سماهر سيف اليزل

ينتظر أغلب سكان البحرين اليوم الذي يتم فيه إعلان حصولهم على مفتاح وحدة سكنية "تمليك"، وهذا يعني أنهم أخيراً سينعمون بالراحة المطلوبة وسيحظون بكل الخدمات والمتطلبات في بيئة سكنهم الجديدة التي هيئت خصيصاً لاستقبالهم، والتي أعدت لتأمين راحتهم وراحة أبنائهم، وللبحرين إنجازات كثير في مجال الإسكان، وقد قطعت الوزارة شوطاً كبيراً في توفير الوحدات السكنية للمواطنين، ولكن هناك خدمات غفلت عنها وأهملتها أو أخرت توفيرها، مما سبب الضيق لقاطني "إسكان دوار 16" بمدينة حمد حيث يفتقر هذا الإسكان لتوفر أبسط الاحتياجات والخدمات اليومية مثل "الخباز، البرادة، والمسجد"، ويحتاج الشخص إلى أن يستقل سيارته للوصول إلى أقرب مجمع تتوفر به هذه الخدمات، فهل هذا هو الهدف الأساسي من بناء الإسكان ..؟ أو هذه حياة الحالة التي انتظر الكثيرون عشرات السنين ليعيشوا بها ..؟

الأهالي يطالبون



أبو أحمد قدمت طلب إسكاني من التسعينيات، وضغطت على نفسي وعلى أسرتي للبقاء في شقة صغيرة في انتظار حصولنا على هذه الوحدة السكنية، ومرت السنين طويلة، حتى أكرمنا الله وظهرت اسأمينا في قوائم المستحقين، وتم الانتقال للوحدة السكنية بعد إجراء كل التعديلات والإضافات، ولكن ها نحن الآن على مشارف العام الخامس بها، ونضطر لركوب السيارة عدة مرات في اليوم للحصول على أبسط الخدمات منها "مياه الكولر، الخبز اليومي، وبعض المستلزمات الحياتية الطبيعية".

ومن جهته قال ابو إبراهيم : منذ أن استلمنا الوحدات السكنية ونحن ننتظر بناء المجمع التجاري ومتنزه الأطفال، ومرت خمس سنوات ولم يوضع حجر واحد، رغم أن الخريطة تحوي على مسجد كبير ومجمع متكامل ومكان للأطفال، والأمر المزعج أيضاً وجود أراضي صخرية كثيرة حول الإسكان دون أسوار حاجزة الأمر الذي يشكل خطورة على الأطفال، وبالنسبة للمسجد وهو أهم وأبسط حق يجب أن يوفر، لا يوجد مسجد بل تم بناء "صندقة" صغيرة يؤدي بها الرجال الصلاة ولا تكفي حتى لاحتوائهم . إلى متى سيستمر الحال ..!



الامتداد الحضري

وتقول رحاب الحداد أخصائية تدريب وعضو جمعية الاجتماعيين البحرينية : يعتبر الامتداد الحضري هو مظهر من مظاهر التمدن والتطور في كل المجتمعات، ولاسيما المجتمع البحريني الذي يعد من أوائل المجتمعات على الساحة الخليجية فنجد تشكيل لبناء مدن ومناطق سكانية جديدة، ابتعدت بمسافات عما عهده المواطنين قرباً للمدن والقرى المركزية والتي تكون محطة للتزود من البضائع والسلع والاحتياجات المعيشية ولكن مع تطور الحياة والتكنولوجيا ووسائل المواصلات والتنقل والاتصالات، لم يعد مرهقاً على رب وأفراد الأسرة تنقلاتهم وقضاء حوائجهم باستخدام السيارات أو خدمات التوصيل. غير انه ومع وجود أعداد سكانية متزايدة ومد عمراني سكني سواء على مستوى بيوت الإسكان أو العمارات والشقق الإسكانية في مختلف المناطق، ومع حرص الجهات المعنية بتوفير مخططات تتناسب واحتياجات الأسر البحرينية نجد مشكلة نقص بعض المرافق التي تعتبر من الضروريات في كل مجمع سكني فالبرادات والبقالات والمحلات وان كانت بسيطة هي مهمة وضرورية لتوفير مستلزمات المعيشة اليومية للأسر والأفراد. فعلى سبيل المثال الخباز والمكوجي ومحلات بيع الخضار والفواكه والمطاعم والكفتيريات تعتبر شي مهم ومن الأمور التي تزيد من الشعور بالاستقرار والراحة والسعة في قضاء الاحتياجات. ومثل هذه الأمور تساعد رغم بساطتها وبعدها عن أسوار المنزل وكيان الأسرة إلا أنها تخفف الكثير من الضغوط وتقلل من حجم المشاحنات والمشاكل الأسرية خصوصاً بين الأزواج والأبناء أيضا في تحمل قضاء وشراء مثل هذه الاحتياجات. أيضاً المرافق الترفيهية ضرورية لتكون متنفساً للأسر وتغيير الجو ومكاناً ليلتقي فيه أفراد الحي لتتعمق بينهم علاقات الجيرة والعلاقات الاجتماعية الطبيعية، في كل مكان وبقعة جغرافية كثقافة المجتمع البحريني الطيب فبوجدها سيزيد الشعور بالاستقرار والأمان وتتوزع المسئوليات على أفراد الأسرة بكل يسر وسهولة ولن يكون هناك مجال للاختلافات أو افتعال المشاكل .

