* جهل متفشٍّ عند بعض أصحاب المحلات دفعهم لزيادة الأسعار وأخذ الضرائب دون التسجيل بالنظام الضريبي

* حاجة ملحة لتثقيف التجار وأصحاب المحلات بشأن متى يمكن استحقاق الضريبة على المواطنين؟

* بعض التجار فهم مسألة الضريبة بشكل خاطئ وظنها مكتسباً لزيادة دخلهم

* ما حدث أول أيام بدء فرض الضريبة كان محكاً لاكتشاف التاجر الجشع من الوطني

* يجب تواصل برامج المحاضرات والندوات والحملات الإعلامية توعوية للمواطنين

* حاجة ملحة لإيجاد شراكة بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات ذات العلاقة لتثقيف ربات المنازل وكبار السن

* مقترح بإيجاد تطبيق إلكتروني يكون مرشداً للمواطن عن النظام الضريبي

* تطبيق إلكتروني يحمل أسماء المحلات والشركات الخاضعة للنظام الضريبي سيوفر وقتاً وسيختصر مجهوداً كبيراً لتوعوية المواطن

* التوعوية والتثقيف مهم جداً خاصة لفئات كبار السن و"الأمي إلكترونياً"

* مصرف البحرين المركزي أصدر بياناً واضحاً بشأن المعاملات التي تستوجب "المضافة" والمعفاة من استحقاقها

* أهمية دراسة انعكاسات القيمة المضافة على وضع معيشة المواطن البحريني وخصوصاً ذوي الدخل المحدود

* الحاجة الملحة ضمان عدم تضرر المواطن البحريني من التطبيق

هناك مقولة مأثورة تقول «إن الإنسان عدو ما يجهل»، وقد أثبتت التجربة خلال الأيام الأولى من بدء تطبيق الضريبة أن هناك جهلاً متفشّياً ليس عند بعض المواطنين الذين لا يمتلكون أي ثقافة أو خبرة حتى في مسألة احتساب نسبة الضريبة المستحقة من فاتورة الشراء الصادرة من المحلات، إنما أيضاً عند العديد من أصحاب المحلات الذين وجدوا في مسألة تطبيق الضريبة في مملكة البحرين غنيمة ما بعدها غنيمة ومصدراً للتربح على حساب مواطنين ليس لديهم إلمام شامل ووعي بهذا النظام، والطريف أن هناك محلات قد لا يكون لها علاقة بالنظام الضريبي وغير مسجلة ولا يعرفون بالأصل كيفية الإجراءات المتبعة واللازمة، وقد دخلت على الخط مباشرة دون وعي حتى من أصحابها، فمواطن قد اشتكى لنا من موقف طريف مع إحدى الكافتيريات بإحدى المناطق، حيث قد أخذت تفرض ضريبة على المواطنين، وعندما قام المواطن بسؤالهم عن شهادة التسجيل الضريبي وعلى أي أساس تفرض الضريبة عليهم، دون حتى وجود أي دليل بالفاتورة يؤكد أنه من ضمن المحلات المسجلة للنظام الضريبي، فهذه الكافتيريا بالأصل نادراً ما تصدر فاتورة شراء تؤكد بأنه مسجل «كذباً طبعاً»، فلما أخبر المواطن العامل الآسيوي بالكافتيريا بعد إغلاق الهاتف أنه سيخاطب الخط الساخن المتعلق بالاستفسارات والشكاوى المتعلقة بالضريبة المضافة، ثم عاود الاتصال بصاحب الكافتيريا «هو لم يتصل بل قام بهذه الحركة لأجل التأكد فقط إن كان يكذب عليه أو أنه صادق» وأخبره أنه اكتشف أنه غير مسجل عندهم، هنا ارتبك العامل الآسيوي وكان واضحاً أنه خشي أن يتقدم عليه ببلاغ، فقال عذراً غريباً من نوع «رفعت سعر ما أقدمه من وجبات بسبب ارتفاع سعر اللحم بعد فرض الضريبة.. الفاتورة لا تتضمن رقم التسجيل الضريبي لكني قد احتسبته من تغيير سعر الوجبات!!!».

