^ يتجه الكثير من شباب البحرين، كما شباب الخليج العربي إلى البحث عن العمل في المؤسسات الحكومية أولاً، ومن ثم المؤسسات الخاصة، وفي حال فَقَدَ الشاب الأمل في الحصول على الوظيفة المطلوبة، سارع للتسجيل في جدول العاطلين عن العمل، أو في أي اعتصام يتعلق بالبحث عن الوظائف والأعمال. صحيح أن التوظيف غير العادل، والذي يعتمد في أساساته على المحسوبية والواسطة والنسب والشللية، هو عمل باطل، ويستحق من يقوم بهذا الباطل أن يعاقب وفق القانون، لكن ليس هذا حديثنا هنا، فنحن نركز على السؤال التالي، لماذا يصر شبابنا البحريني على العمل في المؤسسات الرسمية أو الخاصة فقط، بينما هنالك من فرص العمل الجيدة في قطاعات أخرى، لعل من أبرزها وأقواها المشاريع التجارية، لا يراها ذلك الشاب، ولا يريد أن يراها؟!!. إن التفكير السطحي عند بعض شبابنا البحريني، في أن يكون جلَّ همَّه في الحصول على وظيفة جامدة وغبية، لا يبذل فيها جهداً ولا يطور فيها طاقة أو عقلاً، تضر بالواقع الحياتي والمعيشي لهم ولكل الأجيال القادمة، خاصة فيما يتعلق بقضايا عرقلة التنمية المستدامة، والإضرار بمستقبل أوطانهم، ولهذا كان لزاماً على شبابنا البحريني أن يتحرك في اتجاه أقوى من الوظيفة الجامدة نحو أفق أرحب، حيث التجارة والرزق الوافر الكريم. ورد في الحديث، أن تسعة أعشار الرزق في التجارة، وهذا يعني أن الإسلام أراد للشباب أن ينطلق من العمل لا من الكسل، ومن الأبعاد المختلفة للحياة وليس من البعد الواحد، فالإسلام احترم التاجر وقدَّره وأسبغ عليه الكثير من المديح والثناء، شريطة أن يكون كسبه حلالاً خالصاً، لا يقوم على الغش والسُّحت والنهب والتحايل وكل أنواع الخديعة. ربما نجد اليوم أن الكثير من شباب البحرين تحديداً، بدأ يتجه للتجارة بأنواعها، وهذا أمر مفرح وفي غاية الأهمية، وينم عن وعي هذا الجيل بأهمية التجارة، لكن حسب اعتقادي، ستظل السوق البحرينية في حاجة ماسة لدخول أعداد أكبر من شبابنا عمَّا عليه السوق حالياً. ليس دخول شبابنا للسوق هو المهم فقط، بل نحن في حاجة ماسة ليقوموا بتطويرها وبإدخال تحسينات عليها من خلال إبداعاتهم ومخيلاتهم الجميلة، والخروج بها من الجمود والتقليد إلى الإبداع والتطوير. اليوم، هناك العديد من المؤسسات الرسمية والخاصة، تدعم هذا التوجه لشبابنا، من أجل أن يضع قدمه في السوق بكل أمان وثقة، ومن دون أدنى ضغوط عليه، بل ربما ترشده تلك الجهات إلى السير في الاتجاه الصحيح نحو النجاح. إن القروض والتسهيلات الميسرة، والبرامج التي يقدمها بنك البحرين للتنمية، في سبيل تمويل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأجل تطوير اقتصاد الوطن وازدهاره، تعتبر من أهم المشاريع الكبيرة التي تقوم بها هذه المؤسسة الوطنية، ولو سألنا اليوم غالبية شبابنا الباحث عن العمل عن هذا البنك، فإنه لا يعرف اسمه، فضلاً عمَّا يقوم به من تمويل للمشاريع الوطنية الشبابية وغيرها، وهذا الأمر يقع في خانة الأسف الشديد. في الضفة الأخرى هناك الكثير من مشاريع التطويرية والتنموية التي تقدمها (تمكين) إلى الطلاب وأرباب الأعمال والموظفين والباحثين عن العمل، ومع ذلك فإن شبابنا يفضل أن ينام حتى نهاية الصباح في غرف نومه، على أن يقوم بفتح المواقع الإلكتروني لـ(تمكين)، للاطلاع على آخر مشاريعهم فيما يخص الباحثين عن العمل وغيرها من المشاريع الرائدة في مجال التنمية. أيضاً هناك برامج كبيرة تقدمها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في البحرين، عبر طرح برامج إنمائية في مجال الإدارة وتطوير المشاريع، ومع ذلك فإن شبابنا يفضل أن يظل عاطلاً عن العمل من أن يكلف نفسه عناء البحث عن مشروع يدر عليه ذَهَبَاً. شبابنا اليوم في حاجة ماسة للوقوف على كل تلك المشاريع والخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات وغيرها الكثير، في سبيل أن يقتحم الشباب البحريني طريقاً آخر وعالماً جديداً نحو الرزق، غير طريق العمل الروتيني المكتبي، وبالطريقة البلهاء، حيث يظل الشاب على مكتب تافهٍ طيلة عمره وفي وظيفة لا تُطَوِّر من قدراته الذهنية والعملية حتى يهرم، أو في أحسن الحالات يعتصم عند بوابة وزارة العمل بحثاً عن وظيفة مريحة لكنها غبية أيضاً، وكذلك من أجل تمضية للوقت ليس إلا. العِظَة (اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك).