* محللون لـ "الوطن": انتخاب رئيس البرلمان ونوابه جرى بالمحاصصة

* ائتلاف "النصر": العبادي أقوى المرشحين لتولي رئاسة الحكومة

* "سائرون": انتخاب الحلبوسي لم يخل من ضغوط خارجية



بغداد - وسام سعد، (وكالات)

أعلن رئيس تحالف الفتح في البرلمان العراقي "المؤلف من شخصيات من الحشد موالية لإيران"، هادي العامري، خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، انسحابه من الترشح لرئاسة الحكومة العراقية، فيما اثار انتخاب رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي ردود فعل متباينة لدى الكتل السياسية. فقد اتهم النائب عن ائتلاف النصر المرشح الخاسر لمنصب رئاسة البرلمان العراقي خالد العبيدي تحالف المحور الذي يضم الكتل السنية بشراء منصب رئاسة المجلس للنائب الفائز به محمد الحلبوسي بـ30 مليون دولار أمريكي.

في الوقت ذاته، أكد ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي أنه "الأوفر حظاً بتولي رئاسة الحكومة لولاية ثانية".

وأعرب العامري عن أمله بتسريع مسألة انتخاب رئيس للجمهورية وللحكومة. كما تحدث عن سعي لترشيح مرشح توافقي دون أن يذكر أي اسم.

واعتبر أن كل ما يشاع حول أسماء شخصيات لتسلم حقائب وزارية مجرد أكاذيب، بحسب وصفه.

وفي رد على سؤال حول التنازلات التي قدمها فريقه "الشيعة في العراق"، أكد أن "الشيعة لم يتنازلوا في ما يتعلق بمركز رئيس الوزراء"، مذكراً بأن "العرف في البلاد يقضي بتوزيع المراكز الثلاث الأولى بين المكونات العراقية المختلفة".

في المقابل، يبدو أن حظوظ عادل عبد المهدي ارتفعت، مع إعلان انسحاب العامري.

وكانت مصادر سياسية مقربة من مشاورات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، كشفت أن توافقاً حصل بين أغلب التحالفات السياسية لتكليف عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، لمنصب رئيس الوزراء.

وأشارت المصادر إلى أن "عبد المهدي" تمكّن من عبور فيتو "السيستاني" وقد يعلن اسمه رسمياً بعد تحديد الكتلة الأكبر من قبل المحكمة الاتحادية. إلى ذلك أفادت مصادر من محافظة النجف، بأن اجتماعات تجرى على مستوى عال من القيادات، لبحث تسمية رئيس الوزراء، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

في الوقت ذاته، أثار انتخاب رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي ردود فعل متباينة لدى الكتل السياسية. فقد اتهم النائب عن ائتلاف النصر المرشح الخاسر لمنصب رئاسة البرلمان العراقي خالد العبيدي تحالف المحور الذي يضم الكتل السنية بشراء منصب رئاسة المجلس للنائب الفائز به محمد الحلبوسي بـ30 مليون دولار أمريكي. من جانبه، رأى تحالف "سائرون" بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن "انتخاب الحلبوسي لم يخل من ضغوط خارجية".

وانتخب البرلمان العراقي السبت لقيادته مرشحين مدعومين من التحالف المقرب من إيران، ما يؤكد أن الائتلاف بات في موقع يؤهله تشكيل الحكومة المقبلة إلى جانب الصدر.

وانتخب النواب الذين وصلوا إلى البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 مايو الماضي، محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي، رئيسا لمجلس النواب، وكان مدعوما من تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري المقرب من إيران.

وبعيد ذلك، انتخب المجلس نائبا أولا للحلبوسي، هو حسن كريم، مرشح ائتلاف "سائرون"، والقائمقام السابق لمدينة الصدر.

وبعد 9 أشهر من إعلان "النصر" على تنظيم الدولة "داعش"، وفي خضم أزمة اجتماعية وصحية، استأنف العراق السبت الماضي عملية تجديد قياداته التي انطلقت في انتخابات مايو، في ما يبدو خطوة أولى في اتجاه تشكيل حكومة جديدة، بعد شلل سياسي لأكثر من أربعة أشهر.

