لندن - محمد المصري

عندما يتألق فريق بشكل لافت في أي موسم، عادة ما يكون هناك لاعب في المجموعة يقوم بدور محوري، لا يحصل على التقدير اللازم من وسائل الإعلام والصحف، لكن هذا اللاعب يحظى دائماً بحب الجمهور والمدير الفني للفريق؛ لأنهم يعرفون جيداً أنه دون وجوده لم يكن الفريق ليحقق هذا النجاح.

في ليفربول القصة لا تختلف كثيراً، فهناك لاعب يقوم بأدوار محورية بعيداً عن دائرة الضوء التي يستحوذ عليها صلاح وفان ديك وغيرهم، نظرًا لأنه قد لعب جميع مباريات ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، باستثناء مباراة واحدة، وقام بدور بارز للغاية في تطور أداء الفريق وفي القيام بالواجبات الهجومية والدفاعية التي يطلبها منه مدربه.



إنه جورجينيو فينالدوم "محور وسط ميدان ليفربول" وقلبه النابض في أم المعارك دائماً.

ورغم كل ما يقدمه اللاعب لم يتلق الإشادة التي يستحقها.

ويمكن القول بكل بساطة إنه لولا فينالدوم لما حافظ ليفربول على سجله الخالي من الهزائم طول هذه الفترة قبل هزيمته أمام السيتي، ولما حافظ الفريق على نظافة شباكه في عدد كبير ومتوالٍ من المباريات، ولما سجل ليفربول هذا العدد الكبير من الأهداف.

ويقوم فينالدوم بالدور الأكبر في الربط بين خطي الدفاع والهجوم، وقدم أداء رائعاً في المباراة التي سحق فيها ليفربول آرسنال بـ5 أهداف مقابل هدف وحيد، وهي المباراة التي شهدت استبداله قبل النهاية بـ12 دقيقة، وكان من الواضح أن كلوب يسعى لإراحة نجمه الهولندي للموقعة الكبرى أمام مانشستر سيتي. ولدى خروج فينالدوم من الملعب، اهتزت مدرجات ملعب الأنفيلد بأصوات الجماهير التي تغنت باسمه.

ولم يجد اللاعب طريقاً مفروشاً بالورود عقب انتقاله إلى ليفربول، قادماً من نيوكاسل يونايتد في عام 2016 مقابل 25 مليون جنيه إسترليني، لكنه واجه كثيراً من الصعوبات.

وكانت الشكوك تحوم حول جدوى هذه الصفقة؛ لأن اللاعب الهولندي لم يقدم مستويات كبيرة خلال الموسم الوحيد الذي قضاه مع نيوكاسل، وهو الموسم الذي انتهى بهبوط الفريق إلى دوري الدرجة الأولى.

لكن ذلك لم يثن كلوب عن التعاقد معه؛ لأنه كان يدرك جيداً أن فينالدوم لديه إمكانات هائلة لم يظهرها بعد، وقد أثبت فينالدوم بما لا يدع مجالاً للشك أن كلوب كان على صواب تماماً في ضمه.

وتحت قيادة كلوب، لعب فينالدوم في خط وسط مكون من لاعبين اثنين في مباريات، ومن 3 لاعبين في مباريات أخرى، وكان يقوم في بعض الأحيان بدور صانع الألعاب، وفي مباريات أخرى بدور محور الارتكاز.

ولم يعد دور فينالدوم يقتصر على تسجيل الأهداف، لكنه امتد إلى صناعة الأهداف والقيام بأدوار دفاعية كبيرة في ظل طريقة لعب تعتمد على الركض المتواصل والضغط المستمر على حامل الكرة.

يتمتع اللاعب بالقوة البدنية والذهنية والالتزام والقدرة على الاحتفاظ بالكرة والذكاء الكروي الكبير، وهو ما يخدم أفكار كلوب.

وشارك فينالدوم لمدة 90 دقيقة في 19 مباراة مع ليفربول هذا الموسم، بما في ذلك 5 مباريات من المباريات الستّ التي لعبها الفريق في دوري أبطال أوروبا.

وكانت المباراة الوحيدة التي غاب عنها اللاعب الدولي الهولندي هي المباراة التي فاز فيها ليفربول على بيرنلي بـ3 أهداف مقابل هدف وحيد، والتي شهدت تغييرات كبيرة على التشكيلة الأساسية لليفربول، بسبب رغبة كلوب في إراحة لاعبيه الأساسيين.

وبالإضافة إلى ذلك، كان فينالدوم هو اللاعب الأفضل في ليفربول في كثير من الأمور، بما في ذلك عدد التمريرات الصحيحة (906 تمريرة)، وعدد المراوغات الناجحة (12 من أصل 19 مراوغة)، فضلاً عن قدرته الفائقة على الربط بين خطي الدفاع والهجوم وتقديم الدعم اللازم والمتواصل للمهاجمين.

ومن بين الأسباب التي جعلت فينالدوم يؤدي بهذا الشكل القوي خلال الموسم الحالي هو تعاقد النادي مع لاعبين في مركزه، هما نابي كيتا وفابينيو. وكان يُعتقد أن فينالدوم سيشارك في عدد أقل من الدقائق والمباريات بعد إبرام النادي هاتين الصفقتين، لكن العكس هو ما حدث، وأصبح اللاعب هو الأساسي الذي لا غنى عنه في خط وسط الفريق.

وخلال مباراة ليفربول الأخيرة أمام السيتي لعب فينالدوم في خط وسط مكون من 3 لاعبين، إلى جوار جوردان هندرسون وجيمس ميلنر، وكانت مهمته الأساسية تتمثل في الضغط على لاعبي وسط مانشستر سيتي، وخاصة ديفيد سيلفا وبيرناردو سيلفا، واستخلاص الكرات وإرسالها سريعاً إلى خط الهجوم.

ورغم خسارة ليفربول، فإنه لا يمكن التقليل من الدور الهائل الذي يقوم به فينالدوم في خط وسط فريقه خلال الموسم الحالي بسبب قدرته الفائقة على استخلاص الكرات والتمرير المتقن والعودة لتقديم الدعم اللازم للمدافعين، وهي الصفات التي تجعله أحد أبرز اللاعبين في الفريق الحالي لليفربول، وأحد أهم المساهمين في وجوده على الصدارة كمرشح بارز لإحراز اللقب.