* حوار المنامة كشف عن لعبة التحالفات الإقليمية والصياغة السياسية القادمة

* مستقبل العلاقات الخليجية العربية مع قطر مرتهن بتراجع الدوحة عن دعم الإرهاب الإيراني

* اليمن لن تكون آخر ضحايا المخططات الإيرانية والأردن مستهدف أمنياً

* إيران متحالفة واقعياً مع قطر التي تسعى من باب الطموح غير الواقعي أن تكون قوة إقليمية

* توعية الشباب وقطع الحبل بين الأجندة الإيرانية والمنظمات التي تغرر الشباب العربي

* متى ينتصر النور السعودي ويتبدد الظلام الإيراني كله من المنطقة العربية؟

* المشكلة في كيفية التعامل مع التدخلات القطرية الإيرانية وتقليم أنشطتها

* "حوار المنامة" حمل رسالة حازمة حول التزام قوات "التحالف" بإنهاء الإرهاب الحوثي الإيراني

* هل تتأثر منظومة دول مجلس التعاون بالتحالفات الإقليمية الجديدة؟

* التحدي القائم هل تلتزم قطر بمبادئ تحالف الشرق الأوسط "ميسا"؟

«حوار المنامة» الأخير الذي يعتبر أهم مؤتمر أمني في المنطقة وقمة سياسية غير رسمية حمل العديد من القضايا الأساسية التي تشغل منطقة الشرق الأوسط بقياداتها وشعوبها، فالحوار الذي يجمع بين أبرز الشخصيات الأمنية والعسكرية والسياسية في المنطقة، سلط الضوء على العديد من التحديات والقضايا المصيرية، وأجاب على الكثير من التساؤلات للمرحلة القادمة فيما يخص مشهد الصراعات الأمنية والإقليمية بين عدد من القوى الإقليمية والدولية والدول التي تعاني من ويلات الصراعات والحروب والتدخلات الإيرانية السافرة.

من الممكن الاستناد إلى مبدأ أن حوار المنامة هذا العام ركز على تحليل كيف ستكون الصياغة السياسية والأمنية القادمة لمنطقة الشرق الأوسط تحديداً، ولربما كشف عن خطط أمنية قادمة وقرارات حاسمة، وهو تمهيد يكشف منهجية لعبة التحالفات القادمة لا سيما أن العنوان الأبرز في مؤتمر حوار المنامة الذي شغل الساحة الإقليمية هو دعم إنشاء تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي «ميسا» وبحث إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط والتدخلات الإيرانية في المنطقة.

مستقبل العلاقات

مع قطر

المؤتمر حمل أيضاً بطريقة وأخرى قضية مستقبل العلاقات الخليجية والعربية مع قطر، فتأكيد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة خلال حديثه في الجلسة الثانية من اليوم الثاني للمؤتمر أن المنطقة لن تستقر ما إذا استمرت قطر بالتدخل في شؤون الدول الأخرى وهناك دول إقليمية تحاول بسط سيطرتها على المنطقة، وقد شهدنا محاولات تدخل من قطر في سياسة الدول الأخرى وهو ما يتعارض مع اتفاقيات وقعتها دول تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، قد يحمل جــــواباً مختصراً حول السياسة الخليجية المتبعة تجاه الأزمة القطرية، وأن الموقف الخليجي الحازم لن يتـــغير وسيظل ثابتاً تجاه قطر إلى أن تقوم قطر بنظامها الحالي بتغـــــيير سياساتها ومواقفها والتزامها بالاتفاقيات الموقعة فعلياً لا كحبر على ورق!

وزير الخارجية البحريني أكد أيضاً أن اليمن هي آخر ضحية لسعي إيران للهيمنة على المنطقة، حيث بدورنا نؤكد نعم هي آخر ضحية مستجدة على الساحة حالياً ولكنها لن تكون الأخيرة في سلسلة المؤامرات الإيرانية في المنطقة، فالمشهد الحالي يثبت بما لا مجال للشك فيه أن الأردن كدولة مستهدف أمنياً، ولعل الأحداث الأمنية الأخيرة فيه تؤكد أنه ليس بعيداً عن المخططات الإيرانية التي نجحت في اختراق دول مجاورة له كلبنان وسوريا والعراق وحتى مصر، وتسعى لاستكمال مدها الإرهابي داخل الأراضي الأردنية «بعيد الشر».

