- أبرز تحديات السياسة الخارجية مواكبة الخطوات التحديثية والإصلاحية النوعية التي تشهدها البحرين

- قوة الدفاع تمثل المثل والقدوة في الكفاءة والاقتدار ودرع الوطن وحصنه المنيع

- المملكة لها الحق أن تفخر باستدامة منجزاتها الإصلاحية وريادتها الحضارية والإنسانية

...

أكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" ، د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن أبرز تحديات السياسة الخارجية لمملكة البحرين، تتمثل في مواكبة الخطوات التحديثية والإصلاحية الكبيرة والنوعية التي تشهدها المملكة، وأن تكون على مستوى رؤي وتوجيهات ومبادرات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، قائد وموجه الدبلوماسية البحرينية، ومؤسس الفكر الاستراتيجي الوطني.

جاء ذلك، خلال محاضرة بعنوان "علاقات مملكة البحرين الخارجية" ألقاها د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، خلال إحدى دورات الكلية الملكية للقيادة والأركان والدفاع الوطني، حيث استهل حديثه بالإشادة بقوة دفاع البحرين الباسلة، باعتبارها درع الوطن وحصنه المنيع، ومدرسة الوطنية والفداء، ومصنع الرجال والبطولات.

وأكد أن قوة الدفاع، تمثل المثل والقدوة في الكفاءة والاقتدار، في سبيل القيام بواجبها الوطني والإنساني، بكل عزيمة وعطاء، وتسهم في دعم ركائز الأمن والسلام الإقليمي، وحققت نجاحات مشهودة ورائدة كقوة سلام عصرية ومتطورة، بفضل الرعاية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وجهود وتوجيهات القائد العام لقوة دفاع البحرين، المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، وإسهامات جميع القيادات والمنتسبين.

وأشار وكيل وزارة الخارجية، رئيس مجلس الأمناء، إلى أن الكلية الملكية للقيادة والأركان والدفاع الوطني، تقف اليوم ككيان شامخ من هذا الأصل الثابت، كمصدر للمعرفة والتخطيط الاستراتيجي، ومنارة للفكر العسكري الحديث، الذي يضع العنصر البشري المؤهل في مقدمة الأولويات، وتقدم أرقى المنظومات العسكرية الشاملة، وجودة برامج التدريب والتأهيل، وتوفر بيئة مثالية تعليماً وتدريباً، بما يضاهي أعلى المعايير والمواصفات في الكليات العسكرية العالمية العريقة المتقدمة.

واستعرض د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، واقع التفاعلات الجارية على مسرح الأحداث الإقليمي والدولي، التي تشكل مجمل العلاقات الخارجية لمملكة البحرين، وتناول مصادر ومقومات قوة الدولة الطبيعية والبشرية مثل: الموارد والسكان والقيادة والقوة العسكرية، والمستوى الصناعي، والتكنولوجي، والتعليمي والدبلوماسي وغيرها، والأهمية المتزايدة للدور الذي تلعبه "القوى الناعمة" وثورة الاتصالات والمعلومات في عالم اليوم، لاسيما مع دخول فاعلين جدد في النظام العالمي إلى جانب الدول، كالمنظمات الدولية، والشركات عابرة الحدود، وشبكات المجتمع المدني.

وتناول وكيل وزارة الخارجية، رئيس مجلس الأمناء، تطور مفهوم النظام الدولي، منذ نشأته بناء على اتفاقيات ويستفاليا 1644-1648، التي أنهت الحروب في القارة الأوروبية، وبلورت مفهوم الدولة الوطنية/القومية، مبيناً أنه غالباً ما يبزغ نظام دولي جديد بناءً على مواجهات عسكرية كبرى مثل الحربين العالميتين أو صراع إيديولوجي كالحرب الباردة، وصولاً إلى النظام الدولي الحالي، الذي نشأ بعد سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989، وتفكك الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991، وأهم ركائزه غلبة المصالح على الأيديولوجيا، حيث تفردت الولايات المتحدة بالقيادة وزعامة العالم، بما لديها من قدرات وإمكانات، لكنها ليست الوحيدة أو المتفردة بالقرار الدولي، بعد أن ظهرت قوى عسكرية واقتصادية عالمية، تدفع إلى تعددية سياسية للنظام الدولي، فهناك قوى تريد مزيداً من النفوذ الاستراتيجي كروسيا أو حماية مصالحها مثل الصين بالإضافة للاتحاد الأوروبي.

