ما زال السويسريون الأغنى في العالم من حيث ثروة الفرد الواحد على الرغم من ركود ثرواتهم الخاصة في العام الماضي مقارنة بالأرقام الدولية، لكن المفارقة أن المواطن السويسري يعد أيضا الأعلى مديونية في العالم.
وبلغ صافي الأصول المالية للفرد الواحد في سويسرا 146540 يورو (188714 دولاراً) في العام الماضي مقارنة بـ 141890 يورو (182725 دولاراً) في 2012، وفقا للتقرير السنوي الخامس لمؤسسة "أليانز" الألمانية للتأمين "جلوبال وورث ريبورت"، الذي يضع الأصول والديون للأسر في 50 بلدا تحت المجهر. وعلى الرغم من أن هذا المبلغ صعد بصورة ضعيفة العام الماضي مقارنة بالمتوسط العالمي، إلَّا أن سويسرا احتفظت بالمكانة الأولى في الترتيب، متقدمة على الولايات المتحدة حيث بلغ صافي أصول الفرد الأمريكي 119570 يورو (153982 دولاراً).
ووفقا لصحيفة "الاقتصادية" فإن التطور الإيجابي في أسواق الأسهم في أوروبا واليابان، والولايات المتحدة، يعد المحرك الرئيسي لهذا النمو، حيث تشير الدراسة إلى أن الثروات على شكل الأوراق المالية زادت بنسبة 16.5 في المائة، لتتجاوز الآن المستويات التي وصلت إليها قبل الأزمة المالية العالمية.
وجاءت بلجيكا في المركز الثالث، إذ بلغ معدل ثروة الفرد البلجيكي 78300 يورو، وثروة الفرد الهولندي 71430 يورو، أو أقل من نصف معدل ثروة الفرد السويسري، ثم الياباني في المركز الخامس بمعدل ثروة بلغت 71190 يورو، ومن المركز السادس إلى العاشر، على التوالي، تأتي السويد (70080 يورو)، وتايوان (66010)، وكندا (65900)، وسنغافورة (64520)، وبريطانيا (63490).
والمفاجأة التي حملها التقرير، أن ألمانيا جاءت في المركز الـ 16، بعد إيطاليا وفرنسا، بمعدل ثروة 44280 يورو للفرد الواحد، فقد بلغت ثروة الفرد الإيطالي 48800 يورو، والفرنسي (46020)، ومن المركز الـ 17 إلى الـ 20، جاءت كل من النمسا (43740 يورو)، وإيرلندا (34300)، والبرتغال (22480)، فيما بلغ معدل ثروة الفرد الإسباني 21480 يورو، أي ما يعادل نحو سُبع ثروة السويسري. وعموماً، فإن إجمالي الأصول المالية العالمية للأسر الخاصة سجلت ارتفاعاً بنسبة 9.9 في المائة في العام الماضي، وهو أعلى معدل للنمو منذ عام 2003، وبهذا يصل إجمالي الأصول العالمية لمستوى قياسي جديد بلغ 118 تريليون يورو.
ولم تكن كل المناطق قادرة على الاستفادة من النمو بالقدر نفسه في الأسواق الناشئة، ولا سيما في أمريكا اللاتينية، حيث تباطأ نمو الأصول بسبب الاضطراب في أسواق رأس المال والعملة المحلية، وعلى النقيض من ذلك، ارتفع النمو بسرعة في أمريكا الشمالية (+11.7 في المائة)، واليابان (+6.1 في المائة) وأيضا في أوروبا الغربية (+5.2 في المائة)، غير أن هذا لم يمنع أوروبا الغربية من الوقوف خلف طوكيو.
وهناك العديد من البلدان التي لم يتغير توزيع الثروة فيها كثيرا، أو حتى لم تشهد تحسناً في عدالة التوزيع على مدى العقد الماضي، وأغلبها في قارة
أمريكا اللاتينية، أما في بعض البلدان الكبيرة، مثل الهند وروسيا فقد حصل تطور معاكس أي أن نسبة الثروة في أيدي الـ 10 في المائة الأغنى نمت مرة أخرى، كما سجل عدم المساواة أيضا ارتفاعا كبيرا في عدد من البلدان الأوروبية وهي فرنسا، وسويسرا، وإيرلندا، وإيطاليا.
وأوضح مايكل هايس، رئيس القسم الاقتصادي في الفرع السويسري لشركة أليانز، أن أي اقتصاد يأمل في تحقيق توزيع عادل للثروة ينبغي ألَّا يهدف إلى الحد من نمو الموجودات والأصول بفرض الضرائب والرسوم، بدلاً من ذلك عليه القيام بكل شيء ممكن لتعزيز نمو الموجودات ككل، فالنمو هو السبيل الأفضل لتحقيق العدالة الاجتماعية. وليست الأصول وحدها التي شهدت نمواً قويا في جميع أنحاء العالم في العام الماضي؛ فالديون بما في ذلك ديون الرهن العقاري نمت هي الأخرى بقوة، أو بمعدل 3.6 في المائة، وهو أسرع نمو للدَين من أي سنة أخرى منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية. ومثلما احتلت سويسرا المركز الأول من حيث ثروة الفرد الواحد، جاءت في المركز الأول أيضاً من حيث حجم مديونية الفرد الواحد، ففي بلاد السرية المصرفية، لا تتسم ثروات الأسر المعيشية بتحقيق وفورات كبيرة عن طريق التوفير فقط، بل تتسم أيضا بنسبة الدين المرتفعة، ولم يظهر في دراسة أليانز أي مكان آخر في العالم يصل فيه عبء الدين الفردي الخاص إلى هذه النسبة العالية، وهو ما يعادل 75490 يورو (97216 دولاراً) في المتوسط.
وبرزت مديونية المواطن السويسري بفارق واضح عن المواطن الأمريكي والألماني، بعد أن أخذت المركز الأول من النمسا التي هبطت في العام الماضي إلى المركز 16 بمتوسط دين للفرد الواحد يصل إلى 44.280 يورو. ويتزايد عبء الديون في الأسواق الناشئة، أكثر أو أقل باستمرار، حسب الناتج الاقتصادي، ولا سيما في آسيا باستثناء اليابان، ففي بعض البلدان مثل كوريا الجنوبية أو ماليزيا، ذهبت نسبة الدين إلى ما فوق علامة 80 في المائة، أو قبل مستوى الدين في الولايات المتحدة. وفي الجانب المشرق والمظلم إلى حد ما لتوزيع الثروة العالمية في عام 2013، كان هناك 65 مليون من "الخاسرين" لكن هناك ما يقرب من نصف مليار من "الرابحين".