نتيجة سياسات غير عادلة ينتهجها النظام الإيراني، تتسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء لتقسم المجتمع إلى "عالمين متوازيين" متنافرين مادياً، واجتماعياً أيضا.

فنظرة سريعة على حسابات إيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، كفيلة بتفقد الشق المجتمعي الكبير بين من ينشرون صورهم إلى جانب السيارات الفارهة والمساكن الفخمة، ومن يتظاهرون طلباً لأجورهم المتأخرة لدى الحكومة.

وتعاني إيران على وقع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإعادة فرض العقوبات على نظام طهران، مع ترجيحات بزيادة هذه المعاناة عندما تطول العقوبات قطاع النفط الإيراني الحيوي في نوفمبر المقبل.

لكن يبدو أن تأثير هذه العقوبات على الشعب الإيراني لا يمس المقربين من النظام، غير المتأثرين بغلاء الأسعار، ممن تعج بهم الأسواق التجارية الفاخرة ذات السلع باهظة الثمن.

ومع انخفاض قيمة الريال بنسبة 70 % هذا العام، رصدت المئات من الحركات الاحتجاجية في معظم مدن إيران، وتصاعد الغضب الشعبي من الفساد وسوء توزيع الثروات، وسط توقع ما هو أسوأ بخضوع قطاع النفط للعقوبات، حيث تسعى واشنطن لتخفيض صادرات طهران من الخام إلى الصفر.

وقال محلل إيراني لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إنه "من المذهل أن هذا الجانب الثري لديه الرغبة في إظهار ثروته. إنه مرض اجتماعي، بينما هناك ضغط كبير على الناس العاديين".

وذكر المحلل الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بالاحتجاجات التي شهدتها مدينة البصرة العراقية قبل أسابيع، بسبب تراجع الخدمات العامة مثل الكهرباء ومياه الشرب.

وتابع: "الأمر نفسه هنا. الموارد قليلة ولا أمل في الأفق. قديماً كانت هناك عقلية اجتماعية لدى الجميع، كان من العار التباهي بالثروات، الآن أبناء الأغنياء يريدون إظهار ثراءهم بصرف النظر عن أي شيء".

وفي بداية العام الجاري، كان الدولار الواحد يساوي 43 ألف ريال إيراني، أما اليوم فقد وصل سعره إلى 190 ألفاً، مما زاد الضغط على الفقراء الذين باتوا يعانون من أجل توفير أبسط الاحتياجات الأساسية.

ويرى رئيس تحرير صحيفة "شرغ" التابعة للإصلاحيين مهدي رحمانيان: "على الحكومة أن تتخذ خطوات جادة على هؤلاء الناس الذين يستغلون امتيازاتهم لكي يصبحوا بهذا الثراء، يجب تقديمهم للعدالة. ربحوا هذه الأموال بطرق غير شرعية".

وكانت واشنطن أعادت فرض عقوبات على تجارة العملة وقطاعات المعادن والسيارات في إيران في أغسطس الماضي، بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق رفع العقوبات مقابل فرض قيود على برنامج إيران النووي، وقال ترمب: إن الاتفاق النووي ليس صارماً بما فيه الكفاية.

وفي ضوء سريان العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية الشهر المقبل، فإن بعض الإيرانيين يخشون أن تدخل بلادهم حالة ركود اقتصادي ربما تكون أسوأ من الفترة من 2012 إلى 2015، التي طبقت على بلادهم فيها عقوبات كبيرة.

وتشهد مجموعة من السلع قفزات سعرية لا سيما الوردات، مثل الهواتف المحمولة وغيرها من الإلكترونيات الاستهلاكية، لكنها تشمل أيضاً بعض السلع الأساسية، فقد ارتفع سعر زجاجة الحليب على سبيل المثال من 15 ألف ريال في العام الماضي إلى 36 ألفاً ، فيما اتجهت بعض المتاجر لتحديد حد أقصى لمشتريات السلع الاستهلاكية.