يدرك كثير من المراقبين أن السلطة التشريعية القادمة والمؤلفة من مجلس الشورى يعينه جلالة الملك، ومجلس النواب المنتخب انتخاباً حراً مباشراً، تتشكل في ظل ظروف حساسة للغاية قد تكون هي الأشد حساسية منذ استئناف المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين العام 2002.

إذ من الواضح أن السنوات الأربع القادمة ستكون صعبة في ظل ظروف اقتصادية يعيشها العالم أجمع، وتأثرت بها اقتصاديات كثير من الدول لا سيما دولنا التي تقتات على المداخيل النفطية ولا شيء سواها.

هذا الوضع يلقي على الناخب مسؤولية وطنية بضرورة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي «بعد غدٍ السبت الموافق للرابع والعشرين من شهر نوفمبر الجاري»، واختيار المرشح الكفؤ القادر على الاضطلاع بمهمة العضو النيابي على الوجه الأكمل، بما فيها اقتراح وسن التشريعات التي من شأنها تمكين البحرين من عبور هذه المرحلة بسلام وبأقل الخسائر ودون الإضرار أو التعرض لجيب المواطن الذي استنزفته حزمة من التشريعات التي أقرها المجلس السابق.

وعلى الناخب أن يتأكد من قدرة المرشح الذي سيمنحه صوته من ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، بحيث لا يكون مجرد رقم مكمل لعدد الأعضاء بل عضواً فاعلاً وأميناً على مصلحة البلاد والعباد تحت قبة البرلمان.

ويقتضي ذلك أن يحرص الناخب على قراءة البرامج الانتخابية والسير الذاتية للمرشحين والمفاضلة بينها على أساس معيار المصلحة الوطنية، ولا شيء غير ذلك، ليس لصلة القرابة أو سابق المعرفة أو لاعتبار الالتزام الديني أو الانتماء القبلي أو العائلي أو غيرها.

وهنا على الناخب أن يضع في حسبانه أن النائب يمثل الشعب في مجموعه.. وبالتالي هو يصوت لممثل عن البحرين وليس عن دائرة فحسب. وإن ما سيقترحه هذا النائب غداً أو يقره أو يوافق أو لا يوافق عليه سيتأثر به مجموع الشعب وليس أهالي دائرته فحسب.

ولنا في تجاربنا السابقة خلال الدورات التشريعية الأربع المنصرمة عظة وعبرة، فكم من مشروعات قوانين أقرت ومررت على خلاف رغبة المواطنين ومصالحهم؟! وكم من مشروعات ومقترحات هي في صالح المواطنين تم وأدها في أدراج المكاتب؟

وها قد جاء الوقت لنقول كلمتنا ونحسن اختيار من يمثلنا تحت قبة البرلمان وينتصر لمصالحنا ومشاكلنا وهمومنا، حتى لا نعود لنتحسر لاحقاً ونتجرع مرارات الندم على قرار خاطئ أو اختيار سيئ سنظل ندفع ثمنه لأربع سنوات قادمة وأكثر.

* سانحة:

إن المسؤولية كبيرة وتتعاظم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد وتقتضي تكاتف الجميع للعبور منها إلى بر الأمان، ومن أهم مقتضيات ذلك تشكيل مجلس نيابي مؤلف من ذوي الكفاءات والخبرة والقدرة على الدفاع عن حقوق المواطن.

وهذا يتطلب إدراك كل من المرشحين والناخبين لحساسية مهمتهم سواء في الترشح أو الاختيار. فمن جانب المرشحين، يجب أن تكون المصلحة العامة -العامة فحسب- ديدنهم، الأمر الذي يحتم نزاهة النية والعمل معاً. أما من جهة الناخب، فمهمته تكمن في اختيار المرشح الكفء القادر على تمثيل الشعب خير تمثيل.

وعليه أن يعلم أن قراره اليوم سيدفع الجميع ثمنه لأربع سنوات قادمة نسأل الله ألا تكون عجافاً بل محملة بالخيرات والمليارات على هذه المملكة وشعبها.