وأوضح د.الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن منطقة الشرق الأوسط، شهدت خلال السنوات الأخيرة أكبر عملية تحولات واضطرابات مقارنة بأي جزء آخر من العالم ما يسمى "الربيع العربي" وحقيقة الأمر هو "الخراب العربي"، وكان له تداعيات غير مسبوقة على الأمن القومي العربي، مشيراً إلى أن هذه الأحداث محركها الأساسي مشاريع خارجية، فهناك المشروع الإسرائيلي القائم على تفتيت العالم العربى، والمشروع الأمريكي للتغيير في الشرق الأوسط، من خلال تمكين الجماعات الدينية للوصول إلى السلطة، واسقاط مؤسسات الدولة.

وأوضح أن المشروع الأخطر، هو المخططات الإيرانية للهيمنة على دول المنطقة من خلال تصدير الثورة، وهو ما يظهر بوضوح من خلال التدخلات الإيرانية في شؤون مملكة البحرين الداخلية عبر تجنيد عناصر إرهابية، وتنظيم دورات تدريبية عسكرية واستخبارية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، ومحاولة اختراق النسيج الداخلي، من خلال التحريض الطائفي البغيض، ودعم الممارسات الخارجة على القانون، وكثافة الإعلام الموجه والشائعات المغرضة عبر عشرات القنوات والمواقع والمنصات.

ولفت إلى ان هذا المخطط يتقاطع مع إجراءات وممارسات نظام قطر ضد دول الاعتدال، حيث تقدم التمويل وتسهل الممر لجماعات الإرهاب، وتستثمر في قناة "الجزيرة" ومراكز الأبحاث ومنظمات حقوقية مشبوهة، لتحقيق أغراضها الهدامة في زعزعة أمن واستقرار المنطقة لكسب النفوذ، وهي وكيل ومنفذ للمشاريع السابقة.

وتحدث المحاضر عن أهداف السياسة الخارجية البحرينية، منذ انضمام البحرين كعضو لمنظمة الأمم المتحدة عام 1971 كدولة عربية مسلمة مستقلة، وتتمثل في تأكيد سيادة واستقلال ووحدة أراضي البحرين، وصيانة وحماية مصالح البحرين الاستراتيجية في الخارج والدفاع عنها، وتنمية وتعزيز الروابط والعلاقات بين البحرين والدول والمنظمات، وتمثيل البحرين في المحافل العربية والدولية، بالإضافة إلى دعم القضايا العادلة للأمتين العربية والاسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وشدد وكيل وزارة الخارجية رئيس مجلس الأمناء، على أن العامل الأهم والمؤثر في تحديد مكانة الدولة في محيطها الخارجي، هو شخصية القائد صانع القرار، الذي يعرف قدر الإنسان والأرض والتاريخ، ورؤيته للحاضر والمستقبل، ويعي طبيعة المتغيرات الداخلية والخارجية، ويحسن استغلال الموارد المتاحة، ويتولى توجيه إدارة السياسة الخارجية لبلاده في الاتجاه الصحيح.

وتابع قائلا: منذ تولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، مقاليد الحكم، دخلت مملكة البحرين عهداً جديداً، من أهم سماته طرح مشروع إصلاحي شامل ومتكامل، يتضمن رؤى متقدمة ومبادرات خلاقة على المستويين الداخلي والخارجي، ففي خطاب تاريخي لجلالة الملك المفدى، بمناسبة العيد الوطني في 16 ديسمبر 2000، أعلن جلالته عن الانتقال بالبحرين إلى مرحلة الدولة العصرية، والعمل بالنهج الديمقراطي في إدارة شؤون البلاد، يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفق أحكام الدستور.