وصرح العبيدي على منصات التواصل الاجتماعي قائلاً "لتفرح العائلة الفاسدة ببضاعتها التي اشترتها بـ 30 مليون دولار كما يقال".

وأضاف العبيدي "ليفرح الفاسدون الذين بدأوا يتبادلون التهاني وللعراق والعراقيين اقول لكم الله فهو خير معين".

من جهته، قال رئيس تحالف المحور خميس الخنجر أن "فوز شاب عراقي برئاسة مجلس النواب تطور مهم يعطي رسالة حازمة للسياسيين السابقين أن عليهم الرحيل وإفساح المجال للجيل الجديد".

وتداولت وسائل إعلام محلية أنباء مفادها بأن انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي مخالفة قانونية على اعتبار أنه لم يكون قد أتم الأربعين من عمره فعلاً وهناك قانون ينص على أنه يجب على عضو هيئة الرئاسة قد تم الأربعين من عمره.

وقال النائب السابق عبد الرحمن اللويزي في تعليق على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "لي أطلاع بسيط على القوانين الخاصة بمجلس النواب، وأنا في حيرة من أمري عن الحديث الذي يتداوله بعض الناس عن أن رئيس مجلس النواب يجب أن يكون قد أتم الأربعين من عمره، وقد عدت إلى مراجعة كل تلك القوانين فلم أجد هذا الشرط مطلوباً، إذ إن رئيس المجلس ونوابه يشترط فيهم ما يشترط في عضو مجلس النواب ولا يوجد أي شرط إضافي، وقد بحثت فيما يستند إليه القائلون بذلك الشرط، مع العرض أني هنا أناقش مسالة قانونية من واجبنا الإحاطة بها ومعرفة كنهها بغض النظر عن شخص رئيس المجلس الذي تم أنتخابه، وقد توصلت في بحثي إلى أن هذا الاشتباه والخطأ وقع فيه البعض بسبب عدم تفريقهم بين تعبير عضو مجلس الرئاسة الذي ورد في الدستور العراقي وتعبير آخر شائع هو عضو هيئة الرئاسة الذي نص عليه قانون التعديل الأول لقانون استبدال الأعضاء رقم "49" لسنة 2007، فأعضاء هيئة رئاسة المجلس هم رئيس المجلس ونائبيه أما أعضاء مجلس الرئاسة الذين اشترط الدستور أن يكونوا قد أتموا سن الأربعين فهم رئيس الجمهورية ونائبيه، لذلك فلا يشترط في الدستور فضلاً عن القانون في رئيس مجلس النواب أن يكون قد أتم الأربعين من عمره كما ذكر ذلك البعض".

من جانبه، أكد الخبير القانوني طارق حرب أن "عمر رئيس البرلمان المنتخب محمد الحلبوسي يزيد 7 سنوات عما مطلوب قانوناً"، لافتاً إلى أن "الدستور لم يحدد عمر رئيس مجلس النواب".

وقال حرب في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن الدستور قرر عمر الأربعين سنة لرئيس الجمهورية على وفق المادة "68" من الدستور وقرر الدستور عمر الخامسة والثلاثين لرئيس مجلس الوزراء طبقاً للمادة "77" من الدستور الفقرة أولاً وعمر النائب للوزير طبقاً للفقرة ثانياً من نفس المادة وبما أن قانون انتخابات مجلس النواب قرر الثلاثين عمراً للنائب فأن عمر الوزير طبقاً لذلك ثلاثون سنة.

وأضاف أن الدستور لم يحدد عمر رئيس مجلس النواب كما حدد عمر رئيس الجمهورية وعمر رئيس الوزراء والوزراء وحيث إن المادة "55" من الدستور قررت انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه فقط ويكون الرئيس ونائبيه من أعضاء مجلس النواب وأن شروط النائب هي شروط المرشح في الانتخابات البرلمانية وهي 30 سنة كما ورد في قانون الانتخابات فان ذلك يعني أن عمر رئيس البرلمان ونائبيه هي نفس شروط العضوية في البرلمان المحددة في قانون الانتخابات رقم "45" لسنة 2013 وهو 30 سنة وهو السن المقرر لعضو البرلمان ولأن رئيس البرلمان يجب أن يكون من أعضائه ويشترط فيه ما يشترط في العضو ولعدم تحديد سنة في الدستور وفي أي قانون آخر.

