الهبوط الحالي لأسعار نفط برنت تحت مستوى 100 دولار بدأ يسبب ضيقا للحكومة الروسية، لأن الميزانية الروسية تحتاج لبقاء أسعار نفط خام الأورال عند مستوى 100 دولار أو أعلى حتى لا تسجل عجزاً ويستمر اقتصادها في النمو، وهو ما تؤكده تصريحات صحافية لمسؤولين روس في وزارة المالية.
وتسعر روسيا خام الأورال الذي تبيعه على أساس أسعار خام برنت، ولهذا فإن أي هبوط في برنت يعني هبوطاً في سعر بيع الأورال كذلك.
وهو ما يتفق معه الخبير في شؤون النفط وائل مهدي في تعليق لـ"العربية.نت"، حيث يوضح بالقول "إذا ما وصل النفط إلى 90 دولاراً للبرميل واستمر على هذا المعدل لفترة أكثر من ثلاثة أشهر فإن هذا سيسبب كارثة مالية للحكومة الروسية، وسوف يدخل الاقتصاد الروسي في مرحلة الركود"، مما تضطر روسيا وبحسب تقديرات بعض المصارف الأجنبية لأن يكون سعر الأورال فوق 100 دولار للعام القادم، وذلك لتفادي العجز، بينما لا يؤثر هذا السعر في الميزانية السعودية التي تحتاج في أعلى التقديرات إلى 89 دولاراً هذا العام و90 دولاراً في العام القادم.
وقد تباطأ نمو الاقتصاد الروسي هذا العام فيما يعزى جزئيا إلى تدفقات رأس المال الكبيرة الخارجة من البلاد والعقوبات التجارية والمالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رداً على دور موسكو في أوكرانيا.
وقال وائل "من المرجح أن تستمر أسعار خام برنت في الانخفاض عن مستوى 97 دولاراً التي أقفل عليها الجمعة الماضية، إذا ما استمر المعروض النفطي في الزيادة، وكانت البرودة في فصل الشتاء القادم في حدود معقولة ولم تكن درجات الحرارة متطرفة. وإذا ما كان الشتاء عادياً فإن الطلب سينمو ببطء في الربع الرابع من هذا العام.
وقال "إلى الآن ظلت روسيا المستفيد الأكبر من بقاء أسعار النفط عند 100 دولار خصوصا مع التصعيد السياسي في المنطقة، حيث إن بقاء الوضع الجيوسياسي مضطرباً معناه أن الأسعار تبقى مرتفعة ولهذا لا أستغرب من مواقفها السياسية في سوريا وفي أوكرانيا ولا أستغرب أن تكون وراء أي تأجيج سياسي".
ويعتقد البعض أن العقوبات التي فرضها الغرب والولايات والمتحدة على الاقتصاد الروسي وعلى قطاعها النفطي سيكون لها دور كبير في "تركيع روسيا" إن جاز التعبير ولكن هذا الأمر فيه الكثير من المبالغة، فالاقتصاد الروسي قائم على النفط بصورة أساسية والحكومة الروسية يأتي أغلب دخلها من القطاع النفطي.
من جانبه قال الخبير في شؤون النفط محمد الشطي للعربية.نت إن تراجع النفط عن المئة دولار من شأنه فعلا أن يضر بالميزانية الروسية، وسوف تتأثر سلبا بتراجع الإيرادات، وهي بعكس دول الخليج والتي تستطيع تحمل إيرادات بأسعار عند مستوى 75 و80 دولارا للبرميل .
وقال الشطي "رغم تذبذب الأسعار فإن النفط ما زال متوازنا عند سقف المئة دولار". وذكر أن اقتصاد روسيا سيتأثر سلبا بتراجع الأسعار إذا استمرت لأكثر من 4 أشهر وليس لفترة قصيرة أو متقلبة".
ويضيف الشطي أن مؤشرات تراجع الإنتاج الصناعي في الدول الغربية حيث انخفض الطلب بما لا يقل عن 400 ألف برميل بين2010 و2013، وزيادة إنتاج النفط الصخري وانخفاض الطلب ودخول فصل الشتاء كلها عوامل، ستؤثر في مسار الأسعار للمرحلة المقبلة ".
إلى ذلك بدأت روسيا في تحسين علاقاتها مع الصين حتى تضمن زبوناً مهماً لنفطها وهذا الأمر بدا واضحاً في زيادة الشحنات في الأشهر الأخيرة إلى الصين، وهو الأمر الذي يتوقع استمراره باقي العام وقد يمتد إلى العام القادم ما لم يكن هناك تباطؤ في الطلب المحلي الصيني على النفط.
في هذا الصدد نقلت "رويترز" عن وزير المالية الروسي أنطون سلوانوف أن ميزانية روسيا التي أقرت حديثا تستند إلى تنبؤات متفائلة لإجمالي الناتج المحلي وكذلك أسعار مرتفعة للنفط الأمر الذي يقتضي من الحكومة أن تسعى جهدها لتحقيق معدلات النمو المتوقعة.
وقد تم الأسبوع الماضي إقرار ميزانية الأعوام 2015-2017 وهي أكثر ميزانيات روسيا تمسكا بضبط الإنفاق منذ الأزمة المالية العالمية والأولى منذ تفجر أزمة أوكرانيا. وتتضمن الميزانية توقعات أن يبلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي 1.2 في المئة العام القادم و2.2 في المائة و3 في المئة في العامين التاليين.
وقال سلوانوف لرويترز في مؤتمر قمة استثمار روسيا "معدلات النمو الاقتصادي تتعرض لمخاطر وهذه تنبؤات متفائلة إلى حد ما. وسعر النفط عرضة لمخاطر."
وأضاف قوله "ما من شك في أننا هذا العام والعام القادم سيتوجب علينا أن نسعى لضمان تحقيق معدلات النمو المزمعة."