هناك حاجة لتثقيف التجار وأصحاب المحلات وتوعيتهم قبل المواطن نفسه، فهناك من يخال أن الحكومة البحرينية أرادت فرض الضريبة على المواطنين في بداية السنة الجديدة كحق مكتسب من حقوق جميع التجار وأصحاب المحلات في البحرين لإنعاش الاقتصاد البحريني وزيادة مداخيلهم ومبيعاتهم حتى وإن لم يكن مسجلاً ضمن النظام الضريبي وخاضعاً لشروطه وأحكامه، وهناك من أخذ يتلاعب بمسألة أخرى وهي زيادة أسعاره بدعوى وجود ضريبة على المنتجات التي يقوم ببيعها ويقدر أعذاراً ومبررات بعيدة بالأصل عن الحقيقة مستغلاً جهل الناس وعدم إلمامهم بهذا النظام.

ومن الممكن القول إن ما حدث كان محكاً وفرصة ليطلع المواطن ويميز بين التاجر الجشع الذي يستغل الفرص ويتحيز المواقف لسلب ما في جيوب المواطنين، وبين التاجر الوطني الذي يراعي المصلحة العامة والذي يتقي الله في تجارته، حيث لم يكن مستغرباً إعلان بعض التجار وأصحاب الشركات والمحلات تحمّل نسبة الضريبة عن المواطن، وهناك محلات أعلنت أنها لن تأخذ الضريبة على المواطن لعدة شهور على الأقل حتى يتهيأ المواطن ويكون واعياً بشأن حقوقه، وتلك مواقف يشكرون عليها.

الوضع الذي جرى يقول إنه هناك حاجة لتواصل تمهيد الأرضية وتهيئة الناس من خلال تثقيفهم ببرامج توعوية وتثقيفية تحمل تفاصيل النظام الضريبي والسلع والخدمات المعفاة، أقلها مقاطع فيديو ورسائل تحمل العديد من المعلومات تصلهم على الهواتف الذكية وبرامج مواقع التواصل الاجتماعي، فهي وسائل أسرع وأبلغ في زمن الفضاء الإلكتروني إلى جانب قنوات الإعلام الرسمية بالدولة.

ويجب أن تتواصل أيضاً عمل ندوات تثقيفية ومحاضرات، أقله أن تتولى إحدى الجهات ذات العلاقة بالنظام الضريبي تنظيم ورش توعوية للمواطنين حتى وإن كانت الورش في مواقع العمل وفي الوزارات والهيئات الحكومية، فهذا نظام يمس مصدر دخل المواطن بشكل مباشر ويعتبر من الأمور التي بحاجة إلى التوعوية بشأنها وإرشاد المواطن إلى كيفية التعامل معها، وكذلك الحاجة تكمن في مبادرة مؤسسات المجتمع المدني مع الجهات ذات العلاقة في تنظيم ندوات ومحاضرات تثقيفية للمواطنين وربات المنازل وكبار السن.

إن الوعي لا يخدم المواطن فحسب في مسائل توعيته وتثقيفه ومعرفة حقوقه، إنما أيضاً يشكل صمام أمان وأسلوباً وقائياً من أي حملات مشبوهة معادية للبحرين تحاول التصيد في الماء العكر وتأليب الناس على الدولة وغيرها من أمور لها أبعاد أمنية وسياسية معروفة، فهناك العديد من المواطنين يجهلون السبب الحقيقي وراء فرض الضرائب، كما أن هناك اتجاهات في الرأي العام البحريني تتساءل عن «أين ستصرف العوائد من وراء هذه الضرائب وكيف سيعود نفعها على الدولة وعليه كمواطن أيضاً، وما هو صمام الأمان ألا تصرف عوائد هذه الضرائب في غير محلها أو تحترق كموازنات في أوجه فساد مثل تلك التي يتناولها تقرير ديوان الرقابة السنوي؟».