وتابع أن ما ورد في المادة "138" من الدستور فإنها حددت شروط مجلس الرئاسة وليس رئيس وأعضاء مجلس النواب إذ أن مجلس الرئاسة شيء ومجلس النواب شيء آخر، والمادة المذكورة حددت مجلس الرئاسة بدورة واحدة هي الدورة الانتخابية لسنة 2006 حيث كان جلال الطالباني وعادل عبد المهدي وطارق الهاشمي يشكلون مجلس الرئاسة الذي اكمل الدورة الأولى من سنة 2006 الى سنة 2010 وانتهى وتم العمل بنظام رئيس الجمهورية طبقاً للمادة المذكورة.

وأشار الخبير القانوني إلى أن عمر الحلبوسي موافق للدستور والقانون لا بل يزيد سبع سنوات عن العمر المطلوب لأنه من مواليد 1981 والمطلوب 30 سنة فقط.

وأكد النائب عن ائتلاف دولة القانون كاظم الصيادي أن ما حصل في جلسة البرلمان جريمة ومسرحية لترسيخ المحاصصة.

وقال الصيادي في مؤتمر صحافي عقده في الدائرة الإعلامية لمجلس النواب إن جميع الكتل تتحدث عن الفضاء الوطني وتجاوز المحاصصة والتوافقية لكن ما حصل هو ترسيخ للمحاصصة والتوافقية واستمرار لسيناريو المحاصصة دون أن نعرف من كتب السيناريو مؤكداً أن ما يحصل هو جريمة ترتكب بحق الشعب وهي مسرحية ستستمر ولن نعرف كاتبها وللأسف.

واعتبر المحلل السياسي فراس مرتضى أن ما جرى من انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان جرى وفق نظام المحاصصة وليس وفق الأغلبية السياسية أو الأغلبية الوطنية التي نادت بها الكتل في وقت سابق.

وقال مرتضى لـ "الوطن"، "إنه حتى الآن لم تتبين ما هي الكتلة الأكبر ولن تتبين تلك الكتلة إلا بعد إعلانها من قبل رئيس المجلس وتكليفها باختيار شخصية رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة".

وأضاف أن "الكرد هم من أعطوا كفة الميل باتجاه اختيارالحلبوسي لرئاسة البرلمان"، لافتاً إلى أن "اختيار رئيس البرلمان عن المكون السني وحصر رئاسة الجمهورية بالكرد ورئاسة الوزراء من حصة الشيعة أرجع المشهد السياسي إلى المربع الأول معرباً عن أمله بأن لا يكون تشكيل الحكومة وفق نظام المحاصصة على غرار ما حصل لكنه رجح بان تسير الأمور وفق نطاق المحاصصة.

واعتبر مرتضى هتاف النائبة ماجدة التميمي بعد اختيار الحلبوسي لرئاسة البرلمان بان العراق قد بيع وما سبقتها من اتهامات للحلبوسي يؤشر لوجود صفقات حدثت وأن السكوت على هذا الموضوع لا يبشر بخير وينبه بأن هناك صفقات قد تجري بالأفق وتمرر بعد ذلك سيما في ظل الأوضاع الجارية في العراق، حسب قوله.

وأكد تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم أن هيئة رئاسة مجلس النواب الجديد شكلت وفق نظام المحاصصة المعمولة به طيلة السنوات الماضية.

وقال النائب عن التيار علي البديري في بيان صحافي تلقت الوطن نسخة منه إنما جرى في مجلس النواب هو تقاسم السلطة والمناصب وفق نظام المحاصصة بين القوى الكبيرة المسيطرة على البرلمان في انتخاب هيئة الرئاسة تم وفق المحاصصة هذه حصة فلان وهذا حصة فلان، ولم يتغير أي شيء إطلاقاً، فالمحاصصة باقية.

