لأن البحرين بلد خير ولأنها لا ترضى على أبنائها وبناتها، أكتب اليوم هذه الكلمات لأسجل وقفة شكر وامتنان لكل من تفاعل مع قضية أم عبدالله، السيدة القروية التي لم تجد غير الصحيفة لتبين معاناتها وتطلب المساعدة علها تجد من يسمعها.
هذه السيدة التي أخرجت من بيتها بالقوة، وتعرضت للكثير من ممارسات العنف والترهيب والتخريب، فبيتها لم يسلم من التخريب الذي لم يقتصر على الجزء الخارجي فقط بل وصل حتى الداخل إلى باب المنزل الداخلي والنوافذ، فضلاً عن تكسير سيارة ابنها، والتهديد اللفظي والمادي الذي تعرضت له، ورسالة التهديد التي وصلتها لتجعلها تعيش الضياع وهي راعية منزل ومستقرة مع ابنها.
هذه السيدة وما تحمله قصتها من مأساة، ليست سوى نموذج لممارسات العنف التي تصل إلى درجة قمع الآخرين وعدم السماح لهم للتعبير عن آرائهم، فالواضح أن هناك فئة لا تريد أن تسمع سوى نفسها متناسيه أن هناك من لهم الحق في التعبير عن آرائهم وممارسة حرياتهم، فهذه السيدة كان خطأها بمنطق أهل قريتها أنها ترفض العنف وتنادي باستقرار البلد وعودة الأمن، وأنها خرجت عن الفكر السائد في القرية، فهل يعقل بأننا نفكر ونتعامل مع بعضنا البعض بهذا المنطق الذي أقل ما يوصف بأنه منطق الغاب.
هذه السيدة التي تقدمت بأكثر من 6 بلاغات وسلمت رسالة التهديد إلى الأمن العام، كانت ترقد هي وابنها في السيارة في المواقف العامة، ويغتسلان في الحمامات العامة، وهذا الحال استمر لمدة شهور طويلة، وها هي اليوم تنعم بالاستقرار في شقة صغيرة في أحد محافظات المملكة قام بتوفيرها ودفع إيجارها أهل الخير في هذا البلد الذي لا يترك أي محتاج. هذه البحرين التي تتفاعل مع أي صاحب حاجة، لتجسد التكافل الاجتماعي وتعبر عن أسمى معاني الرعاية، فهذه السيدة تفاعلت معها جهات رسمية ممثلة بقوة دفاع البحرين وجهات غير رسمية ممثلة بتجمع الوحدة الوطنية وجمعية الآل والأصحاب من أجل إنهاء معاناتها، وتوفير مكان آمن تعيش فيه إلى حين رجوعها لمنزلها معززة مكرمة.
ما وردنا منها شخصياً أن كل جهة استكملت عمل الأخرى إلى أن سكنت شقتها الجديدة ونامت أخيراً على فراش بعد أن كانت تنام داخل سيارة ابنها وتلتحف عباءتها.
هذه القصة لم تنته، فأم عبدالله لاتزال خارج منزلها الأصلي، وقصص الترهيب لاتزال مستمرة، وللأسف أن دعوات الديمقراطية التي تكفل حقوق المختلفين، أصبحت مغلفة اليوم بدعوات الرأي الواحد.