* ماكرون: اقتراحات لندن حول بريكست "غير مقبولة" بوضعها الحالي

* الصحافة البريطانية: ماي تعرضت للإذلال في قمة سالزبورغ

لندن - كميل البوشوكة، (وكالات)



اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن "اقتراح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حول إطار التعاون الاقتصادي المستقبلي بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد بريكست لن ينجح"، فيما اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في سالزبورغ أن "الاقتراحات البريطانية حول بريكست في الشق الاقتصادي ليست مقبولة بوضعها الحالي لأنها لا تحترم السوق الموحدة".

من جانبه، حث وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون، نواب البرلمان البريطاني بالتركيز على خطة "تشيكرز" بدلا من الاهتمام برئيسة الوزراء تيريزا ماي بعد أيام من مناقشة مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الـ"بريكست" لكيفية التخلص من ماي. من جهته، قال الباحث البريطاني ستيفن جيليت، في تصريح لـ "الوطن" إن "الاستفتاء الثاني على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قد يكون صعبا لأن الغالبية العظمى من النواب على الرغم من عدم موافقتهم على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن لا يمكنهم المطالبة باستفتاء آخر لأنه يمكن أن يضع الديمقراطية البريطانية تحت الضغط لأن الناس قد اختاروا بالفعل رأيهم لمغادرة الاتحاد الأوروبي". وأضاف أن "خطة ترك الاتحاد الأوروبي حاليا خطة جيدة مقارنة مع خطة بوريس جونسون والقادة الأوروبيين، ولكنني أعتقد أن الحكومة البريطانية ستطور علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بعد مغادرة الاتحاد رسميا في مارس 2019".

وتابع "في الواقع ركزت خطة "تشيكرز" على الاقتصاد بين الجانبين دون أن يكون لها تأثير على الحدود وتقديم الحل لقضية أيرلندا الشمالية، واعتقد أن الحكومة البريطانية ستقوم بالتأكيد باتفاق جديد مع أيرلندا حول الحدود بين أيرلندا الجنوبية وأيرلندا الشمالية".

وتقضي "خطة تشيكرز" ببقاء بريطانيا في منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي خاصة بالمنتجات الصناعية والزراعية، لكن بعض مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي قالوا إن الخطة تعنى أن قطاعات في الاقتصاد البريطاني ستضل خاضعة للقواعد التي تقرها بروكسل

من جانبه، قال توسك في ختام قمة أوروبية في سالزبورغ إن "إطار العلاقات الاقتصادية كما هو مقترح لن يعمل جيدا لأنه سينسف أسس السوق الداخلية" للاتحاد الأوروبي.

وفي وقت سابق، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن على الاتحاد الأوروبي أن يظهر بعض المرونة التي أظهرتها بريطانيا حتى الآن في مفاوضات بريكست إذا تم التوصل لاتفاق يحظى بقبول الجانبين.

وأضافت ماي في مقال لها بصحيفة "دي فيلت" الألمانية انه "من أجل التوصل إلى خاتمة ناجحة، مثلما طورت المملكة المتحدة موقفها، فإن الاتحاد الأوروبي يحتاج أن يفعل نفس الشيء"، وذلك لدى طرحها أفكار حكومتها بشأن قضايا ما بعد البريكست وقضايا الحدود الأيرلندية.

وأوضحت، إنه "بالنية الحسنة والتصميم من قبل الجانبين، يمكننا تجنب الخروج الذي يجلب المشاكل وإيجاد طرق جديدة للعمل معا"، مؤكدة انه "في الاتحاد الأوروبي أو خارجه، ما زلنا جميعا جزءًا من عائلتنا الأوروبية ويجب أن نظل أصدقاء جيدين ندعم سلامة وازدهار بعضنا البعض".

وكان توسك دعا لندن إلى "إعادة العمل" على مقترحاتها من اجل تحريك المفاوضات حول بريكست والتي دخلت مراحلها الأخيرة.

وتأمل لندن وبروكسل في التوافق خلال القمة المقبلة في بروكسل في أكتوبر على صيغة نهائية لخروج بريطانيا من الاتحاد، وكذلك على إعلان يحدد إطار علاقتهما المستقبلية وخصوصا على الصعيد الاقتصادي.

وقال توسك انه يمكن ان يدعو إلى قمة أوروبية طارئة في 17 و 18 نوفمبر إذا لم تؤد المحادثات إلى نتيجة.

بدوره، اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في سالزبورغ أن الاقتراحات البريطانية حول بريكست في الشق الاقتصادي "ليست مقبولة بوضعها الحالي" لأنها لا تحترم السوق الموحدة.

وقال ماكرون أمام الصحافيين "نحن اليوم أمام ساعة الحقيقة" في شأن بريكست.

وأضاف "يجب أن نستخدم الأسابيع المقبلة لكي نحرز تقدما" مشيرا إلى أنه يتوقع "اقتراحات بريطانية جديدة في أكتوبر".

وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك اعتبر في وقت سابق أن اقتراح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حول إطار التعاون الاقتصادي المستقبلي بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد بريكست لن ينجح.

من جهة أخرى، قال وزير الخزانة البريطاني ميل سترايد إن "بريطانيا قد تجري استفتاء ثانيا على عضويتها في الاتحاد الأوروبي إذا رُفضت خطة رئيسة الحكومة تيريزا ماي، بشأن ترتيبات الخروج من الاتحاد".