وأضاف البديري أن تقاسم هيئة الرئاسة بين قوى سياسية معينة يدل على أن هناك أيضاً على تقاسم الوزارات والمناصب الأخرى كالهيئات المستقلة بل وحتى وكلاء الوزارات والمدراء العاميين.

وأوضح تحالف سائرون أن فوز مرشح تحالف البناء محمد الحلبوسي بمنصب رئيس مجلس النواب لا يعني أن التحالف هو الكتلة الأكبر نيابيا، مشيراً إلى أن قوى كردستانية وأخرى من خارج تحالف البناء صوتت لصالح الحلبوسي.

وقال النائب عن التحالف جواد الموسوي في تصريح صحافي إن التصريحات التي اطلقها نواب تحالف البناء بأن فوز النائب محمد الحلبوسي بمنصب رئيس مجلس النواب تأكيد على انهم الكتلة الأكبر أمر خاطئ وأنه مجرد تسويق إعلامي لا غير مبيناً أن تحالف الإصلاح والإعمار لا يزال هو الكتلة الأكبر.

وأضاف الموسوي أن فوز الحلبوسي لم يكن بأصوات تحالف البناء وإنما كان بأصوات القوى الكردستانية وقوى أخرى من خارج التحالف، مشيراً إلى أن انتخاب الحلبوسي لم يخل من ضغوطات خارجية.

من جانبه، أكد ائتلاف النصر أن رئيسه حيدر العبادي مازال مرشحه الأقوى والأوفر حظاً لمنصب رئيس الوزراء فيما بين أن المرجعية الدينية دعت إلى العودة لمن يتمتع بالحكمة والخبرة في الإصلاح.

وقال عضو ائتلاف النصر حسن السنيد في بيان صحفي تلقت "الوطن" نسخة منه "قياساً بالمنجز الذي حققه حيدر العبادي بالانتصار على تنظيم داعش وإنهاء الطائفية ووقف الانهيار الاقتصادي واحباط مشاريع تقسيم العراق فضلاً عن النجاح الكبير في بناء علاقات عربية وإقليمية ودولية لكل هذا نجد أن العبادي مازال المرشح الأقوى والأوفر حظاً في تسلم منصب رئيس الوزراء".

وأضاف السنيد أنه "المرشح الأوفر خصوصا بعد حديث المرجعية في الجمعة الأخيرة التي أشارت إلى ضرورة العودة لمن يتمتع بالحكمة والخبرة في الإصلاح"، مؤكداً "نحن في النصر مازال العبادي مرشحنا لرئاسة الوزراء".

من جهة ثانية، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية على موقعها الإلكتروني أن طهران "تدعم خيارات" الشعب العراقي بعد انتخاب رئيس جديد للبرلمان العراقية يدعمه النواب المؤيدون لإيران.

وكتبت الوزارة أن إيران "تدعم على الدوام الديمقراطية وسلامة الأراضي والسيادة الوطنية وخيارات أعضاء مجلس النواب في العراق".

وأضافت أن "اختار رئيس البرلمان يشكل خطوة مهمة وضرورة باتجاه تشكيل الحكومة الجددة في العراق".

وكان البرلمان العراقي انتخب السبت لقيادته مرشحين مدعومين من التحالف المقرب من إيران.

وانتخب النواب الذين وصلوا إلى البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 مايو الماضي محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي، رئيساً لمجلس النواب وحسن كريم نائباً أول لرئيس المجلس.

والحلبوسي مدعوم من تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري المقرب من إيران، بينما كريم هو مرشح ائتلاف "سائرون" والقائمقام السابق لمدينة الصدر.

وبعد 9 أشهر من إعلان "النصر" على تنظيم الدولة "داعش"، وفي خضم أزمة اجتماعية وصحية، استأنف العراق عملية تجديد قياداته التي انطلقت في انتخابات مايو، في ما يبدو خطوة أولى في اتجاه تشكيل حكومة جديدة، بعد شلل سياسي لأكثر من أربعة أشهر.