إيران تجند الشباب لزعزعة الأمن

وزير الخارجية البحريني ذكر حقيقة أن هناك شباباً وشابات يتم تجنيدهم من إيران لزعزعة استقرار بلادهم، ولعل هذه الحقيقة التي طرحها وزير الخارجية البحرينية تدعم واقع أن التدخلات الإيرانية في المنطقة بالأصل لم تأتِ على يد ثورة عسكرية تقودها إيران من خلال قواتها الأمنية أو العسكرية الإيرانية بشكل مباشر وعلى شكل حرب إقليمية، إنما من خلال تجنيد الشباب والشابات في الدول العربية والتغرير بهم في سبيل دعم المخططات والأجندة الإيرانية التي تريد احتلال مناطق والتهام مواقع في الدول العربية تدعم مخطط المد الصفوي الإيراني، فالعراق الذي يدار على يد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وغيرها من ميليشيات إرهابية متطرفة تمارس التطهير العرقي وحروب الإبادة الطائفية، وكذلك لبنان الذي يعاني من تدخلات حزب الله الإرهابي، وسوريا التي تحكم بعض مناطقها هذه الميليشيات حتى وصلت هذه الخلايا الإرهابية إلى اليمن اليوم تحت مسمى ميليشيات الحوثيين الإرهابية، لم تكن لتدار رحى الحروب الطائفية على أراضيه إلا بتغرير العديد من الشباب والشابات وتبنيهم للمخططات والأجندة الإيرانية وتبعيتهم العمياء لها وتقديمهم الولاءات للنظام الإيراني الجائر بدلاً من الولاء لأوطانهم بقياداتها وشعوبها وقبولهم الانضمام لصفوف هذه الخلايا الإرهابية وتلقي الأموال والتدريبات اللازمة ومن ثم تنفيذ المخططات الإرهابية الإيرانية والسماح للخلايا الإيرانية بالتسرب داخل الدول العربية، فالكثير من الشباب والشابات تحولوا إلى خلايا إرهابية وظهروا في وجه المدفع لقيادة مشهد الحروب الإرهابية والطائفية فيما تدعمها من الخلف هذه العصابات الإيرانية المسلحة التي تمركزت ودعمت تحويل العديد من المناطق في هذه الدول العربية إلى ساحات للاقتتال والصراعات الحزبية والطائفية، لذا الحاجة تكمن اليوم إلى توعية الشباب وقطع الحبل السري بين الأجندة الإيرانية وبين المنظمات التي تغرر الشباب العربي.

فالتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية كسوريا واليمن والعراق وفلسطين ولبنان لن تتوقف، فإيران متحالفة واقعياً مع قطر التي تسعى من باب الطموح غير الواقعي أن تكون قوة إقليمية ودولة ذات حضور مؤثر في الساحة الدولية، فقطر هي العصا التي تحركها إيران للتدخل في سيادة وشؤون بعض الدول الخليجية ودعم الإرهاب في المنطقة العربية، وتلك كارثة كشفتها الأزمة القطرية الأخيرة والتعنت القطري في الالتزام بمبادئ مجلس التعاون الخليجي واتفاقية الرياض!

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير شدد أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وقال يتم التعامل مع رؤيتين في الشرق الأوسط، رؤية سعودية مستنيرة، وأخرى إيرانية ظلامية، والنور ينتصــــر على الظلام، لذا يبقى السؤال الدائم في ظل لعبة التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية متى ينتصر النور السعودي ويـــــتبدد الظلام الإيراني كله من المنطقة العربـــــية، وهل يبقى الانتصار انتصار دائماً أو مرحلياً؟

فالجبير شدد على أن المشكلة هي كيفية التعامل مع إيران وإبعادها من التدخل في شؤون الدول والعبث بالمنطقة والتعامل مع إيران، والمستجدات الطارئة في الساحة تثبت أن المشكلة أيضاً في كيفية التعامل مع التدخلات القطرية الإيرانية وتقليم أنشطتها في سبيل إيقاف العبث بأمن واستقرار الدول الخليجية والعربية.

