عماد المختار

تمثل ترشيحات البحرين لعضوية لجان متخصصة في المخدرات والقانون التجاري الدولي، والمجلس التنفيذي للطفولة بالأمم المتحدة حدثا سياسيا لافتا، يثبت رؤية واضحة واستراتيجية متطورة، تؤمن بأهمية بالعمل المؤسساتي المشترك محليا وإقليميا وعالميا، ويؤكد إرادة سياسية لا في الحضور الفاعل بالمحافل الدولية واللجان الأممية فحسب، وإنما في المشاركة بتجارب المملكة ومبادراتها والوفاء بتعهدات طوعية تقدمت بها مملكة البحرين لعضوية اللجان التابعة للأمم المتحدة في سبيل نشر الثقافة الحقوقية والتوعية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ليس على المستوى الوطني فقط، وإنما على المستوى الإقليمي والدولي. ولفت مساعد وزير الخارجية البحريني عبدالله الدوسرى إلى أن الوقت قد أصبح مناسبا للعمل على مستوى متعدد الأطراف والمشاركة بتجارب المملكة ومبادراتها في تطوير حقوق الإنسان وتعزيز الآليات الوطنية والإنجازات والمبادرات الكثيرة والعمل معا من أجل شراكة طويلة تعمل لترسيخ هذه المبادرات والقيم السامية على كافة المستويات الدولية.

وكان مجلس جامعة الدول العربية أكد على المستوى الوزاري في دورته العادية (150)، التي شارك فيها وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وعقدت مؤخرا بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، دعمه لترشيحات مملكة البحرين لمناصب بالأمم المتحدة وعضوية لجانها المتخصصة، وهي عضوية لجنة المخدرات التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للفترة من 2020 إلى 2022، وعضوية لجنة القانون التجاري الدولي للفترة 2020 إلى 2025، وعضوية لجنة المجلس التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة للفترة 2020 إلى 2022.

وأعلنت البحرين في وقت سابق ترشحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة للفترة من عام 2019 إلى 2021، وهو ترشح قوي وجد بدوره دعما من مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري ولاقى تزكية من مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ فب الأمم المتحدة، المزمع إجراء انتخاباته في شهر أكتوبر 2018 بنيويورك.

كما سبق للبحرين الترشح في السنوات السابقة إلى عضوية مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات وعضوية اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، وعضوية اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك ترشيح مملكة البحرين لكل من لجنة البرنامج الدولي لتنمية الاتصال، ولجنة برنامج المعلومات للجميع.

ثقة دولية متزايدة

يذكر أن البحرين دفعت بالمرأة البحرينية كأول رئيسة عربية ومسلمة للجمعية العامة للأمم المتحدة العام 2006، ونالت عضوية لجنة وضع المرأة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة والمجلس التنفيذي التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة (2019/2017)، ولجنة وضع المرأة الـ CSW للفترة (2017-2021)، وهذه العضوية وصفها مساعد وزير الخارجية عبدالله الدوسري بكونها "شهادة دولية جديدة على السجل البحريني المتميز في احترام حقوق الإنسان، وتعزيز مكانة المرأة خلال العهد الإصلاحي الزاهر لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة"، لافتا "أن انتخاب البحرين لعضوية اللجان والمجالس التابعة للأمم المتحدة يعكس الثقة الدولية المتزايدة في حمايتها للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع مواطنيها دون تمييز؛ بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة، وكفالة المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع وفقًا للدستور والميثاق الوطني والقوانين والمواثيق والاتفاقات الحقوقية الدولية المنضمة إليها، لاسيما اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) في العام 2002".

ويشار إلى أن البحرين حققت إنجازًا غير مسبوقٍ في مكافحة الاتجار بالأشخاص لتحل في الفئة الأولى (TIER 1) ضمن فئات تصنيف الدول الخاص وكأول دولة شرق أوسطية، في مكافحة الاتجار بالأشخاص الذي تعلنه سنويًا وزارة الخارجية الأمريكية، وضمن هذا التقرير يتأكد أن مملكة البحرين التي حققت الالتزام الكامل بمعايير القضاء على الاتجار بالأشخاص، جديرة بالحضور الدائم في الهيئات الدولة بعد أن نالت ثقتها وطنيا في حماية الحقوق الإنسانية لكل من يعيش على أراضيها من مواطنين ومقيمين وزائرين.



وحققت مملكة البحرين خلال مشاركة وفدها في أعمال المؤتمر العام لليونسكو نتائج مشرفة في انتخابات اللجان، فبالإضافة إلى اختيارها ضمن نواب رئيس المؤتمر العام، فازت بعضوية عدد من اللجان المهمة، وهي العضوية في اللجنة الدولية للتربية البدنية والرياضة، المعنية بسياسات هذا القطاع الحيوي على الصعيد العالمي، بما في ذلك البرامج الموجهة إلى الشباب في المجال الرياضي. وأكد د. ماجد النعيمي حرص البحرين على تكثيف حضورها في اليونسكو، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية بأن يكون لمملكة البحرين تواجد فاعل في المنظمات الدولية العريقة، حيث تولي المملكة جل اهتمامها لتطوير التعليم والعلوم والثقافة، باعتبارها من الركائز الأساسية للتنمية والارتقاء بالعنصر البشري الذي هو غاية التنمية وعمادها، وأن دور البحرين على الصعيد الدولي يأتي من منطلق تعزيز علاقتها الخارجية من أجل خدمة الإنسانية، وانعكاساً لرؤيتها الحضارية وتمسكها بقيم التسامح والتعايش.

وكانت مملكة البحرين أيضا فازت برئاسة لجنة التراث العالمي لعام 2018م بعد نجاحها في نيل عضوية اللجنة خلال الاجتماع الـ21 للجمعية العامة للدول المشاركة في اتفاقية التراث العالمي لعام 1972م. وقالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: نعتز أيضًا بشراكتنا مع الجهات الرسمية المعنية بالتراث الإنساني كمنظمة اليونسكو التي تقوم بعمل استثنائي لا يقتصر على رسم الخطط والاستراتيجيات بل متابعة تنفيذها وصولًا للأهداف التي نطمح إليها جميعًا وعلى رأسها تحقيق التنمية المستدامة للعالم قبل حلول عام 2030.



نقل خبرات وطنية

ويعتبر هذا التوجه نحو ترشيحات البحرين لمناصب أممية مشاركة طوعية بخبرات وطنية، وقناعة سياسية راسخة بأهمية الدور البحريني على المستوى الدولي في تلازم المسارات الحقوقية والتنموية الاقتصادية والاجتماعية، لترسيخ قيم إنسانية محمودة تعود بالنفع في حياة الأفراد والمجتمعات البشرية، وجاء في بيان مساعد وزير الخارجية البحريني عبدالله الدوسرى، قال فيه: إن مملكة البحرين تنطلق من أساس دستوري وقانوني يعمل على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بشكل يسهم فى عملية تطور الحقوق الإنسانية فى مملكة البحرين ويحقق النماء والتطور الحضاري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي المبني على قيم سامية موروثة منذ بدء تاريخ وحضارة المملكة ونشأتها الحديثة.



حقوق الطفل

بعدما كرست البحرين اهتمامها بحقوق الطفل وحماية حقوقهم وتوفير الرعاية الصحية والنفسية وتمنحهم التغطية الاجتماعي، من خلال ما توليه المؤسسات الرسمية ممثلة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى دور المؤسسات الأهلية في تقديم مختلف الخدمات الرعائية للأطفال عبر عدد من المراكز والدور والوحدات، اتجهت نحو نقل خبراتها في هذا المجال إلى لتتعاون البحرين مع منظمات دولية خدمة لحقوق الطفل وحماية الطفولة ورعايتها، وهي التي ما فتئت تثبت حرصها على التواصل مع المنظمات الدولية المعنية بشؤونها بغية تنفيذ استراتيجياتها في تلبية لاحتياجات أطفال العالم الذين يعانون الفقر والحرمان والتشريد ويقاسون الفقر والجوع واليتم والمرض، بتقديم الرعاية الأساسية، وإغاثتهم أينما كانوا من خلال صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة.

