جاء القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن رقم 2451 والذي يقضي بانسحاب الحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها وتسليمها للسلطة الشرعية في اليمن انتصاراً لليمن ودول التحالف العربي، وما كان هذا القرار الأممي ليصدر لولا الجهود العسكرية والدبلوماسية التي بذلتها دول قوات التحالف والسلطة الشرعية وقواتها وبعد 30 يوماً ستكون مدينة الحديدة وميناؤها في يد السلطة الشرعية اليمنية وبذلك أصبح الحوثيون في مأزق حيث إن هذه الهزيمة التي ألحقتها بهم قوات التحالف والجيش اليمني بداية النهاية للوجود الحوثي في اليمن، وتمت بوتيرة متسارعة حيث سار الملف اليمني من ستوكهولم وكانت بمثابة إشارة البدء لتحريك مياه ظلت راكدة عامين، وبعد أيام قليلة على إعلان نتائج مشاورات السويد التي استمرت أسبوعاً في مدينة ريمبو، صوت مجلس الأمن بالإجماع على القرار الأممي رقم 2451 والذي يقضي بنشر فريق مراقبين دوليين لمراقبة الالتزام بالهدنة في الحديدة ولمدة 30 يوماً، وتعزيز وجود الأمم المتحدة ورصد الالتزام بتنفيذ اتفاقيات ستوكهولم ومراقبة التزامها بالجدول الزمني لاتفاقيات «الحديدة وتبادل الأسرى وتعز»، كما نص القرار على توقف إطلاق النار وإعادة الانتشار المتبادل للقوات بالحديدة، ورفع تقرير أسبوعي عن أي خرق لاتفاقيات السويد.

وجاء هذا القرار بعد أن عاث الحوثيون في الحديدة فساداً حيث جند الحوثيون 23 ألف طفل وزجوا بهم في أتون حرب عبثية. وأكد محافظ الحديدة أن العبث بهؤلاء الأطفال وصل ليس إلى القتل أو الإصابات الخطيرة بل إلى اغتصابهم، وهو ما يعكس مدى إجرام هذا الفكر الخطير على اليمن وشعبه، وقال إن هناك أكثر من 23 ألف طفل مجند حالياً في صفوف الحوثيين تم توزيعهم على الجبهات المشتعلة للمشاركة بشكل مباشر في العمليات القتالية، وهو ما يعني أن لدينا أكثر من 23 ألف قنبلة موقوتة قابلة للانفجار.

الاحتلال الحوثي الذي حل باليمن ليس مجرد احتلال عسكري إنما هو أبعد من ذلك فهو احتلال استيطاني يهدف إلى نشر الفكر المتطرف الذي تريده إيران والتي دعمت الحوثيين بحراً وجواً وبراً لكي توجد لها النسخة اليمنية التي أوجدتها في لبنان والتي تمثلت في «حزب الله» و»الحشد الشعبي» في العراق، إنها بحق هزيمة للنظام الإيراني أكثر من أنها هزيمة للحوثيين ولا شك في أن هذه الهزيمة سيكون لها امتدادها على التواجد الإيراني في لبنان والعراق وسوريا.

إن الوجود الحوثي في اليمن أوجد أزمة إنسانية بالدرجة الأولى حيث المجاعة والفقر والأمراض والجرائم، هذا الوجود الذي قدر بكل من تحالف معه حيث اغتيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ووصلت عمليات الاغتيال إلى قيادات حزب المؤتمر وطال خطرهم المملكة العربية السعودية عندما كان الحوثيون يطلقون الصواريخ على مدنها ولم تسلم حتى الأماكن المقدسة من صواريخهم.

وأهمية استعادة مدينة الحديدة ومينائها تأتي لأنها الرئة التي يتنفس منها الحوثيون ولها موقع استراتيجي ولذا يعتبر اليمن ركناً أساسياً لأمن الخليج العربي وبوابته الجنوبية، ولبقية الدول العربية، خاصة مصر، التي تعتمد في دخلها القومي على قناة السويس، فأي سيطرة أجنبية على هذه الممرات تعني خنق الرئة التي يتنفس منها الخليج العربي والجزيرة العربية، ليس فقط لأنها ممرات لناقلات النفط، إنما لأنها ممرات لاستيراد وتصدير السلع التجارية مع أسواق العالم الخارجية، وخاصة أوروبا وأمريكا ودول الشرق الأقصى في آسيا.

ولذا فالوجود الحوثي في اليمن يمثل تهديداً للأمن والسلم العالميين وهو لا يهدد دول الخليج فحسب إنما يهدد أمريكا ودول أوروبا وشرق آسيا، ولذا لن يكون تحرير الحديدة ومينائها هو النهاية إنما هو بداية لتخليص اليمن من هذه العصـابات الطائفية وإن غداً لناظره قريب.