وخلال فترة زمنية قصيرة، شهدت البحرين تطورات إصلاحية نوعية ومستمرة في سياق مشروع نهضة تحديثي ذاتي، يهدف لتعزيز إرســاء دولــة القانــون والمؤسســات وحقوق المواطنة، مشيراً إلى أربع مراحل ميزت السياسة الخارجية لمملكة البحرين خلال العقدين الأخيرين:

المرحلة الأولى: إقــرار ميثــاق العمــل الوطني عــام 2001 بنســبة تأييــد شعبي بلغــت 98.4%، الذي جسد إنطلاقة واعدة في مسيرة التحديث الشامل لمؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية، وكان البعـد الخارجـي، حاضــراً من خلال التأكيد على الانتماء العربي للبحرين، كجزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وتعزيز العمل العربي المشترك.

والسمة الغالبة في تلك الفترة على السياسة الخارجية للبحرين، أنها جاءت انعكاساً لمعطيات الإصلاحات، في ضوء التكامل والارتباط الوثيق بين الداخل والخارج، وكان المشروع الإصلاحي ركيزة للتحركات الخارجية، وأساس نجاحها وفاعليتها.

أما المرحلة الثانية: بدأت بتدشين حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، رؤية البحرين الاقتصادية 2030 كوثيقة وطنية رائدة، وخارطة طريق نحو المستقبل، بهدف الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية، إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالميا، ترسم الحكومة معالمه، ويتولى القطاع الخاص عجلة تنميته، وفق مبادئ الاستدامة، والتنافسية، والعدالة، لضمان تعزيز حياة كريمة وآمنة لكل المواطنين.

وسعت الدبلوماسية البحرينية إلى التحرك استرشاداً بهذه الرؤية، وتبني مفاهيم جديدة بمنظور أكثر شمولاً، ومن بينها: الاستثمار الأهم دائماً هو المواطن البحريني، حيث يؤكد جلالة عاهل البلاد المفدى أن "التنمية التي لا يكون المواطن هدفها لا فائدة منها ولا نريدها... لأن المواطن هو الثروة الحقيقية"، والاسهام في تحقيق معدلات مرتفعة من النمو، وزيادة الدخل الوطني من خلال تسليط الضوء خارجياً على الاستفادة من المزايا التنافسية للمملكة، والترويج لما تشهده من تطور في مجالات ثقافة ريادة الأعمال، وتنمية الصناعات الناشئة، ومكانتها المتقدمة في المجالات الاقتصادية والتقنية الجديدة، كالخدمات المالية والتكنولوجية واللوجستية والمعلومات والاتصالات، كما أن البحرين مركزاً للعديد من المعارض والمؤتمرات الإقليمية والدولية، حيث كشفت البيانات الاقتصادية في برنامج التوازن المالي، أن الناتج المحلي غير النفطي نما بنسبة متوسطة قدرها 7.5% خلال الفترة من 2002 إلى 2017. وزادت مساهمته في الناتج المحلي من 58% عام 2002 إلى 82% عام 2017، وتضاعفت قيمة الناتج المحلي خلال هذه الفترة من 6.1 مليار دينار إلى 12.4 مليار دينار بزيادة نسبتها 104%.

بمعنى آخر، فقد دخل البعد الاقتصادي والتنموي بقوة في صلب علاقات البحرين الخارجية، واحتل حيزاً كبيراً من الاهتمامات الدبلوماسية.

المرحلة الثالثة:

وتشمل الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في شهري فبراير ومارس 2011 المدعومة من الخارج، كمحاولة استنساخ تجارب دول عربية أخرى، بهدف الانقلاب على الشرعية، وتدويل الأمر على الساحة الدولية، ورسم صورة سلبية عن المملكة، من خلال الصحافة ووسائل الإعلام الغربية، والمنظمات الحقوقية الدولية، عبر اختلاق الأكاذيب والافتراءات عن المملكة.