منطقة مستقرة وآمنة

معظم المشاركين في حوار المنامة أكدوا من خلال أطروحاتهم وجود طموح إقليمي ودولي في الوصول لمنطقة مستقرة وآمنة خالية من التوترات الأمنية والصراعات العسكرية، وهذا الطموح لربما يدعم مبادئ تحقيق السلام العالمي لكنه في نهاية المطاف يتقاطع بالأصل مع العديد من الدول التي ترى أن استمرار الفوضى والتحديات الأمنية في المنطقة العربية يدعم مصالحها ويقوي اقتصادها سواء أكان بالنهاية يصب في مصلحة دعم الاقتصاد الدولي أو يؤثر سلباً عليه!

القوى الكبرى في المنطقة في صراع دائم وتلك حقيقة لا يمكن إنكارها، كما أن هناك قوى إقليمية صاعدة آخذة في الظهور لتكون قوى مؤثرة بيدها لعبة التجاذبات والتحالفات العسكرية والاقتصادية والأمنية وضمن لعبة معادلات القوى المؤثرة في الساحة خاصة في منطقة الشرق الأوسط، فالقوى الكبرى مستفيدة من استمرار الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وفق نظرية «فرق تسد» وهناك قوى شرق آسيا كالصين والهند واليابان وكوريا التي تعتبر من القوى المتصاعدة اقتصادياً وكذلك عسكرياً، وهناك تحديات مستقبلية إن كانت هذه القوى من الممكن أن تتحالف يوماً مع محور الشر إيران في سبيل تقديم مصالحها على مصلحة استقرار وأمن الشرق الأوسط، فهذا تحدٍ قائم يرجع لحقيقة أن مشهد التحالفات القادمة غير مستقر وقد يتغير وفق لعبة المصالح الإقليمية والدولية، فهناك ضبابية بالأصل في هذا المشهد قد يغير بعض قواعدها إطلاق تحالفات إقليمية تجتمع فيها القوى المؤثرة والصاعدة!

لذا؛ فحوار المنامة إلى جانب بحثه القضايا الراهنة فهو يسلط الضوء على التحديات الأمنية والإقليمية القادمة، وهذا هو الأهم، فهناك حاجة لاستطلاع مستقبل المنطقة خلال العشرين سنة القادمة على الأقل أمام تكاثر الخلايا الإرهابية في المنطقة تحت مسميات مختلفة وأمام استمرار المخططات الإيرانية في بث الفوضى الأمنية في منطقة الشرق الأوسط.

كما أن حوار المنامة حمل رسالة قوية عن الدور القوي الذي يلعبه التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، حيث أكد وزير الخارجية البحريني أن التحالف ملتزم بتخفيف آثار النزاع بين الشعب اليمني والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وهذا التصريح يحمل رسالة أن قوات التحالف لن تتوقف عن إعادة الشرعية لليمن وتحرير كافة المناطق التي تحتلها جماعات الحوثيين الإرهابية مهما حاولت هذه الميليشيات المماطلة وإيجاد ضغوط دولية وتمرير الوقت في سبيل تغيير هذه المعادلة لصالحها، كما حدث في سيناريو تحرير الحديدة.

حوار المنامة كذلك سلط الضوء على الصراع الروسي الأمريكي فيما يخص لعبة القوى المؤثرة في الساحة ومعادلات التحالفات، ولعل وزير الدفاع الأمريكي ماتيس عندما أشار إلى انتهازية روسيا وسعيها إلى تجاهل النشاطات الإجرامية لنظام الرئيس بشار الأسد ضد شعبه مما يثبتان افتقادها الالتزام الصادق بالمبادئ الأخلاقية الأساسية، وأن وجود روسيا في المنطقة لا يمكن أن يحلّ محل الالتزام الطويل والدائم والشفاف للولايات المتحدة حيال الشرق الأوسط، ونحن ندعم الشركاء الذين يغلّبون الاستقرار على الفوضى، قد اختصر الموقف العربي تجاه مواقف فوضوية روسيا في المنطقة لا سيما في ملف القضية السورية، فموقف روسيا قد أثبتت تحالفها مع محور الشر إيران وقطر وأنها كقوة مؤثرة في المنطقة ليست مع استقرار المنطقة بقدر ما أنها مع غلبة مصالحها!

