التي ترسل عملائها للدخول إلى البلاد العربية خلسة بهدف التخريب. وهنا نود التذكير بكل الدعاية الإيرانية الكاذبة حول تقصير سعودي مزعوم في خدمة ضيوف الرحمن، فهل إيران التي تعتقل وتعتدي على زوارها هي المثال؟ فلو كانت هذه الدولة هي القيمة على شؤون الحج لخربته وجعلته فخا لاصطياد معارضيها من شيعة وسنة.

أخيرا فان هذا الاعتقال يؤكد أن الحكم الإيراني يلاحق ويضطهد كل رجل دين يرفض الفتنة والعنف والتطرف، وكل داعية منفتح على كل الأديان والمذاهب والثقافات الأخرى، كما أنها تستهدف بشكل خاص أي عالم ين أو شيخ عربي متمسك بعروبته ودينه وشيعيته البعيدة كل البعد عن بدعة "ولاية الفقيه" ونفوذ القائلين بها، ورافض بالمطلق لان يكون أداةً من أدواتها التوسعية والإرهابية.

الانتخاب واجب

- هناك دعوات تطلقها جماعات راديكالية من أجل مقاطعة الانتخابات النيابية في البحرين.. ما رأيكم في ذلك؟ وماهي رسالتكم للبحرينيين في هذا الشأن؟

- هذه الدعوات مرفوضة شكلا ومضمونا لأنها بكل بساطة دعوة إلى الخراب، من حيث الشكل، الدولة في أي بلد في العالم هي الضمان الوحيد لانتظام الحياة العامة، سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا، والانتخابات هي وسيلة ديمقراطية لتجديد الحياة في شرايين الدولة، وعدم إجرائها هو دعوة صريحة إلى إسقاط الدولة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال، العمل على نسف الانتخابات من أساسها، أو مقاطعتها بهدف الزعم لاحقا أنها غير شرعية.

لا يمكن لأي مواطن في أي دولة كان، وخصوصا في بلادنا العربية، وتحديدا في مملكة البحرين، أن يذهب بهذا الاتجاه التخريبي لأسباب وطنية، بل العكس هو الصحيح، فدعوة المقاطعة مشبوهة لا بل مفضوحة بانها بإيحاء خارجي، لأن الانتخابات هي دعوة للشعب كي يعبر عن نفسه، ورفض هذا التعبير يعني أن فئة ما تريد فرض رأيها، وهي المعروفة أنها لا تملك قرارها، وإنما تعمل بقرار خارجي لا يريد الخير للبحرين ولبلادنا العربية.

بالمقابل نحن ندعو جميع مواطني البحرين للمشاركة بفعالية وحماس بهذه الانتخابات التي يتوفر فيها كل عناصر النجاح والدعوة لمشاركة الجميع فيها، وبالتالي لا صحة لما يزعمه البعض من أنها انتخاب الحكم. فالمقصود بهذه الأكاذيب التحريض الرخيص وتشويه سمعة المملكة داخليا وخارجيا.

مواجهة تدخلات إيران

- في رأيكم.. كيف يمكن مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة وسعي طهران لإلحاق الضرر بالشيعة العرب؟

- بالتأكيد يمكن التصدي للتدخلات الإيرانية في بلادنا العربية، وهذا ما يجري ويتم حاليا بالفعل، فمن جهة ثمة عين ساهرة على حدودنا وتخومنا من اجل التصدي لمحاولات الاختراق العسكري والأمني، وآخر مثال على ذلك ضبط مجموعة من الإيرانيين المتسللين خلسة إلى البحرين بجوازات سفر مزورة. وعسكريا فان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن "إعادة الأمل" بقيادة المملكة العربية السعودية يحقق نجاحات هامة في سحق الانقلاب الحوثي في اليمن بوصفه راس حربة التدخل الإيراني في هذا البلد.

سياسيا وشعبيا، لقد تصدى العراقيون عبر الانتخابات بداية، واليوم عبر الانتفاضة في البصرة وغيرها، للتغلغل الإيراني في بلدهم، وهم يحققون نجاحات مهمة، وقد شهدنا كيف احرقوا القنصلية الإيرانية رمز التدخل السافر في الشؤون الداخلية العراقية، كما أحرقوا مقرات الأذرع العسكرية الإيرانية في ميليشيا الحشد المذهبي.

هذه نماذج حية من أساليب التصدي للتغلغل الإيراني يمكن تعميمها في كل مكان، وإذا كان لسوريا وضعها الخاص بسبب التدخلات الدولية الروسية والأمريكية والتركية والإقليمية، فان لبنان مثلا يمكن أن يقتدي بالنموذج العراقي وخصوصا أن الذراع الإيرانية هناك، أي "حزب الله"، في مأزق كبير اليوم بسبب خسائره في سوريا وسيف المحكمة الدولية المصلت فوق رأسه والتهديدات الإسرائيلية، عدا عن النقمة الشعبية اللبنانية العارمة عليه، ما يجعله في وضع هش للغاية، على عكس ما يبدو.