وقد نجحت مملكة البحرين، بقيادة جلالة الملك المفدى في تجاوز تلك الأحداث، وتعزيز سمعة البحرين الخارجية، عبر خطوات وإجراءات غير مسبوقة، من بينها إنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق، وكان حدثاً فريداً في المنطقة والعالم، وإنشاء عدة مؤسسات مستقلة للمتابعة والمساءلة، فضلاً عن إطلاق حوار توافق وطني أفضي إلى تعديلات دستورية، وإجراء الانتخابات التكميلية وغيرها من الخطوات المهمة، التي أكدت أن الأمن والاستقرار دعامة رئيسية للنمو والتقدم والإصلاح، فالدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها، والمملكة لن تفرط في ذلك أبداً.

وقال المحاضر: إن تلك الأحداث كانت اختباراً لمدى قدرة الدبلوماسية الوطنية "الرسمية والشعبية" في معركة تواجه فيها آلة ضخمة من التحريض والتشويه والأكاذيب تقودها إيران وقطر، ومجموعات معادية تتحرك في الغرب.

المرحلة الرابعة:

وهي المرحلة الحالية، وتمثل مرحلة البناء على النجاحات السابقة، وترسيخ الممارسة الديمقراطية، وتكريس المشاركة الشعبية، وأبرز مظاهرها صدور الأمر الملكي السامي رقم 36 لسنة 2018، بشأن تحديد موعد الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس النواب، وتأكيد جلالة العاهل المفدى الحرص على الاستمرار في تطوير الحياة السياسية والديمقراطية، وأهمية المرحلة المقبلة في مسيرة العمل الوطني، التي ستشهد استحقاقاً نيابياً مقبلاً بما يؤكد أن النموذج الديمقراطي البحريني في موقع رائد بالمنطقة.

وأضاف: يأتي احتفالنا بمرور عقد على تدشين جلالة عاهل البلاد المفدى، رؤية البحرين الاقتصادية 2030، تأكيداً على أن مملكة البحرين، تمضى على الطريق الصحيح برؤية واضحة وجامعة، وبخطى ثابتة وواثقة، لإنجاز التنمية المستدامة، وتعزيز النهضة الشاملة، في ظل نجاح المملكة في تقديم تقريرها الطوعي الأول حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، من خلال مشاركتها في أعمال المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة في نيويورك.

وأورد د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، عدداً من الملاحظات حول المراحل السابقة، وهي:

أولاً: إن هذه المراحل ليست منفصلة عن بعضها وإنما متداخلة ومتشابكة، وتشكل مساراً متصلاً ومترابطاً.

ثانيًا: إن نجاح مملكة البحرين في هذه المراحل، وما حققته من إنجازات ومكتسبات في الداخل أو الخارج، يرجع بالأساس إلى القيادة الحكيمة لجلالة عاهل البلاد المفدى، كقائد إصلاحي فذ، يمتلك كل مقومات الزعامة الحقيقية.

ثالثا: هناك ارتباط وثيق وتأثير متبادل بين البيئتين الداخلية والخارجية. فما يحدث في الداخل يجد صداه خارجياً والعكس صحيح.

وعرج المحاضر، إلى الحديث عن دوائر حركة السياسة الخارجية البحرينية، في ضوء إدراك مملكة البحرين حجم وخطورة التحديات الإقليمية على الأمن الوطني،ىالتي من أبرزها: التدخلات في الشأن الداخلي، ودعم جماعات الإرهاب، ومنظومة الصواريخ الإيرانية، والتهديدات بإغلاق الممرات البحرية، وعرقلة حركة الملاحة الدولية، وهناك أيضاً تحديات دولية كالأزمات الاقتصادية والمالية، والتغيير المناخي.

