لفت نادي مارسيليا أنظار متابعي وعشاق كرة القدم في فرنسا بعد أن واصل عروضه القوية على الساحة المحلية ونجح بتحقيق انتصاره الخامس على التوالي على حساب نادي سانت ايتيان العنيد بهدفين مقابل هدف واحد على ملعب الفيلودروم، ليواصل أبناء المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا تربعهم على عرش صدارة الدوري الفرنسي برصيد تسعة عشر نقطة بعد مرور ثمان جولات على انطلاق موسم 2014-2015، مما دفع العديد من أنصار الفريق إلى التفاؤل بقدرة رفاق المهاجم الدولي الفرنسي أندريه بيير جيناك على المنافسة بجدية على إحدى المراكز الثلاثة الأولى في بطولة الدوري وضمان التواجد في مسابقة دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل بعد أن غاب النادي الفرنسي عن كافة المسابقات الأوروبية هذا الموسم لأول مرة منذ عشرة أعوام
لاشك أن مايحدث داخل أروقة نادي مارسيليا من تطورات وأحداث إيجابية في الوقت الراهن ليس أمراً وليد الصدفة، إنما نتيجة عمل شاق وقرارات مدروسة وحكيمة اتخذتها إدارة النادي منذ بداية الصيف الماضي لتحسين حالة الفريق المتردية خلال العام الفائت، وقد كانت باكورة تلك القرارات تعيين المدرب الأرجنتيني المخضرم مارسيلو بيلسا على رأس الإدارة الفنية للفريق في خيار صائب للنادي الفرنسي، نظراً لسجل المدرب الأرجنتيني الناصع في عالم التدريب مع كل من مع أندية نيوز أولد بويز وفيليز سارسفيلد وأتلتيكو بلباو وأيضا مع كل من منتخبي الأرجنتين وتشيلي في الماضي القريب
وقد بدت بصمات المدرب البالغ من العمر تسعة وخمسين عاماً بارزة منذ اليوم الأول لوصوله إلى المدينة المتوسطية، اذ قام بإحداث ثورة شاملة في تشكيلة نادي مارسيليا والتخلي عن أحد عشر لاعباً سواء عن طريق نظام الاعارة أو البيع المباشر، ولعل أبرزهم اللاعب الدولي الغاني جوردن أيو والذي رحل إلى نادي لوريان مقابل أربعة ملايين يورو، بالإضافة إلى صانع العاب الفريق السابق ونجم منتخب فرنسا ماثيو فالبوينا والذي غادر أسوار قلعة الفيلودروم بإتجاه الأراضي الروسية وتحديداً إلى نادي دينامو موسكو بمبلغ قارب سبعة ملايين يورو
وعلى الطرف الاخر درس بيلسا إمكانيات ما تبقى لديه من لاعبين ومدى قدرتهم على التأقلم مع أسلوب لعب الفريق ومن ثم قام بسد الثغرات الموجودة في تشكيلة النادي الفرنسي عبر انتداب عدد من اللاعبين ذوي المستوى المتميز على الساحتين الفرنسية والأوروبية، فتعاقد مع البلجيكي ميشي باتشواي من نادي ستاندرلياج لدعم الخيارات الهجومية للفريق، وكما نجح بضم كل من صانع الألعاب المغربي عبد العزيز برادة من نادي الجزيرة الإماراتي والفرنسي رومان اليساندري من نادي رين الفرنسي في خطوة ستساهم بتعزيز خيارات خط الوسط على الصعيدين الهجومي والدفاعي
لمسات المدرب الأرجنتيني التكتيكية كانت حاضرة بقوة خلال المراحل الأولى من الدوري الفرنسي، فالمدير الفني مارسيلو بيلسا قدم دروس تكتيكية مجانية لمدربي الفرق الاخرى عبر تطبيق أساليب تكتيكية مختلفة في المباريات الثمانية الأولى من الموسم، ابتداءً من الرسم التكتيكي الغريب 3-3-3-1 في مباراة باستيا الأولى في مسابقة الدوري مروراً بخطة 3-4-3 في اللقاء أمام نادي نيس في الجولة الرابعة وأخيراً اختيار تكتيك 4-2-3-1 لمباريات الفريق الأربعة الأخيرة والتي نجح فيها نادي مارسيليا بتحقيق اثنتي عشرة نقطة كاملة مسجلاً ثلاثة عشر هدفاً بينما تلقت شباكه هدفين فقط
ولم تتوقف الايجابيات عند الأمور التكتيكية فحسب بل تضمنت العديد من الشؤون الفنية والنفسية، اذ نجح بيلسا في إعادة زرع روح الانضباط والالتزام في غرف تبديل الملابس وبث روح الحماسة في نفوس اللاعبين، مما انعكس بشكل إيجابي على مستوى الفريق في أرض الملعب وخاصة على صعيد خط الدفاع والذي كان من أهم نقاط ضعف الفريق خلال الموسم الماضي، وكما ساهم تواجد المدرب الأرجنتيني الخبير في إعادة اكتشاف صانع الألعاب الفرنسي الموهوب ديمتري بايت والذي ظهر بمستوى متميز في الأسابيع الأولى من الدوري، بالإضافة إلى نجاحه في تحقيق الاستفادة القصوى من قدرات مهاجم الفريق أندريه بيير جيناك والذي تمكن من تسجيل ثمانية أهداف في أول ثمانية مباريات في مسابقة الدوري وهو نصف ما سجله المهاجم الفرنسي خلال الموسم الماضي كاملاً
قد يكون من المبكر إطلاق التوقعات المسبقة والتخمين بحظوظ نادي مارسيليا هذا الموسم وقدرته على زعزعة عرش نادي باريس سان جرمان ومزاحمته على عرش بطولة الدوري الفرنسي خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن، الا أنه من المؤكد أن تفرغ النادي الفرنسي للاستحقاقات المحلية وتواجد مدرب مخضرم كبيلسا على رأس الإدارة الفنية للفريق قد يعطيان رفاق الحارس الدولي ستيف مانداندا ميزة إضافية على حساب منافسيهم المنشغلين بالمشاركات الأوروبية، وهي أمور إيجابية قد تصب في مصلحة نادي مارسيليا والذي يسعى لاحتلال مركز أفضل من المرتبة السادسة والتي حققها الفريق في الموسم الماضي آملا بردم الهوة بينه وبين بقية الفرق المنافسة لضمان التواجد بين أندية النخبة في القارة الأوروبية والمشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا العام المقبل