أحمد عطا

فجأة، وفي أقل من 4 أيام، تحول أمل ريال مدريد بالعودة لمنافسة برشلونة على لقب الليغا هذا العام إلى سراب.. فعدم تقديم البرسا لمستويات كبيرة حافظ على الريال على فرصة رغم كل مشاكله ليستقر الفارق بين الفريقين عند 10 نقاط مع الأخذ في الاعتبار إقامة كلاسيكو العودة في ملعب سانتياجو بيرنابيو.

لكن بعد مباراتي العام الجديد تحول الأمل إلى وهم، والهدف إلى سراب، والنقاط الخمسة إلى عشرة، وبتنا أقرب من أي وقتٍ مضى إلى انتهاء فرصة الميرينغي في اللحاق بالبرسا الذي إن واصل المحافظة على صدارته في مأمن فسيحقق الليغا الثامنة في آخر 11 سنة وهي سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ البطولة المحلية المفضلة لريال مدريد.



لكن كيف حدث هذا؟ كيف وصل الحال بريال مدريد أن يخسر مسابقته المفضلة 9 مرات في آخر 11 سنة منها 8 لصالح الغريم الكتالوني؟

سيبدو الحديث مكرراً عن ميركاتو صيفي واهن وتخلٍّ عن نجم الفريق كريستيانو رونالدو والفشل في إقناع زين الدين زيدان بالبقاء لكن ربما يكون مثيراً للاهتمام أن نحاول معرفة لماذا قام فلورنتينو بذلك؟

***

البطولات أعمت العين

مما يبدو لنا هو أن ملياردير المقاولات الإسباني تعميه البطولات عن إدراك الحقيقة.. فلورنتينو تخيل أن سفينة ريال مدريد المثخنة بالفتحات هي بخير طالما الفريق قادر على انتزاع بطولة هنا أو بطولة هناك خاصة وإن كانت تلك البطولة هي ذات الأذنين.

لذلك لم يحاول رئيس الريال تدعيم الفريق بشكل مؤثر حقاً بل اقتصرت تدعيماته على سياسة استقدام لاعبين واعدين قد يصنعون فارقاً على المدى الطويل فقط.

***

سياسة الريال بمن حضر

هذه أكذوبة يتم تصديرها لجماهير بعض الأندية حول العالم.. صحيح أن وقعها جميل ومذاقها معسول ترضي العشاق وتنفخ الأوداج لكنها أكذوبة تصلح فقط للجماهير ولا ينبغي عليها أن تؤثر على قرارات إدارات الأندية.

تصور فلورنتينو بيريز أن ريال مدريد قادر على المحافظة على نفس معدله لاستغلال الفرص حتى وإن رحل كريستيانو رونالدو هداف الفريق الأول على مدار ما يقارب العشر سنوات.

تصور فلورنتينو بيريز أن تشكيلة الفريق التي تتآكل موسماً بعد الآخر منذ عدة سنوات قادرة على الصمود للأبد دون دعم، وحتى إن كانت التشكيلة قوية فعامل الزمن لا يبدو أنه في مكان مميز في حسابات الرجل المدريدي وأن سن اللاعبين المتزايد موسماً بعد الآخر لا يمكن أن يشكل فارقاً.

***

رفع كفاءة البيرنابيو؟

أضفنا علامة الاستفهام لأنه أحد الأسباب غير المؤكدة لسياسة البخل غير العادية التي يتبعها فلورنتينو بيريز في الموسمين الأخيرين.

فمن المفترض أن تبدأ قريباً عملية رفع كفاءة ملعب البيرنابيو عبر إنشاء مراكز تجارية وفندق في مشروع طموح لبيريز تصل كلفته إلى 575 مليون يورو.

ورغم أن المعلن هو أن الرقم لن يتم تمويله مباشرة من ميزانية النادي بل سيتم تمويله عبر قرض ميسر قد تصل مدة تسديده إلى 35 عاماً إلا أن تزامن الإعلان عن هذا المشروع منذ فترة مع غل يد الريال في الميركاتو يدفع المرء للتساؤل عما إذا كان حقاً لن يؤثر على ميزانية الفريق أم لا.

***

عصر ذهبي لبرشلونة

نعم أنت لا تعيش في جزيرة وحدك، فهناك فرق أخرى قادرة على إيلامك بشدة وبرشلونة في عصره الذهبي -الذي بدأ فعلياً مع فرانك ريكارد واستفحل مع بيب غوارديولا- لهو أشد وأشرس منافس يمكن التنافس معه حيث لا مجال كبيراً للخطأ.

هذا العصر كان قمة قوته عندما كان فلورنتينو يلملم شتات فريقه وكلفه عدة ألقاب متتالية للدوري حتى نجح جوزيه مورينيو في كسرها بلقب عام 2012.

***

ليونيل ميسي

نعم ليونيل ميسي هو سبب وحده بعيداً عن العصر الذهبي برشلونة، فهو أهم سبب في نجاح البرسا بفريق أقل كثيراً من فريق غوارديولا في أن يستمر مسيطراً بشكل كبير على اللقب المحلّي.

ليو هو أكثر لاعب في التاريخ قادر على تقديم مستوى مبهر في عدد هائل من المباريات كل موسم، فالتميز هو القاعدة والتراجع هو الاستثناء عنده.

ومثل هؤلاء اللاعبين يمكنك أن تتغلب عليهم في معركة خاطفة كمعارك الذهاب والإياب في دوري الأبطال لكن في الدوري حيث النفس الطويل، يمنح ميسي الطرف الذي يلعب له ميزة خرافية على المنافس حتى لو كان هذا المنافس يمتلك كريستيانو رونالدو.

***

صفقات في الأماكن الأقل احتياجاً

لا يمكن وصف صفقة تيبو كورتوا أو براهيم دياز بالصفقات السيئة، لكن هناك حالة من التخبط في إدارة النادي تجعلك تراها تدعم الفريق في أماكن ليست بالأشد احتياجاً للدعم.

فلا يمكن اعتبار أن ريال مدريد يعاني من نقص كفاءة في حراسة المرمى مقارنة بمركز المهاجم مثلاً، ولا يمكن اعتبار أن الاحتياج للاعب وسط آخر مثل براهيم دياز لهو في قمة أولويات الفريق مقارنة باحتياجه لجناح جديد.

وما بين تلك التخبطات والعوامل الخارجية من المنافسين تاهت بوصلة ريال مدريد تماماً وباتت رهينة بمنطق الصدفة، المنطق الذي قد يجعلك تنجح في مرة لكنه لا يصلح على المدى الطويل لإدارة نادٍ بحجم الريال.