الوقوف عند مؤشرات المرأة اليوم يخلص إلى حقيقة مفادها أن المرأة البحرينية في 2018 لم تعد كما كانت عليه قبل عشر سنوات، إذ ثمة شواهد على تغير هذا الواقع واختلافه جملة وتفصيلاً.. وفي احتفال يوم المرأة مساء أمس الأول الذي جاء هذا العام بشعار «المرأة في المجال التشريعي والعمل البلدي»، بدأ الحفل بكلمة سامية من راعي النهضة في مملكتنا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إذ قال في كلمة مصورة: «أتوجه بخالص التهاني وعميق العرفان لمن ساهمت في البناء، وأنارت بمصابيح العلم طريق نهضتنا، وحصنت بإرادتها المستقلة سياج وحدتنا، فهي من قرأت وتعلمت وشاركت فصنعت مجد وطنها».

بهذه الكلمات حيا جلالته الأداء المسؤول والنتائج التي حققتها مشاركة المرأة في الانتخابات التشريعية والبلدية، التي لها من التقدير ما يجعلها شريكاً جديراً في إدارة ميادين العمل والحياة، وبهذه الكلمات ثمة تأكيد على دعم جلالته للمرأة البحرينية التي كفل حقها دستورياً واعتبرها شريكاً في بناء الوطن، في الوقت الذي ناضلت فيه النساء في مواقع مختلفة من هذا العالم من أجل نيل هذه الحقوق لسنوات طويلة ممتدة.

من هذه الرؤية يتبين موقع المرأة الحقيقي على خارطة المجتمع، ويتحدد الإطار الذي يمكن أن تعمل فيه من أجل تحقيق التنمية في كل القطاعات باعتبارها شريكاً حقيقياً.. فهي نظرة متقدمة جداً للمرأة في البحرين.. ليست فقط نتاج رؤية قائد أراد لبنات البحرين أن يأخذن مكانتهن في المجتمع بل أيضاً راهن على نجاحهن كامتداد لإرثها التاريخي المتقدم في ريادة مجالات مختلفة على مستوى المنطقة.

وامتدادا لكل ما تقدم تأتي مساعي السيدة الأولى صاحبة السمو الملكي الأمير سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة لتجعل من المجلس الأعلى للمرأة المظلة التي تظلل المرأة البحرينية، التي طورت التشريعات وتجاوزت موضوع المساواة لتصل إلى موضوع التمكين النوعي في المجالات المختلفة، وما اختيار قطاع ما للاحتفاء به كل عام سوى مثالاً لهذا النهج القائم على فتح ملف أو وضع برنامج عمل متكامل لدراسة واقع المرأة في هذا المجال وكيفية الوقوف على التحديات التي تواجهها والنهوض بها.

اختيار شعار هذا العام، يأتي منسجماً مع معطيات المرأة المتغيرة في المشهد السياسي، ففي الوقت الذي تفوز فيه 6 سيدات بأغلبية الأصوات في دوائر انتخابية مختلفة في المملكة بالانتخاب الحر والمباشر، و4 في المجالس البلدية، وتعيين 5 سيدات من أصل 9 في أمانة مجلس العاصمة، ليستكمل بتعيينات مجلس الشورى من جهة وتعيينات وزيرات في التشكيل الوزاري الجديد من جهة ثانية، لهو دليل على وجود مستوى مختلف من التمثيل والمشاركة الحقيقية للمرأة على أعلى مستويات التمثيل.

كل ذلك يجعلنا أمام حقيقة مفادها تغير نظرة الشارع الذي لم يعد ينظر لممثليه باعتبارات «الرجل والمرأة»، بل أصبح ينظر للكفاءة وقدرة المترشح على تحسس المشاكل بغض النظر عن التصنيف الجندري، من هنا تأتي عوامل أخرى مساندة منها الخطاب الرسمي الداعم للمرأة، ومنها ما تم تقديمه من نماذج سابقة لسيدات مثلن الشعب وهيأن الأرضية لاستمرار أخواتهن، فضلاً عن مجتمع أهلي ومؤسسات أهلية ومجالس ساهمت بحراك ناضج وخطاب متزن من وضع المرأة كشريك حقيقي يحسب له حساب، ليتوج كل ذلك بقناعة أفراد ووجود جيل جديد وضع ثقته بالمرأة ليحقق لها الأغلبية في الأصوات في أهم وأشرس المعارك التي يمكن أن تدخلها المرأة ألا وهو مجال الترشيح والانتخاب.

أصبحت المرأة اليوم رقماً صعباً وعنصراً منافساً ومشاركاً في العملية الديمقراطية، مؤثرة في المشهد الانتخابي، وصانعة تغيير حقيقي، وما هذا المشهد بكل متغيراته التي كسرت الحواجز الرتيبة ودللت على مكانة المرأة المتقدمة التي تجعل من المطالبات القديمة من تمكين ومساواة ووعي مجتمعي ما هو إلا مطالبات قديمة لم تعد لائقة بمتغيرات المجتمع التي تجاوزت هذه المطالبات لتستبدلها بتقديم نماذج قادرة على المنافسة وتحقيق الذات لتبين أن المرأة تعيش واقعاً مغايراً في 2018.

إذا أمام البحرينية فضاء فسيح، وما عليها سوى اقتناء الفرصة للظهور والبروز وإثبات الكفاءة والتميز، انطلاقاً من أسس اختزلها المجلس الأعلى للمرأة بمساعي جادة من الأمين العام هالة الأنصاري بشخصيتها وعملها المنظم وشركائها وفريق عملها، فشعار يوم المرأة ينطلق من كلمات عميقة تختزل مفاتيح التغيير وتحدث الفارق الحقيقي «قرأت.. تعلمت .. شاركت».