وأشار وكيل وزارة الخارجية، رئيس مجلس الأمناء، إلى أن مملكة البحرين تلعب دوراً مؤثراً على الصعيد الخارجي، خاصة أنها عضو مؤسس لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي تأسس في 26 مايو 1981، كما أن المملكة عضو فاعل بجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبحرين حليف رئيسي واستراتيجي مهم للولايات المتحدة خارج حلف "الناتو" منذ عام 2001، وعضو ناشط في التجمعات الدولية الأخرى مثل: حركة عدم الانحياز، ومجموعة الـ77 ومبادرة «إسطنبول» للتعاون التي أطلقها "الناتو" في2004، ومنظمة التعاون الآسيوي وغيرها.

وتعول مملكة البحرين على المشاركة وتفعيل مختلف أطر التعاون البناء، ومن بينها الانخراط في تحالفات عسكرية مع الشركاء، لمجابهة تحديات الإرهاب وفوضى حروب الجيل الجديد، مثل: التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والتحالف الدولي ضد داعش، فضلاً عن دعم إنشاء التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، من أجل تحقيق أمن دائم وسلام مستقر، وتنمية مستدامة لدول المنطقة.

وأكد د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن مملكة البحرين، تؤمن بضرورة الربط بين السلام والتنمية، باعتبارهما صنوان متلازمان، حيث رسم جلالة الملك المفدى، استراتيجية متكاملة لمواجهة مخططات ومشاريع الفوضى، ترتكز على عملية إصلاح ذاتية مستمرة ومتطورة، تراعي التنوع في إطار الوحدة، وإتاحة وحماية الحريات، وتوحيد الكلمة والصف الوطني، وأن تكون "البحرين أولاً" في إطار رؤية متوازنة ووسطية، ترسي مبادئ التسامح والمواطنة، وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة، وإطلاق المبادرات التي تستهدف شراكة جميع الفئات كالمرأة والشباب، وتأكيد التعاون الإقليمي والدولي الإيجابي، لنشر السلام والرخاء.

وأوضح أن البحرين، تتطلع لبناء نسق أمني إقليمي متوازن، وتحالف استراتيجي فاعل، يتكامل فيه الأمن والتنمية، ويسعى إلى محاربة التطرف والإرهاب بمختلف أشكاله، ووقف التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية إلى جانب علاقات متنوعة ومتنامية مع مختلف دول العالم والتجمعات الكبرى.

وأسهب وكيل وزارة الخارجية رئيس مجلس الأمناء في الحديث عن دوائر الحركة الخارجية، وفي مقدمتها الدائرة الخليجية، التي تكتسب أولوية متقدمة في تحركات الدبلوماسية البحرينية، كونها تمثل الامتداد الطبيعي والحيوي للمملكة، وركيزة قوتها واستقرارها. مبيناً أن مملكة البحرين ودول الخليج المعتدلة، تواجه منذ سنوات "حروب الجيل الجديد"، التي تستهدف الأمن الوطني بمفهومه الشامل، فهناك إرهاب الدولة الذي ترعاه إيران بكل معانيه ووسائله الخبيثة والمارقة، من إنشاء وإدارة وتدريب الجماعات والشبكات الإرهابية، ويتلاقي ذلك مع ممارسات نظام قطر في نشر الفوضى وتمويل الإرهاب، وتسهيل ممراته وعبوره، والتحريض الإعلامي.

أما على صعيد محيطها العربي، تولي المملكة اهتماماً خاصاً بدعم مسيرة العمل العربي المشترك، ونصرة القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب المركزية لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، وتحقيق التسوية السلمية العادلة والشاملة في الشرق الأوسط بقيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف، وعدم التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

وجدد المحاضر التأكيد على رؤية المملكة على أهمية الحفاظ على المؤسسات الوطنية للدول العربية، ورفض أية محاولات لتقويض دولنا "كياناً وسيادة" لصالح مخططات خارجية مشبوهة، مع الإقرار بحق الشعوب في تقرير مصيرها وتحديد خياراتها، مشيراً إلى أن مملكة البحرين تنشط على مستوى جامعة الدول العربية في مختلف مجالات التعاون العربي. ففي مارس الماضي، تم التوقيع على محضر النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، التي جاءت كمبادرة كريمة من جلالة عاهل البلاد المفدى، ما يجسد حرص المملكة على تعزيز احترام الحقوق والحريات، وتوفير كافة الضمانات لحمايتها.