لذا من جل ما نقترحه على الجهات المعنية، أن يكون هناك تطبيق إلكتروني يتم تحميله على الهواتف الذكية يكون مرشداً للمواطنين سيوفر وقتاً وسيختصر مجهوداً كبيراً لتوعوية المواطن، حيث بإمكان المواطن من خلاله تصفحه بكل يسر وسهولة بحيث يحمل إرشادات ومعلومات وتوعية شاملة عن النظام الضريبي ويوضح له كيفية احتساب نسبة 5% من قيمة الفاتورة ليتأكد أن السلع والخدمات المقدمة له لم تتجاوز هذه النسبة، فيجيب التطبيق على كافة استفساراته وفي أي وقت ومكان، ومن الممكن أيضاً أن يشمل هذا التطبيق بند الأسئلة المتكررة التي تحمل إجابات متكررة من المواطنين عن النظام الضريبي، إلى جانب قائمة بأسماء المحلات والشركات التجارية الخاضعة للنظام الضريبي والمسجلة لدى الجهاز الوطني للضرائب الخليجية، كذلك تتوافر في هذا البرنامج قائمة السلع والخدمات التي لا يشملها النظام الضريبي ولكن بشكل أكثر تفصيلاً، وبإمكانه في حال رغبته التأكد من إن كانت الخدمة أو السلعة ضمن النظام الضريبي أو لا يشملها، بحيث يصل لهذه المعلومة في أقل من دقيقتين من خلال خاصية «السيرج» في هذا التطبيق الإلكتروني، فمن غير المعقول أن يضطر المواطن قبل دفع أي فاتورة أو شراء أي منتج أو الإقدام على طلب خدمة، الطلب من صاحب المحل أن يرى شهادة التسجيل الضريبي خاصة في بعض المطاعم وبعض المحلات التجارية الكبيرة، فمنطقياً، هل من المعقول في كل مرة يتواجد فيها بمطعم أو محل كبير أن يتجه للبحث عن شهادة التسجيل الضريبي؟ أو أن يطلب منهم التأكد حتى يعرف قيمة الفاتورة ويحتسبها قبل أن تصدر لاحقاً؟ وكم ستكون محصلتها مع احتساب نسبة 5% بحيث يتأكد إن كان السعر مناسباً لإمكانياته أو لا، ثم يذهب عند صدور الفاتورة إلى التأكد من وجود رقم التسجيل الضريبي وما إلى ذلك؟ مثل هذا التطبيق باختصار سيريح المواطن من عناء التأكد والمراجعة في كل مرة يتجه فيها لمحل ليعرف إن كان من ضمن النظام الضريبي أو لا؟

كما بإمكانه من خلال هذا التطبيق كتابة الشكوى مباشرة عن المحلات المخالفة وإرسالها في أقل من خمس دقائق من خلال إيجاد خاصية الشكاوى في التطبيق بحيث تحدد نوعية الشكوى، وكل ما على المواطن فقط اختيار نوعية الشكوى، هذا في حال مراعاة أن هناك عدداً من المواطنين قد يحتاجون للخيارات عند تقديم الشكاوى والملاحظات خاصة كبار السن.

التوعوية والتثقيف مهم جداً خاصة لفئات كبار السن و«الأمي إلكترونياً» أي الشخص الذي لا يعرف التعامل مع أجهزة الهواتف الذكية وغير المطلع والمتعلم، حتى لا يستغل حاجاتهم أصحاب المحلات والتجار الذين يدركون أنهم لا يفهمون معنى القيمة المضافة وكيف تحتسب وكيف يتم التأكد من أن المحل يكون خاضعاً لنظام التسجيل الضريبي وكم نسبتها حتى؟!

