^   الزيارة التاريخية التي يقوم بها عاهل البلاد إلى العاصمة اليابانية طوكيو تكتسب أهمية كبرى لمن لا يتابع شؤون السياسة الخارجية البحرينية منذ اندلاع الأزمة التي شهدتها المنامة قبل أكثر من عام. أهمية الزيارات الرسمية تظهر عادة نتيجة للاتفاقات التي يمكن أن تتمخض عنها على مختلف الصعد، وتساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين. وهذه الأهمية تقليدية كغيرها من الزيارات، ولكن هذه الزيارة تحديداً تعطى أبعاداً جديدة في السياسة الخارجية البحرينية التي بدأت بالتغيّر منذ فبراير 2011. سبب هذا التغيّر وجود اتجاه قوي في السياسة الخارجية البحرينية نحو تنويع التحالفات الدولية بدلاً من الاعتماد على تحالفات أحادية كسمة من سمات السياسات الخارجية الخليجية منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى الآن عندما كانت بلدان مجلس التعاون تعتمد على تكوين تحالف رئيس مع دولة عظمى أو كبرى في النظام الدولي وتكتفي به فضلاً عن بعض التحالفات الهامشية هنا وهناك. المثال الأول على التحالفات يتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، والمثال الثاني يتمثل في التحالف مع البلدان الرئيسة في الاتحاد الأوروبي. السؤال هنا؛ ما الذي يدفع بلدان مجلس التعاون الخليجي والبحرين تحديداً إلى تغيير اتجاهات سياستها الخارجية؟ سبب ذلك في تصوري أن الاتجاه القائم على التحالف الأحادي أثبت عدم جدواه، وحان الوقت لتنويع مثل هذه التحالفات. ففي الحالة البحرينية، أثبت التحالف الأحادي مع واشنطن عدم جدواه عندما دعمت الأخيرة القوى السياسية الراديكالية التي كانت تحاول تغيير النظام السياسي وإقامة جمهورية إسلامية على غرار النظام الإيراني أو حتى النظام العراقي الذي يتسم بهيمنة النفوذ الإيراني على تفاعلاته الداخلية. فإذا كان التحالف الأحادي الذي قدمت المنامة الكثير من أجله لصالح واشنطن ولحماية المصالح المشتركة بين البلدين غير مجدي ولم ينفع الدولة البحرينية في أزمتها العميقة، فكيف يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً؟ لذلك يبدو خيار تنويع التحالفات الإقليمية والدولية مهماً للغاية في هذا التوقيت الدقيق الذي تشهد منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات التي ينبغي مواجهتها بشكل حاسم. يمكن ملاحظة مظاهر التوجه الجديد في سلسلة الزيارات التي قامت بها القيادة البحرينية منذ منتصف العام 2011 وشملت كلاً من باريس وموسكو وبرلين وغيرها من عواصم البلدان الرئيسة في العالم. أيضاً يجب فهم اتجاهات السياسة الخارجية البحرينية الجديدة في ضوء التطورات التي يشهدها النظام الدولي، والذي يمر بمرحلة تحول واضحة من الأحادية القطبية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعدد القطبية مع احتمال تحوّل العديد من القوى الدولية الكبرى إلى قوى عظمى في النظام الدولي. وبالتالي فإن المراهنة على خيار التحالف مع واشنطن لن يكون له جدوى بعد الآن، وباتت الحاجة لتنويع التحالفات ضرورة حتمية ينبغي الإسراع بها.