وتنطلق مملكة البحرين في تحركاتها على المستوى الدولي، من مجموعة من المبادئ الأساسية والأهداف، التي قام عليها ميثاق الأمم المتحدة، ومن أهمها: التأكيد على أن السلام العالمي والإقليمي، يشكل هدفاً أساسياً واستراتيجياً ينبغي العمل على تحقيقه، وضرورة تسوية كافة المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وحظر استخدام القوة للنيل من سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة.

وتناول د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، علاقات البحرين بمنظمة الأمم المتحدة في كافة أنشطتها، مشيراً إلى صدور قرار صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء رقم 19 لسنة 2018، بإنشاء لجنة التنسيق والمتابعة بين مملكة البحرين ووكالات منظمة الأمم المتحدة، كاحدى ثمار إطار الشراكة الاستراتيجية للسنوات من 2018 - 2022، بهدف دعم تنفيذ خطة عمل وأولويات الحكومة، ومراعاة احتياجات ورضا المواطنين، وفقا لأعلى مستويات ومعايير الجودة العالمية.

وقرار مجلس الوزراء باعتماد دمج أهداف التنمية المستدامة في الخطة الحكومية للسنوات 2020- 2022، والتقرير الطوعي الذي قدمته البحرين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الأممي رفيع المستوى، إلى جانب حصولها مؤخراً على المرتبة 43 في تقرير التنمية البشرية للعام 2017، حيث ساهم التعاون القائم بين مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، والمنظمة الدولية في ارتقاء مرتبة المملكة سبعة مراكز على المستوى العالمي، من خلال الاستعانة المثلى بالإحصاءات الواردة في تقرير التحديث الإحصائي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، وتدشين مركز «دراسات» قريباً التقرير الوطني للتنمية البشرية خلال الشهر المقبل، الذي يركز على مسارات النمو الاقتصادي المستدام في مملكة البحرين.

وتطرق وكيل وزارة الخارجية، رئيس مجلس الأمناء، إلى بعد مهم في علاقات المملكة الدولية، وتبلور مع دعوات ومبادرات جلالة الملك بشأن أهمية تلاقي حضارات العالم، من خلال حوار جامع، يفتح آفاق رحبة للسلام والتعاون الإنساني، خاصة أن البحرين واحة للتعايش والتسامح لجميع الديانات والفئات.

وتناول د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، دور مركز "دراسات" في دعم تنفيذ أهداف السياسة الخارجية لمملكة البحرين، وتعزيز علاقاتها الدولية لاسيما على مستوى الفكر والبحوث، وتوطيد الصلات، وفتح مجالات الحوار، واقتراح الاستراتيجيات، مبيناً أن المركز، نجح خلال الفترة الماضية في مواكبة العديد من الأحداث المهمة التي كان لها مردود خارجي مميز على صعيد الفعاليات والإصدارات واستطلاعات الرأي، معرباً عن سعادته بتعزيز الشراكة بين الكلية الملكية للقيادة والأركان والدفاع الوطني العامرة ومركز "دراسات"، خاصة من جهة المواءمة بين الفكرين الاستراتيجي والعسكري، من أجل بناء القدرات والمهارات، وإنتاج رؤى واقعية، تستشرف المستقبل، وقادرة على التعامل مع التحديات القائمة في خضم بيئة عالية المخاطر.

وخلص د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، وكيل وزارة الخارجية، رئيس مجلس الأمناء، في ختام محاضرته، إلى أن مملكة البحرين رغم محدودية المساحة والموارد الطبيعية، لكنها دولة كبيرة ومؤثرة ذات مصداقية وتقدير دولي، ولها الحق أن تفخر باستدامة منجزاتها الإصلاحية، ومكتسباتها التنموية، وريادتها الحضارية والإنسانية، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى.