في حديثي مع صديقي المتابع للدوري الإسباني، سألني عن بايرن ودورتموند وعدد النقاط الفاصلة بينهما –على أساس أن بايرن يبتعد بصدارة الدوري ودورتموند يلاحقه!- لكن جوابي كان أن بادربورن هو من يتصدَّر جدول الدوري وليس البافاري فكان جوابه "ما هذا ؟ هل هذه هي البوندسليجا ؟ ".
بروسيا دورتموند انهزم من ماينتس وبايرن ميونيخ تعادل مع هامبورج وليفركوزن انهزم بالأربعة من فولفسبورج وشالكه وشتوتجارت وهامبورغ يعانون في مؤخرة الترتيب فلماذا لا يكون بادربورن متصدراً للبونسليجا.
الفريق الملقب ب "منارة الريف" سيواجه العملاق البافاري يوم غد الأربعاء بملعب "اليانز آرينا" في ثاني مواجهة فقط مع منافسه بعد تلك التي جمعتهما في 2001 في مسابقة الكأس حين خرج بايرن منتصرا خارج قواعده بنتيجة كاسحة 5-1.
جول يرصد لكم في هذا التقرير القصة الكاملة وراء تألق هذا النادي المثير قبل مواجهته للبافاري.
من هو هذا الفريق ؟
فريق بادربون هو الفريق ال53 الذي يشارك في البوندسليجا، الفريق الذي ظهر للوجود في 1907 يشارك في البوندسليجا لأول مرة في تاريخه، سنوات طويلة لم يكن إسم النادي حاضرا كثيرا في الأذهان سوى في 21 أغسطس 2004 حين فاز النادي على هامبورغ 4-2 في كأس ألمانيا، وهي مباراة شهدت فضيحة اكتشفت في عام 2005 بطلها حكم تلك المباراة روبيرت هويتسر الذي تلقى المال من مكتب مراهنات كرواتي ليقوم باحتساب ركلتي جزاء غير صحيحتين وإشهار بطاقة حمراء مما جعلها وصمة عار في جبين الكرة الألمانية.
بادربورن فريق تفرد على طريقته الخاصة بعدم لعبه لأي مباراة يوم أيام الجمعة على ملعبه "بينتلر آرينا" بسبب اعتراضات المقيمين بجانب الملعب على الضجة - وهو أمر جعل جماهير الأندية الأخرى تسخر من النادي-، وللعلم فمدينة بادربورن هي مدينة يقطنها حوالي 150 ألف شخص فقط على بعد 100 كيلومتر فقط عن مدينة دورتموند.
كيف وصل لقمة البوندسليجا ؟
مع بداية الموسم الحالي وبشكل غير مفاجئ، بادربورن كان الفريق المفضل ليعود بسرعة للدرجة الثانية بعد الاستمتاع بتجربة استقبال فرق مثل بايرن، دورتموند وليفركوزن في بينتيلر آرينا -الذي تبلغ عدد مقاعده 15 ألف فقط-، لكن لم يكن أحد يتوقع أن يجد بادربورن في صدارة البوندسليجا بعد مرور 4 جولات بفضل فوزين وتعادلين فقط الأمر الذي يحدث للمرة الأولى منذ 8 سنوات، منذ تصدر هيرتا برلين جدول الترتيب في في موسم 2006|2007 بثماني نقاط قبل إنهاء الموسم في وسط الترتيب.
بداية موسم 2013|2014 في دوري الدرجة الثانية كانت للنسيان بالنسبة لبادربون، إقالة المدرب ستيفان شميدت ثم إيجاد بديل مؤقت له هو ريني مولر قبل العودة للطريق الصحيح مع آندري بريتينريتر -الذي سبق له أن لعب مع هامبورغ وفولفسبورغ وفاز بالدوري كأس مع هانوفر في 1992-، والذي عانى أيضا في البداية بتحقيق انتصارين فقط في 9 مباريات أدت لاحتلال الفريق المركز ال16 وخيبة الأمل بسبب تكرار نفس سيناريو الموسم الذي سبقه حين احتل الفريق المركز ال12، 9 انتصارات عرفت 4 من أول هذه التسع مباريات هزيمة الفريق، لكن بعد تلك المرحلة خسر الفريق فقط 4 مباريات في طريقه للصعود لأول مرة في تاريخه للبوندسليجا بعد إنهاء الموسم في المركز الثاني خلف كولن البطل.
صحيح أن هوفينهايم وماينتس وبايرن كلهم لديهم 8 نقاط مثل بادربورن والفارق فقط بينهم هو الأهداف، الذي في صالح الفريق المنتمي لشرق الفستفاليا بفضل الأهداف التي سجلها هجومه وما استقبله دفاعه، إلياس كاتشونجا كان له شرف تسجيل أول أهداف بادربورن في البوندسليجا كما أنه سجلين هدفين آخرين، ولو ستطاع أن يواصل تسجيل الأهداف مع حفاظ الحارس لوكاس كروزه على نظافة شباكه، فإن الفريق الصاعد من الدرجة الثانية سيضمن بقاءه بسهولة، ولا ننسى أنه كان من الممكن أن يحتل المركز الأول ب10 نقاط –لولا هدف كوو جا-شيول لاعب ماينتس في الدقيقة الأخيرة في الجولة الأولى).
هل يمكن أن يستمر بنفس الأداء ويكون الحصان الأسود ؟
"إنه حلم أن لا ننهزم بعد أربع مباريات ولكن لا شيء تغير بالنسبة لنا، نريد فقط أن نستمر بجمع أكبر عدد من النقاط لتجنب الخبوط" هكذا صرَّح آندري بريتنريتر مدرب الفريق، ولكن بادربورن لا يعتبر الحالة الوحيدة لفريق صاعد من الدرجة الثانية وبَصَمَ على بداية مميزة، فلنتذكر هوفينهايم في موسم 2008|2009 بقوته الضاربة هجوميا آنذاك بتواجد فيداد إبيشيفيتش، ديمبا با وشينيدو أوباسي ساهموا في تتويج هوفتهايم بطلا للخريف. لكن ذلك الفريق المميز عانى من لعنة الإصابات أثرت على خط هجومه بإصابة إيبيشيفيتش في الركبة أنهت موسمه الذي سجل فيه 18 هدف في نصفه فقط، 12 مباراة من دون انتصار ثم إنهاء الموسم في المركز السابع بعد حسم الثنائي الرائع جرافيتي و إدين دجيكو لقب البوندسليجا الأول لفولفسبورج.
حاليا لا يمكن المراهنة على وصول بادربورن في نهاية العام كبطل الخريف فالوصول للقمة أمر سهل لكن من الصعب الحفاظ على عليها، لأن الظروف مختلفة باختلاف هوفينهايم المميز آنذاك والذي وجد مساندة مالية فور صعوده للدرجة الأولى بينما بادربورن كان يتوفر على 6.2 مليون يورو الموسم الماضي في الدرجة الثانية –في المجموع وليس لكل لاعب!- ، والصعود أضاف له 9 مليون يورو إضافية فقط والذي إذا قمنا بمقارنته مع الأندية الأخرى فلا يساوي شيئاً.
مثلا مهاجم الفريق سليمان كوش كان يقضي عقوبة سجنية لمدة 3 سنوات و9 أشهر قبل الخروج في 2011 والتوقيع مع بادربورن في يناير 2014 والآن متواجد في هجوم النادي، الظهير الأيسر دانييل بروكنر -33 عام- كان بدون مأوى في فترة سابقة من حياته عندما كان في هامبورج ينام تحت جسورها قبل أن يصبح لاعبا أساسيا في بادربورن حتى أن جماهير النادي أصبحت تلقبه ب "إله كرة القدم، والأهم من ذلك أن الفريق بدأ مبارياته الأربع ب11 لاعبا ألمانيا بدون إشراك أي من لاعبيه الأجانب الخمسة المتواجدين في قائمته.
بادربورن سيرحل لليانز آرينا لمواجهة البطل بايرن قبل مواجهة جلادباخ وليفركوزن قبل التوقف الدولي، مباريات لا يمكن التوقع بنتيجتها لأن البوندسليجا في النهاية لا يمكن التوقع بنتائج مبارياتها، البداية ستكون بمواجهة البافاري ستستحق المشاهدة وكما قال بيب جوارديولا قبل مواجهة لاعبي آندري برتنريتر: "ليس لديهم ما يخسرون، سيلعبون بقتالية مجدداً".