^ في مستهل فعاليات “ منتدى البحرين الدولي للحكومة الإلكترونية 2012”، الذي بدأ أعماله مساء يوم الأحد الموافق 8 أبريل 2012، وبعد كلمة الافتتاح المكثفة التي ألقاها راعي الحفل نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا لتقنية المعلومات والاتصالات سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، معلناً “عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية الجديدة لهيئة الحكومة الإلكترونية والمقرر تنفيذها حتى عام 2016، كاشفاً أنها ستحمل في طياتها أكثر من 90 مبادرة سيتم إطلاقها خلال السنوات الأربع القادمة”، تحدث الرئيس التنفيذي هيئة الحكومة الإلكترونية البحرينية محمد القائد في عرض مشوق وسريع عن مسيرة استراتيجية الحكومة الإلكترونية البحرينية، والإنجازات التي حققتها الهيئة خلال الفترة القصيرة من عمرها، حيث خطت بالبحرين خطوات واسعة سريعة نسبياً، على طريق التحول التدريجي المدروس من الحالة التقليدية، إلى المستوى الإلكتروني المتقدم، من خلال الاستخدام الصحيح للمنصة الإلكترونية الأكثر كفاءة، القادرة على نسج العلاقات الإلكترونية الناجحة والفعالة بين مؤسسات الدولة المختلفة، وبين أي منها والمواطن الذي أصبح هو الآخر، يستفيد منها، دون الحاجة إلى الاصطفاف في طوابير الانتظار، التي تضطره إلى الخضوع للإجراءات البيروقراطية التي لم تعد مقبولة في قاموس آليات منصة الخدمات الإلكترونية المتطورة التي باتت تتنامى في البحرين. يحتاج استمرار هذه النجاحات الحكومية الإلكترونية البحرينية، وضمان تطورها، تضافرها مع مجموعة أخرى من المقومات، على صعيد المجتمع، تتفاعل مع المنصة الإلكترونية القائمة، ويمكن رصد أهمها في الإجراءات التالية: 1. تأهيل المواطن الإلكتروني، من خلال برامج توعية مكثفة، وورش عمل دؤوبة، تصقل سلوك المواطن، وتجعله يثمن المكاسب الممكن تحقيقها من خلال التحول التدريجي من الاعتماد على إنجاز احتياجاته عبر الأشكال التقليدية، إلى الإصرار على اللجوء إلى القنوات الإلكترونية. هذا التحول التدريجي، لا ينبغي أن يتوقف عند حدود التعامل مع منصة الحكومة الإلكترونية فحسب، رغم أهمية ذلك، وإنما ينبغي أن يتطور إلى سلوك اجتماعي متكامل، يصبح المواطن، بموجبه، “إنساناً إلكترونياً”، في تصرفاته مع مؤسسات الدولة، ومحيطه الاجتماعي، وأسرته وأقاربه، وأفراد المجتمع الآخرين المحيطين به، على حد سواء، دون أن يفقده ذلك إنسانيته. 2. بناء منظمات المجتمع المدني الإلكترونية، ومرة أخرى، ينبغي التأكيد هنا على أن المقصود بذلك هي تلك المؤسسات التي تحتضن في علاقاتها الداخلية مع موظفيها وأعضائها نواة إلكترونية متطورة تنظم العلاقات فيما بين هؤلاء جميعاً من جانب، وبينهم وبين مؤسسات المجتمع الأخرى، إدارات دولة، ومنظمات مجتمع مدني، بل وحتى الأفراد من المواطنين أيضاً، من جانب آخر. تصبح المنظمة جراء هذا التحول، دون أن تفقد إنسانيتها، خلية إلكترونية دينامية متحركة، دون أن تقطع حبلها السري مع خلايا المجتمع الأخرى التي ستجد نفسها، حينها، مضطرة إلى محاكاتها، والسير على خطاها في تحولها الإلكتروني، من أجل تعزيز مكانتها في المجتمع الذي تنشط في نطاقه. 