بلغ مُعدَّل التضخم في آسيا خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 4.2%، في وقت يأمل محللو الأسواق حدوث المزيد من التيسير النقدي حتى يستفيد المستثمرون من ارتفاع آخر في أسعار الأسهم كالذي نتج عن ارتفاع السيولة في 2010. ووفقاً لتقرير صادر عن الشركة «الكويتية - الصينية»، فإن السياسة النقدية في آسيا خلال 2012 لن تبدو كالتي كانت عليها في 2009، لأن بعض المخاطر التضخمية الناتجة عن الإجراءات النقدية التخفيفية في دول الغرب لا تزال متواجدة، وذلك على عكس ما يتوقع مستثمرين في الأسواق المالية. وفيما تعاني دول الغرب في دعم نمو اقتصاداتها، فإن الدول الآسيوية أكثر قلقاً من التضخم الناتج عن انتعاش اقتصاداتها بشكل منتظم. فبعد الأزمة المالية في عام 2008، أنقذت الحكومات اقتصاداتها عن طريق تخفيف السياسات النقدية خلال 2009، عن طريق تخفيض أسعار الفائدة والسماح للتدفقات النقدية بدخول النظام الاقتصادي وبالأخص من دول الغرب. ومع الارتفاع السريع في معدل التضخم في النصف الأول 2010، بدأت البنوك المركزية الآسيوية بوضع سياسات تساعد على التحكم بالتضخم من خلال رفع أسعار الفائدة التي سبق أن خفضتها أثناء الأزمة المالية. وساعدت عملية إعادة توازن السياسة النقدية التي رافقها الاعتدال في حجم السيولة النقدية - التي كانت كبيرة جداً - على تخفيف أثر هذا التضخم. وفي النهاية، لعبت التأثيرات الأساسية دوراً كبيراًً، فبدأ نمو الأسعار التي كانت عالية من الأساس في عام 2009 السابق بالانخفاض. ووفقاً لخبراء اقتصاديون، فإن الإنفاق على المواد الغذائية في آسيا، يشكل أكثر من ثلث السلة، ولهذا يؤثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية على التضخم في آسيا بشكل أكبر منه في الاقتصاديات الغربية. ومازالت دول الغرب تواجه ركود اقتصادها بالأوضاع النقدية المخففة. ففي الولايات المتحدة، أكد الاحتياطي الفيدرالي أن سعر الفائدة لن يتغير إلى عام 2014. كما عرض البنك المركزي الأوروبي توفير قروض غير محدودة بمعدلات فائدة منخفضة للقطاع المالي، بهدف تجنب عدوى المشاكل الاقتصادية في عدد من دول أوروبا. وفي ظل هذه الظروف، مازالت آسيا تواجه مخاطر ارتفاع أسعار السلع والتدفقات النقدية الهائلة التي تدخل في النظام الآسيوي. فبسبب تباين أسعار الفائدة، سيجد المستثمرون أن الأوراق المالية الآسيوية ذات معدلات الفائدة العالية أكثر ربحاً من تلك الغربية ذات الفوائد المنخفضة. وبما أن الاقتصاد الآسيوي يعتمد بشكل كبير على التبادل التجاري، وفي الوقت الذي ينخفض طلب الاقتصادات الغربية بسبب تباطؤها، فإن آسيا تعاني من خطر انخفاض النمو. وعلى الرغم من كون الاقتصادات الآسيوية تعيش وضعا افتصاديا مشجعا يدعم المزيد من التخفيف، يجب أن تأخذ الأسواق بعين الاعتبار أن مخاطر التضخم لا تزال بارزة وأن البنوك المركزية الآسيوية ستكون حذرة جداً في تخفيفها النقدي خلال 2012.