ما زال المريخ يشاكس علماء الأرض، ويحاورهم من حين لآخر بإشارات تحيّر وتثير الفضول، تأتيهم من مسافة تزيد على 60 مليون كيلومتر، وتبثها عربة "كيوريوسيتي" المتجولة كمسبار هناك منذ عامين، وأحدثه إشارتان محيّرتان فعلاً: صورة لصخرة تكّورت بحيث بدت كطابة بلياردو، وثانية أفقية وبجوارها على أديم الكوكب الأحمر، وظهرت كإشارة مرور ضوئية تحجّرت عبر ملايين السنين.
إنها صخور وأحجار بالتأكيد، لكن أشكالها التي نتجت من حفر العواصف والرياح فيها، جعلتها تبدو شبيهة ببعض ما نصنعه على الأرض، وظهرت في صور عدة التقطتها العربة المسبارية حين وصلت قبل أسبوعين إلى "جبل شارب" المرتفع في المريخ 5 كيلومترات، وبثتها "ناسا" الفضائية الأميركية في موقعها الإلكتروني الثلاثاء الماضي، وسريعاً قام الممعنون في البحث بكل صور جديدة تأتي من الفضاء بفحصها وتكبير كل سنتيمتر فيها، فوجدوا ضالتهم بالصورتين، وأثاروا الفضول والتساؤلات.
البريطاني جو سميث، هو أحد هؤلاء الباحثين دائماً عن الغرائب الصخرية في صور المريخ، وهو واحد من مشاهير حقل جديد في الإعلام، خاص بالإنتاج الفيديوي لما يجدونه مثيراً في الفضاء، وله قناة خاصة في "يوتيوب" سماها ArtAlienTV
والتقط "كيوريوسيتي" الصورة للموقع الذي بدت فيها "إشارة المرور المتحجرة" من ارتفاع امتدت إليه ذراع الكاميرا إلى ما يقل عن مترين، وبدت فيه الأشياء صغيرة على طبيعتها في الموقع، وحين قام سميث بتكبير الصورة وجد ما قد يظنه المتسرعون بأنه بقايا حضارة مريخية سبقت ما صنعه الإنسان على الأرض بمئات الملايين من السنين، ثم عاد سميث من الحلم إلى اليقظة حين وجد أن حجم الصخرة لا يزيد عن 30.5 سنتيمتراً فقط، أي أصغر من "لمبة" واحدة في 3 نوافذ ينبعث منها ضوء إشارة المرور.
أما الصخرة الكروية كطابة البلياردو، فلاحظتها قناة "ديسكفري نيوز" التي ذكرت عنها أمس الأربعاء في موقعها الإلكتروني بأنها "مثال مهم لحالة التحجر في المريخ"، على حد ما قرأت من شرح نقلته عما قاله علماء في "ناسا" سألتهم عنها، وأكدوا أنها ليست كبيرة كما تبدو في الصورة "بل عرضها سنتيمتر واحد تقريباً".. وهكذا يبدد العلم بسرعة أحلام الباحثين عن "حضارة" ما خارج الأرض ولا يجدونها، إلى أن يتحقق الحلم في يوم لا ندري متى سيكون.