أكد د. محمد عبد الغفار مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "أن دول مجلس التعاون قطعت شوطا طويلا في طريق التكامل الاقتصادي منذ انطلاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 1981م".

جاء ذلك في بداية اعمال (ندوة التكامل الاقتصادي الخليجي..التحديات والحلول)، التي ينظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات) بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث صباح اليوم بفندق انتركونتننتال المنامة بمشاركة نخبة من المسؤولين وممثلي الغرف التجارية والأكاديميين والباحثين الخليجيين لمناقشة سبل تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وقال "أن مدى التكامل الخليجي ينعكس في اجمالي التجارة البينية التي نمت بنسبة 768% في 20 سنة بين 1993-2012 ،لتبلغ الآن ما يزيد عن 90 مليار دولار أمريكي، مضيفا ان هناك خطط واعدة على راسها مشروع الوحدة النقدية وشبكة السكة الحديد التي تتضمن اقامة جسر جلالة الملك حمد، وسيعزز انجاز تلك المشاريع الروابط التكاملية ما بين الدول الست.

وأضاف "بات اليوم من حق للمواطن الكويتي أن يعمل في عمان ويتملك اسهما في شركة اماراتية ويقضي اجازاته في دبي والبحرين ويسجل شركته في السعودية وينقل ارباحها لحسابه الشخصي في البحرين، ولفت الى انه بالرغم من هذه الانجازات لم تحقق الدول الاعضاء في مجلس التعاون حتى الان المردود الاكبر الذي يتعلق بالتكامل الاقتصادي، ويرجع ذلك الى انها لم تعمل بعد ككتلة اقتصادية موحدة امام المجتمع الدولي، لافتا الى ان التغييرات الراهنة في الاقتصاد الدولي تمنح فرصا هامة لدول مجلس التعاون ،فالدول الغربية تعاني من ثغرات اساسية في اقتصاداتها ويبحث المستثمرون عن فرص جديدة في ظل الازمة المالية الدولية ومايلوح في الافق من بوادر سلبية تشكل قلقا حقيقيا في الدول المتقدمة اقتصاديا مثل فرنسا والمملكة المتحدة واليابان .

واكد الدكتور محمد عبد الغفار على انه ينبغي على دول مجلس التعاون ان تبلور تفاصيل المصلحة العامة الخليجية وان تمنح الامانة العامة مؤسسات مجلس التعاون الاخرى مزيدا من الصلاحيات لكي تنفذ الرؤية المشتركة ،وفي نفس الوقت يجب رسم آلية تضمن للدول الاعضاء انه في حالة تنازل دولة ما عن مصلحتها لاجل المصلحة العامة ،ستعوض فورا او لاحقا وبطريقة موثوق بها وشفافة .

عقب ذلك اكد وزير الصناعة والتجارة السعودي د. توفيق بن فوزان الربيعة في كلمته خلال الندوة قائلا "أن اقتصاد دول مجلس التعاون أثبت قدرته على تجاوز الأزمات العالمية والإقليمية واحتفظ بموقع متقدم على المستوى العالمي فهو ضمن قائمة أكبر 12 اقتصاد عالمي وبلغ حجمه في العام الماضي 2013م حوالي 1.65 تريليون دولار، مع توقع زيادته إلى 1.7 تريليون دولار مع نهاية العام الجاري 2014م، بنسبة نمو متوقعه 4.2%".

واضاف أن دول المجلس تأتي في المرتبة الخامسة عالميا من حيث حجم تجارتها الدولية بقيمة 1.4 تريليون دولار في عام 2012م, كما أن موجودات الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون تبلغ 2.3 تريليون دولار لتستحوذ على ما نسبته 35.4 % من مجموع موجودات الصناديق السيادية في العالم ،مشيرا الى ان تطبيق اتفاقية الاتحاد الجمركي حققت الكثير من الفوائد، فقبل توقيعها كان متوسط حجم التبادل التجاري بين دول المجلس سنوياً حوالي 12.5 مليار دولار، ثم بعد توقيعها بسنوات قلائل ارتفع إلى أكثر من 58 مليار دولار سنوياً، وهذه الزيادة الملحوظة في حجم التبادل التجاري الخليجي تدفعنا إلى السعي نحو تحقيق المزيد حيث مازال حجم التجارة البينية الخليجية يمثل نسبة 6.2 % من إجمالي حجم تجارة دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة بما نسبته 63.6% لدول الاتحاد الأوروبي.

واشار وزير الصناعة والتجارة السعودي الى انه قد حان الوقت للإسراع نحو التكامل الاقتصادي تنطلق من المكاسب التي تحققت، وتؤدي إلى إنجازات جديدة أكثر فائدة وتتناسب مع التحديات التي طرأت من شأنها أن تدعم القطاع الخاص وزيادة مشاركته في الناتج الإجمالي ،مع ضرورة تسريع وتيرة المشاريع الاستراتيجية والخدمية مثل شبكات السكك الحديدة والطرق والموانئ والمطارات وتطوير مصادر المياه وتنويع مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة لمواجهة احتياجات المستقبل، وزيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة في مجالات الصناعة والتعدين، وكذلك الاهتمام بالبحث العلمي، و التوسع في الاعتماد على اقتصاديات المعرفة وتوطين التكنولوجيا, ومكننة جميع الأجهزة من أجل اللحاق بركب التطور العالمي، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة استكمال التشريعات الموحدة في مختلف الميادين بما يحقق تطوير التشريعات الخليجية لتكون متوائمة مع التشريعات العالمية وليست متعارضة معها خاصة في مجال الاستثمارات.

وتتناول الجلسة الأولى من الندوة متطلبات توسيع القاعدة الاقتصادية بدول مجلس التعاون وتنويع مصادر الدخل، فيما تهتم الجلسة الثانية بمستقبل الطاقة في دول الخليج والتحديات التي تواجه النفط الخليجي وقضايا أمن الطاقة.

وتركز الجلسة الثالثة على الاستثمارات الخليجية المشتركة، وتناقش هذه الجلسة دور القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية في مواجهة البطالة، وقدرة التشريعات الاقتصادية الخليجية على مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية.

وشارك في الندوة كل من د. عبدالرحمن بن عبدالله الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية، الشيخ محمد الحارثي رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية، السيد محمد أحمد أمين مساعد المدير العام للشؤون الاقتصادية والدولية بغرفة تجارة وصناعة الشارقة، د. خالد بن محمد السليمان نائب رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة السابق، أ.د. حبيب الله تركستاني أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز، د. عمر العبيدلي مدير برنامج الدراسات الدولية والجيوسياسية بمركز "دراسات"، د. هيثم لنجاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز، د. صالح بن جمعة الغيلاني من الجمعية الاقتصادية العمانية، والأستاذ عمار الغزالي من الجمعية الاقتصادية العمانية.