تساؤلات أثارها

«حوار المنامة»

من التساؤلات التي من الممكن أن نخرج بها بعد حوار المنامة، هل يستمر مجلس التعاون الخليجي كمنظومة خليجية خلال السنوات القادمة، فمشهد العلاقات الخليجية القطري ضبابي وأمام الأزمة القطرية هل يتحول إلى مجلس شكلي بلا قرارات مؤثرة وحاسمة؟ وكذلك يثير حوار المنامة علامة استفهام حول جامعة الدول العربية أمام تقاطع مصالح بعض الدول العربية المخترقة من قبل سفراء النظام الإيراني المغرر بهم في دولنا وأمام الاتجاه العام بعقد تحالفات إقليمية جديدة تحت مسميات جديدة كتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي «ميسا»؟ فالمشهد الحالي يؤكد أن مصر والأردن تقتربان مع الدول الخليجية الداعمة لمكافحة الإرهاب في سياسة تقليم المد الإرهابي الإيراني القطري، فيما هناك دول عربية محايدة والتحالف الإقليمي الجديد قد يفرز معادلة جديدة تطرأ على الساحة العربية تحديداً.

تحالف الشرق

الأوسط الجديد

فتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي «ميسا» الذي أعلن عنه كاقتراح مقدم من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث من المزمع أن يدشن العام المقبل ويجمع بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وسيكون مفتوحاً أمام من يقبلون بمبادئه كما ذكر وزير الخارجية البحريني. اللافت في هذا الإعلان أن المسؤول الأمريكي أعلن أن التحالف الجديد سيضم تسع دول عربية على رأسها دول التعاون الخليجي السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان و«ركزوا هنا» قطر، بالإضافة لمصر والأردن والولايات المتحدة، حيث رحب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بإنشاء تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وحلفاء خليجيين ومصر والأردن لحماية أمن المنطقة، وأشار إلى عقد اجتماعات في السعودية لوضع إطار عمل للتحالف بمشاركة مسؤولين قطريين، في الوقت ذاته أكد الجبير أن هناك نقاشات بين الأردن ومصر لبلورة الأفكار، مع تشديده على أن مجلس التعاون الخليجي سيبقى المؤسسة الأهم لدول الخليج، ولعل هذا التصريح يحمل هنا إجابة مستقبل مجلس التعاون الخليجي ومصيره الذي أثير كتساؤل بعد إعلان هذا التحالف الإقليمي.

من ضمن ما أكده الجبير كذلك من تصريحات لافتة في هذا السياق، أن التعاون الأمني مع قطر مستمر والتحالف لن يتأثر بالخلاف الدبلوماسي، ولعل هذه التصريحات ورغم أنها مطمئنة إلا أنها تعود بالذاكرة إلى مشهد مشاركة قطر مع قوات التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن واتفاقية الرياض، حيث يبقى السؤال هل قطر التي ستكون من ضمن الدول الموجودة ضمن تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي «ميسا» قادرة على الالتزام بمبادئ وأسس هذا التحالف أمام سعيها وتآمرها في الوقت نفسه لتغذية الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط ودعمها للجماعات الإرهابية وإيواء الدوحة لعدد من الإرهابيين المطلوبين أمنياً وتحالفها مع محور الشر إيران؟ هل هذه التصريحات تكشف وجود متغيرات فيما يخص الموقف القطري المتعنت وتراجع الدوحة عن سياساتها الفوضوية؟ لعل عام 2019 الذي سيشهر فيه هذا التحالف يحمل إجابة هذه التساؤلات!