مكافحة المخدرات

اكتسبت البحرين تجربة في مكافحة المخدرات، وتعاملت مع هذه الآفة بحزم وشدة وفق أحكام القانون، وجعلت المسؤولية مجتمعية، تضافرت لها جهود المؤسسات الحكومية والأهلية، وسنت لها القوانين الوطنية الرادعة، ووقعت لها الاتفاقيات مع الدول والمنظمات لاتخاذ التدابير الكفيلة بالتصدي لها. ومع ما حققه المشروع الوطني "معا" لمكافحة العنف والإدمان، والذي ساهم في تحقيق نتائج إيجابية ملموسة، تسعى مملكة البحرين إلى نقل مثل هذه المبادرات الناجحة إلى المحافل الدولية المعنية بمقاومة هذه الآفة، من خلال التوعية والتشريعات القانونية وتطوير نظم مستقرة ومستدامة للعدالة الجنائية ومكافحة الأخطار المتنامية الناجمة عن الجريمة المنظمة عبر الوطنية والفساد، ونشر ثقافة الشراكة المجتمعية كتجسيد حقيقي لاستراتيجية ناجعة وفاعلة في هذا الجانب يمكن أن يستفيد منها المجتمع الدولي لآفة عابرة للقارات، ومدمرة لإنسانية الإنسان.

التنمية الاقتصادية

تؤمن البحرين بأهمية التبادل التجاري وتحقيق نمو أسرع ومستويات معيشة أعلى وإتاحة فرص جديدة من خلال التجارة الدولية التي هي جزء منها، بغرض زيادة هذه الفرص على نطاق عالمي، من أجل تحقيق التنمية المستدامة المنصفة الشاملة لجميع دول العالم، والنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، وإيجاد الاستثمار وتيسير ريادة الأعمال الحرة. وفي هذا الصدد، تأتي إرادة العضوية إلى لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL) بوصفها هيئة قانونية رئيسة لمنظومة الأمم المتحدة في مجال القانون التجاري الدولي، يمكن لمملكة البحرين المشاركة بخبراتها وكفاءاتها البشرية أن تسهم صلب هذه اللجنة في إعداد النصوص القانونية في عدد من المجالات منها للذكر لا للحصر تسوية المنازعات التجارية الدولية، وممارسات العقود الدولية، والتجارة الإلكترونية.

إن قرار ترشح البحرين لعضوية اللجان الأممية المتخصصة في المخدرات، والقانون التجاري، والمجلس التنفيذي للطفولة بقدر ما يؤكد موقفا ثابتا لمملكة البحرين يعكس جهودها الدائمة وإنجازاتها المتواصلة التي تهتم بها في تأمين الاحتياجات الحياتية والإنسانية الجامعة، حقوقيا واجتماعيا واقتصاديا، فإنه يترجم إيمانا بالعمل المؤسساتي المشترك محليا وإقليميا وعالميا، وفق خطة ممنهجة لمزيد من ترسيخ حضورها العالمي الفاعل في اللجان الأممية وفق تصورات واضحة ورؤية ثاقبة، تؤمن بالمسؤولية الحقوقية وتعزز التنمية الاقتصادية لتلبية الاحتياجات الحياتية والإنسانية وفق التكليفات الأممية، وهي التي ما فتئت تثبت حرصها على التواصل والتنسيق مع المنظمات الدولية والجهات ذات العلاقة بشؤونها بغية تنفيذ استراتيجياتها للتوعية الحقوقية والترويج للتنمية الاقتصادية والتأكيد على السلامة الاجتماعية، ما يعزز حضورا نوعيا على الساحتين الإقليمية والدولية، ويثبت جدارة البحرين بشغل المناصب التنفيذية والإدارية في مختلف المنظمات والهيئات الأممية.