لحد الآن لا يبدو واضحاً لماذا هبطت واردات الصين من النفط الإيراني، ولكن الهبوط كان كبيرا،ً سواء على أساس سنوي أو على أساس شهري، حيث أظهرت بيانات الجمارك الصينية، اليوم الاثنين، أن الواردات انخفضت في أغسطس بنسبة 28.6 بالمئة مقارنة بمستواها قبل عام لتصل إلى 1.32 مليون طن، أو ما يوازي 311 ألفا و653 برميلا يوميا. وعلى أساس يومي انخفضت واردات أغسطس 44.2 بالمئة عن يوليو لتصل إلى 558 ألفا و865 برميلا يوميا. وبشكل عام فإن هذا الهبوط ليس مفاجئاً، إذ إنه بدأ منذ شهر مايو بعد نحو ستة أشهر من الشراء العالي للنفط الإيراني من قبل الصين.
في هذا الصدد، يشير خبير في شؤون النفط لـ"العربية.نت" إلى أن غداً سيكون يوما مهما للسوق الذي ينتظر معرفة نتائج مؤشر التصنيع في الصين لشهر سبتمبر، وعلى أساسه سيتم تحديد الرؤية حول حجم الطلب المتوقع على النفط، إذ إن أي هبوط في مؤشر التصنيع معناه أن النشاط الصناعي وبالتالي استهلاك النفط والمواد البترولية سيكون أقل.
وحتى الآن تشير أغلب توقعات المحللين إلى انخفاض في النشاط الصناعي الصيني ليوم غد، وهو ما انعكس اليوم على سعر خام برنت الذي هبط إلى حوالي 97 دولارا للبرميل في جلسات اليوم. الانخفاض غداً قد يزيد بمجرد ظهور بيانات سلبية، ولكن لا أحد يعرف إلى الآن بالتأكيد ما هي نتائج المؤشر الصناعي.
المتخصص في عالم النفط، وائل مهدي يعلق بالقول "الكل يعقد آمالاً كبيرة على الصين لرفع الطلب على النفط هذا العام، وسيكون مخيباً للتوقعات أن ينخفض النشاط الصناعي الصيني في وقت يسبح فيه السوق في المعروض النفطي".
وقال "بالحديث عن المعروض النفطي فإن مؤسسة النفط الوطنية الليبية أعلنت اليوم أن حقل الشرارة في لييبا من المحتمل أن يعود للإنتاج غداً، مما يعني تبدد المخاوف حول انقطاع المعروض النفطي الليبي، الأمر الذي سيزيد الضغوط لانخفاض الأسعار".
مضيفا أنه مما زاد من مخاوف السوق هو تصريحات وزير المالية الصيني، لو جايوي، الذي أوضح أمس أن النمو الاقتصادي في الصين يواجه ضغوطاً تدفع به للهبوط أكثر من الارتفاع، وفي الوقت ذاته استبعد أن تقوم بلاده بتغيير سياستها الاقتصادية الحالية. الكل يعرف أن الصين لن تنمو بمعدل 7.5% المستهدف هذا العام، ولكن النمو سيكون قريباً من هذا المعدل.
يشار إلى أن الطلب على النفط في الصين غير واضح حتى الآن، فالواردات في زيادة، ولكن يبدو أن أغلب هذه الواردات يتم تخزينها بدلاً من استهلاكها في المصافي، إذ إن بعض البيانات حول أنشطة التكرير في الصين خلال الشهر الماضي أوضحت أن معدلات التكرير لم تكن كبيرة.
وأظهرت اليوم بيانات حكومية صينية أن واردات الصين زادت من السعودية وروسيا وعمان وأنغولا والعراق والإمارات العربية المتحدة في الشهر الماضي، فيما انخفضت وارداتها من إيران والكويت وفنزويلا.
وزيادة الواردات قد لا تعني زيادة في الاستهلاك المحلي، بل زيادة في التخزين، خصوصاً أن أسعار النفط الآن منخفضة، والفترة القادمة قد تشهد صعودها، والصين تريد ملء خزاناتها الاستراتيجية بتكلفة أقل.
يشار في هذا الصدد إلى أن الصين قد أبرمت عدة اتفاقيات استراتيجية في استيراد النفط مع دول أخرى، مثل السعودية وروسيا، الأمر الذي يتيح لها تنويع مصادر الاستيراد دون المساس بخطتها التنموية.
الخبير النفطي حجاج بو خضور يؤكد في اتصال مع "العربية.نت" أن المفارقة فعلا كبيرة، ففي وقت ترسو فيه سفن حربية صينية في الشواطئ الإيرانية، الأمر الذي يعني تقوية العلاقات بين البلدين، إلا أنه يشهد في الوقت ذاته تراجعا في الواردات، ويبدو أن هذا الانخفاض الصيني المفاجئ قد يكون مرتبطا بمستويات التخزين في بكين، كما أن هذا التراجع قد يعزى إلى الاتفاقيات الجديدة التي أبرمت مع دول منتجة أخرى.
وبسؤال الخبير بو خضور إن كان التراجع في الاستيراد مرتبطا بالتوقعات حول انخفاض النمو الصناعي في الصين، قال "إن الصين لديها استراتيجية واضحة وثابتة، وبالتالي فإن قراراتها ليست آنية أو مؤقتة"، واعتبر بو خضور أن تراجع النفط اليوم سببه هذه البيانات التي تم إعلانها عن تراجع الطلب الصيني".