لا يمكن إنكار أن كثيراً من المواطنين قد تغيرت نظرتهم الكلية لنظام الضرائب بعدما أدركوا أن النظام معمول به في جميع دول الخليج العربي، وأن البحرين لا يمكن أن تكون بمعزل عن هذا الاتجاه الخليجي العام، وألا تكون ضمن دول الاتفاقية الخليجية الموحدة لضريبة القيمة المضافة، فالبحرين كما بقية دول مجلس التعاون الخليجي وقعت على هذه الاتفاقية عام 2016، والحاجة تستدعي بالأصل تطبيقه أمام ارتفاع الدين العام في مملكة البحرين، لذا فالوضع الراهن سيكون حاله حال السيناريوهات المكررة مع الكثير من الأنظمة والقوانين التي احتاج الناس لفترة ومرحلة زمنية حتى يفهموا نظامها وآلياتها ويتثقفوا بشأنها، فهناك حاجة أيضاً تكمن في حفظ المكتسبات الأساسية لمعيشة المواطن، وقد جاء هذا واضحاً من خلال التوجيه الملكي السامي حيث وجه جلالة الملك -حفظه الله ورعاه- الأجهزة التنفيذية المختصة إلى مراجعة آليات تطبيق القيمة المضافة وضرورة مراعاة احتياجات المواطنين من خلال الإعفاءات وعدم تحصيلها على السلع والخدمات الأساسية التي تؤثر على دخل المواطن.

كما أن قرار مجلس الوزراء بتاريخ 31 ديسمبر بإعفاء 1400 خدمة حكومية من ضريبة القيمة المضافة واعتماد المذكرة المرفوعة بهذا الشأن من وزير المالية والاقتصاد الوطني وذلك تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية بضرورة مراعاة احتياجات المواطنين من خلال الإعفاءات وعدم تحصيل القيمة المضافة على السلع والخدمات الأساسية التي تؤثر على دخل المواطن إلى جانب توجيه سمو رئيس الوزراء وزارة الصناعة والتجارة والسياحة إلى تكثيف حملات التفتيش لمراقبة الأسواق وحماية المستهلكين والتعامل الفوري مع كافة المخالفين، كلها عناوين مطمئنة كانت للمواطن البحريني، إلا أن الكرة كانت في ملعب التدقيق والتفتيش، فكثير من المواطنين مع بدء تطبيق النظام الضريبي اختلط عليهم الحابل بالنابل، فمنهم من اكتشف أثناء شرائه لاحتياجاته المنزلية في محلات الأسواق الكبرى التي تختص بتوفير المواد الغذائية والحاجات المنزلية أنه تم احتساب نسبة الضريبة على سلع ومواد أعلن أنها من السلع المعفية، فبعض المواطنين تكاسل عن الإبلاغ، وهناك منهم من هو جاهل كيفية التواصل مع القنوات الرسمية للإبلاغ رغم كل حملات التوعية من جانب وزارة التجارة والصناعة، وهناك من تساءل كيف في حال شرائي لسلع متنوعة ما بين سلع معفية عن النظام الضريبي وسلع يشملها ذلك أن أضمن أنه لم تحتسب على المعفية قيمة الضريبة المضافة رغم أن الفاتورة الصادرة تجمع كلا النوعين؟ كما أن المسألة ازدادت مع الخدمات المقدمة والتي تشملها القيمة المضافة والخدمات المعفية من احتسابها.

الكثير من المواطنين وجد نفسه حائراً في نهاية شهر ديسمبر أمام إرسال البنوك والشركات المالية رسائل ببدء تطبيق القيمة المضافة مقابل صدور بيان من مصرف البحرين المركز أنه استناداً إلى المادة رقم 54 من قانون ضريبة القيمة المضافة يعفى من الضريبة توريد الخدمات المالية، وأن المعاملات المصرفية الاعتيادية لن تخضع للضريبة سواء على فوائد القروض أو الإيداع أو السحب من الحسابات سواء نقداً أو بواسطة الشيكات والسحب والإيداع عن طريق آلات الصرف الآلي، وكذلك تحويل أو استلام أي تعامل بالنقود أو سند مالي أو أي أوراق نقدية أو أوامر سداد المال، وهذا يستلزم توضيحاً من الجهة المعنية عن علامة الاستفهام هذه عند المواطنين.

الحاجة الملحة اليوم تكمن في مراعاة ضمان عدم تضرر هذه الفئة من تبعات القيمة المضافة بلغة الدراسات والأرقام لأنها السند الحقيقي الذي يضمن أن المواطن البحريني بخير، وسيكون بخير دائماً.