وشددت على ضرورة الحرص والانتباه لأنه كثير ما تتحول النعمة إلى نقمة حيث من الممكن أن تحدث مشكلات لا تحمد عقباها من بعض العاملين والجاليات والتي مرت علينا وسمعنا عنها بين الباعة والأطفال فلابد أن تتولى الأم والأب أسلوب التنبيه والتوعية والوقاية وعدم ترك الحبل على القارب فليست كل النفوس والنيات البشرية نقية ، وأخيراً لابد أن تحرص الجهات المعنية في توفير مثل هذه المرافق لراحة المواطنين وليكون البناء العمراني سليم بما يتوافق معه معايير الصحة والسلامة في البناء والتخطيط والتركيب الاجتماعي والراحة النفسية التي تساعد على استقرار الأسر وبالتالي استقرار المجتمعات .

البنية التحتية



ومن جانب آخر يقول المهندس حسام حمدي: كل شيء مرتبط بالبدايات والتخطيط والتأسيس، هذا هو المهم في كل المشاريع، ويتضمن التخطيط عدة أمور مثل البنية التحتية، والتخطيط لا يقتصر على أن يقوم المهندس أو الجهة المسؤولية بعمل تصميم صحيح فقط بل يجب على هذا التصميم أن يشمل رؤية مستقبلية للمنطقة وللتبعات بعد عشر أو عشرين سنة ، لذالك يجب أن يكون التخطيط طويل المدى، وتعاني البنية التحتية بالبحرين من مشكلة وهي وجود مناطق مكدسة بالناس، لا يتوفر بها حتى شوارع للمشي وكلها "دواعيس" ضيقة، مما يشكل ضغط كبير على المنطقة مما يتسبب بمشاكل الصرف الصحي وتجمع المياه بسبب الضغط على التصريفات، وهذا يعود إلى أن الخطط لم تحسب حساب هذه التكدسات والزيادات السكانية مسبقا والحلول الممكنة تشمل تعديل البنية التحتية للمناطق بقدر الإمكان، وإعادة التصميمات، والاهتمام بالصيانة الدورية وأن تتضمن الصيانة الدورية على خطة يتم وضعها، حيث يتم من خلالها تقرير الأضرار بالتدريج، لذلك من المهم أن تضع هذه النقاط في الحسبان عند التخطيط والتصميم للمناطق الجديدة.

ويضيف: أعمل حالياً في مشروع إسكان، ولقد رأيت عدداً من المشاريع التي توجد بها نواقص كثيرة، رغم وجودها في خطط البناء لكن لا يتم تطبيقها على أرض الواقع مباشرة، وتستغرق عدد طويل حتى يبدأ العمل عليها، رغم توفر المساحات، وهذه من أكبر المشاكل، وأنا أعتقد أن هم الجهات المعنية بهذه الإسكان أن يستفيد أكبر عدد من الوحدات السكنية مع تهميش الخدمات، وقد تكون هناك خطط مستقبلية لتوفيرها لاحقاً، لكن هذا أيضاً يسبب مشاكل لذالك من الواجب أن تسير الخطة بخط متوازي بين عمليات بناء الوحدات السكنية، وجميع الخدمات التي تحتاجها مثل هذه التجمعات، ولا يجب تسليم المشروع ناقص دون النظر للجانب الأخر من المشروع في خدمة السكان، فمن غير المنطقي أن يضطر الشخص للخروج خارج نطاق الإسكان لتوفير أبسط احتياجاته اليومية، كما إنه ليس بمنطق أن أفتح مناطق سكنية دون وجود مساجد ودكاكين وغيرها للأهالي.



ويختم حديثه قائلاً: "يجب على الجهات المختصة منذ البداية حساب كل هذه النقاط، وأن تضع بعين الاعتبار كل المشاكل التي يمكن أن تحدث بسبب عدم توفر هذه الأمور في المناطق السكنية الجديدة، وهناك نقطة مهمة يجب التنويه لها وهي عدم وجود مجال التخطيط العمراني في البحرين، ولا توجد مادة لتدرس في الجامعات مع أنه من أهم المقررات التي تمكن الأشخاص من وضع الخطط المتكاملة الأطراف بجميع الحلول الممكنة والخريطة المبدئية للمكان الذي سيتم علية المشروع، ويتضمن عدد الأشخاص المستفيدين بنظرة مستقبلية لزيادة الأعداد السكانية، مع الوضع في عين الاعتبار البنية التحتية وتصريفات المياه والأماكن الخضراء كذالك، لتوفير أكبر قدر من الراحة والأمان".