وأوضح "أولئك الذين على يمين الحزب، الجناح المؤيد للخروج، سوف يستبد بهم القلق إذا لم تنجح هذه الخطة. قد نجد أنفسنا في وضع يستدعي إجراء استفتاء ثان، ويمكن أن ينتهي بنا المطاف إلى عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي بالمرة"، وفق ما نقلت رويترز.

ودعا رئيس بلدية العاصمة البريطانية لندن صادق خان، الأحد، لإجراء استفتاء جديد بشأن قرار عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي.

وقال صادق خان، إنه يتعين على الشعب البريطاني أن يقول كلمته فيما يتعلق بنتائج مفاوضات خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك خيار إجراء استفتاء آخر على عضوية بريطانيا في الاتحاد.

وذكر مصدر مسؤول في "10 داونينج ستريت" أن رئيسة الوزراء البريطانية ستبلغ قادة الاتحاد الأوروبي في سالزبورغ بأن المملكة المتحدة تقترح "ترتيبات عادلة ستعمل من أجل اقتصاد الاتحاد الأوروبي وكذلك اقتصاد المملكة المتحدة". وقال المصدر لوكالة رويترز للأنباء"، "للتوصل إلى نتيجة ناجحة، مثلما تطورت المملكة المتحدة موقفها، سيحتاج الاتحاد الأوروبي إلى أن يفعل نفس الشيء، مع حسن النية والتصميم على كلا الجانبين، يمكننا تجنب الخروج غير المنظم والتوصل إلى اتفاق لمصلحة الطرفين".

من جهة ثانية، ذكرت قناة "سكاي نيوز" أن وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون انتقد اقتراح ماي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويدعو إلى تغيير الخطة.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية عبر موقعها الإلكترونى أن بعض التخمينات مازالت تتصاعد إزاء طموحات قيادة وزير الخارجية السابق حيث توقع السياسى البريطانى المخضرم مايكل هيزلتاين أن يتولى جونسون رئاسة وزراء المملكة المتحدة.

ولفتت الصحيفة إلى أن 50 نائبا من حزب المحافظين البريطانى قضوا نحو ساعة يمهدون الطريق لاستبدال ماي، وسط استمرار الغضب إزاء خطة "تشيكرز" للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال وزير الخارجية السابق إن" الأمر ليس بشأن زعامتي أو استبدال رئيسة الوزراء البريطانية لكنه بشأن سياسة "تشيكرز".

وأضافت "الغارديان" أن جونسون واجه ردة فعل عنيفة من حزب المحافظين حول مزاعمه بأن استراتيجية ماي فيما يخص الـ"بريكست" تحيط المملكة المتحدة بحزام ناسف مسلمة زر التفجير فى يد بروكسل.

بدورها، اعتبرت الصحافة البريطانية الجمعة أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي تعرضت "للإذلال" من قبل القادة الأوروبيين الذين دعوها إلى مراجعة اقتراحاتها حول بريكست خلال قمة غير رسمية عقدت في سالزبورغ بالنمسا.

وعنونت صحيفتا "الغادريان" و"التايمز"، "إذلال" تيريزا ماي ونشرتا صورا لرئيسة الوزراء تبدو معزولة أمام القادة الأوروبيين الذين رفضوا خطتها.

وكتبت صحيفة "التايمز" أن قمة سالزبورغ "أثارت أزمة في الحكومة" مضيفة أن الوزراء قد يرغمون ماي على التخلي عن خطتها التي تطلق عليها اسم "تشيكرز" حول العلاقات التجارية المستقبلية بين الطرفين "في خلال أيام".

وتنص الخطة على الإبقاء على علاقة تجارية وثيقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بعد الانفصال "بريكست" المقرر في 29 مارس 2019، وخصوصا إقامة منطقة تبادل حر للمنتجات الصناعية والزراعية مع إنهاء حرية تنقل المواطنين الأوروبيين ورقابة محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.

وحذرت صحيفة "الغارديان" أيضا من أن "سلطة ماي كرئيسة للوزراء" أصبحت تحت تهديد خطير أيضا.

من جهتها نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" المؤيدة لبريكست صورة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي عرفت عنه على أنه أحد أشد منتقدي ماي على صفحتها الأولى مع تعليق "مفاوضات كارثية تهدد زعامة رئيسة الوزراء قبل مؤتمر المحافظين".

وكتبت أن ماي تواصل إبداء "وجه شجاع" رغم نكستها.

وكتبت صحيفة "ديلي مايل" المؤيدة أيضا لبريكست "ماي الغاضبة: "نحن مستعدون للانسحاب"" على صفحتها الأولى.

وذهبت صحيفة "ذي صن" الشعبية إلى حد انتقاد قادة الاتحاد الأوروبي وصورت ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك على أنهما "رجلا عصابات مستعدان لنصب كمين" لرئيسة الوزراء.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر في سالزبورغ أن الاقتراحات البريطانية حول بريكست في الشق الاقتصادي "ليست مقبولة بوضعها الحالي" لأنها لا تحترم السوق الموحدة.

من جهته قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن اقتراح رئيسة الوزراء البريطانية حول إطار التعاون الاقتصادي المستقبلي بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد بريكست لن ينجح.

وفي انتظار قمة القادة الأوروبيين في 18 و 19 أكتوبر في بروكسل والتي كانت مقررة أساسا لإغلاق مفاوضات بريكست، ينتظر رئيسة الوزراء تحد آخر في نهاية الشهر وهو مؤتمر حزبها المحافظ حيث سيكون عليها مواجهة غضب مؤيدي بريكست في معسكرها والذين اعتبروا منذ البداية أن خطتها حول بريكست متساهلة كثيرا حيال الاتحاد الأوروبي.