3. التأسيس لعلاقات إلكترونية خارجية، حيث ينبغي للدولة السائرة على طريق التحول الإلكتروني، أن تشجع من هم خارجها، والراغبين في نسج علاقات مهنية أو تجارية أو حتى سياسية معها، بل وحتى مع مواطنيها، على التحول التدريجي، من التقليدي إلى الإلكتروني، حتى يشمل ذلك مرافق الحياة كافة، سواء عند طلب الحصول على تأشيرة الدخول، أو عند الرغبة في إنجاز معاملات تأسيس شركة، أو حتى عند بروز الحاجة للانتهاء من إجراءات التصدير أو الاستيراد. ولتحقيق ذلك، على نحو ناجح، يتمتع بمقومات الاستمرار، وعناصر النمو والتقدم، ستجد الدولة نفسها مطالبة بتوفير، وتلبية، الاحتياجات التالية: 1. البنية التحتية المتطورة الراسخة المهيأة لذلك الأداء الإلكتروني المعقد القادر على تلبية احتياجات المستفيدين من خدماته، بمستو نوعي راق، مهما تضخم عدد المستفيدين، أو تنامت احتياجاتهم، أو اتسع نطاقها، وتعددت أشكالها. لا يقودنا ذلك نحو اللهث وراء كل ما هو جديد وبراق إلكترونيا، وإنما يشدنا في اتجاه كل ما هو فعال ومجد، ويلبي احتياجات المستفيدين من تلك الخدمات والمعاملات. 2. التوعية المستمرة، القادرة على شد المواطن نحو سبل الاستفادة من الخدمات الإلكترونية، وتقدير القيمة الحقيقية لتلك الخدمات في تسهيل مهامه اليومية، وتقليص الوقت المطلوب لإنجازها، وتحقيق المكاسب المادية، قدر الإمكان، الناجمة عن ذلك الاستخدام. حملات التوعية التي نتحدث عنها، ليست تلك الموسمية ، ولا الباحثة عن مفاخر إنجازات شكلية، وإنما تلك الهادفة إلى بناء شخصية المواطن الإلكتروني، المتعطش لاستخدام التكنولوجيا في مختلف جوانب الحياة اليومية التي يعيشها. 3. خلق الحاجة، التي تدفع المواطن، والمنظمات، نحو الاستخدام المستمر للمنصة الإلكترونية، فالحاجة هنا “هي أم الاستخدام”، وليس الاختراع كما يقولون. فالشعور بأن المنصة الإلكترونية هي القادرة على قضاء الحاجات، وبالكفاءة المطلوبة، هي التي ستدفع الجميع نحو المزيد من الاستفادة من تلك الخدمات. لا شك أن دورة التفاعل بين الحاجة والاستخدام، ستولد بنفسها حاضنات بذور وأنوية التطور المطلوبة التي تنقل المجتمع، بشكل طبيعي وتدريجي، من ذلك التقليدي الذي سيرغب الجميع في مغادرته، إلى الإلكتروني الذي سيطمح الجميع إلى الوصول إليه. 4. الترويج للحوافز، فالطبيعة الإنسانية، لا تكف عن بحثها عن الحوافز والاستفادة منها. وبقدر ما تتمتع تلك الحوافز بعوامل الإغراء والتشجيع، بقدر ما تتمكن من زيادة عدد المستفيدين، وتوسيع نطاق الخدمات. هذا التكامل بين الزيادة في العدد، وتوسيع النطاق، تخلق بدورها البيئة الأفضل التي تدفع المواطن نحو طريق التحول من التقليدي إلى الإلكتروني. في ضوء كل ذلك، يبقى المعيار الأكثر دقة ومصداقية في قياس درجة تحول المجتمع المعني إلكترونياً، هو نجاح الدولة في إشاعة الاستفادة من الخدمات الإلكترونية، حتى تصبح سلوكاً اجتماعياً، لا يقتصر على فئة معينة، ولا يحصر نفسه في خدمات محدودة، وهو ما تسعى المرحلة الثانية من استراتيجية هيئة الحكومة الإلكترونية البحرينية أن تحققه، وأن توصل المجتمع البحريني، بشكل تدريجي إليه