أجرت اللقاء - سماح علام:

أكد نائب رئيس جمعية مبادرات البحرين الأهلية محمد حسن العرادي على جدوى مبادرة البحريني أولاً، التي تنتظر إقرار الميزانية للبدء فيها، وقال إن المشروع يكفل تقديم حلولاً نوعية من خلال مبادرة أهلية لموضوع البطالة، مؤكداً أن المبادرة تهدف إلى توظيف البحرينيين العاطلين، ويسهم في خلق فرص عمل جديدة تنقل الجمعيات الأهلية من جمعيات شكلية ذات أداء منخفض إلى جمعيات منتجة ومغيرة.



أما الباحثة الاجتماعية هدى المحمود فبيت أن هذه التجربة موجودة لدى الغرب ومطبقة عند الدول المتقدمة، ولم تأت من فراغ، بل تمثل تجربة عملية واقعية تهدف إلى تنمية المجتمع ووضع حلولاً مناسبة لأحد أهم المشاكل التي يعانيها متمثله في قطاع التوظيف، فهذا المشروع يرتقي بعمل الجمعيات ويجعلها منتجة، ويحاكي مبادئ خطة 2030 التي تعزز الإبداع والابتكار والإنتاجية".

تفاصيل المشروع الوطني الذي جاء كنتاج لفكر ورؤية جمعية أهلية أرادت التغيير وإحداث فارق كان محط هذا الحوار الذي نعرض تفاصيله في السطور التالية..



محمد حسن العرادي نائب رئيس جمعية مبادرات البحرين الأهلية تحدث عن المشروع قائلاً: " نظمنا ملتقى لتدشين الفكرة فقط، ولكن المشروع لا يزال في طور التشكل والإقرار، فوزارة العمل والشئون الاجتماعية تبنت الفكرة، وقد أعدت الجمعية المشروع بالكامل برئاسة عثمان شريف، وسوف تعمل على تحقيق التغيير الذي نريده، أو هكذا نأمل ونتطلع".

ويضيف العرادي: "أنه في الدول الأوروبية من حق الجمعيات تقديم مشروع والحصول على ميزانية له، وهذا ما نعمل له، فمثلاً نريد مصانع ملابس أو أغذية أو مطاعم وغيرها، نحن نتحدث عن وجود مصانع صغيرة توظف وتمتص العاطلين فيها، وبالتالي تعزز صفة الإنتاجية.. أيضاً لدينا أفكار لمشاريع سياحية، ومشاريع زراعية، وحرف وغيرها .. إذا نحن نتحدث عن مجالات مختلفة تتميز بها المناطق، فلكل منطقة في البحرين خصوصية يمكن الاستثمار فيها .. وعلى مجلس النواب الجديد دعم هذا المشروع الوطني وهذا ما نأمله منهم، فهذا المشروع أمانة نضعها أمامهم لإقراره، فالجهة الرسمية تلمست أهمية هذا المشروع ووافقت عليه، ونحن في انتظار الإقرار".

ويزيد عن تفاصيل المشروع : "مشروعنا يتبع العمل الأهلي، وهو القطاع الثالث، وسيكون لكل جمعية فرصة توظيف 10 أشخاص، وبالتالي تصبح لديهم القدرة على تقديم مشاريع أهلية تصب في خدمة الأهالي، أيضاً سيتم إعطاء مرتبات حسب مقاييس وزارة العمل، باختصار نحن نفعل دور القطاع الأهلي لتحويله من قطاع يعتمد على العمل الخيري إلى قطاع منتج قائم بذاته.. إذا نتحدث عن مؤسسات أهلية غير ربحية تقوم بتقديم برامج ومشاريع إنتاجية، وبالتالي نقل العمل الأهلي نقلة نوعية كبيرة تسهل في دفع التنمية الحقيقة من قاع المجتمع".

نستهدف قاع المجتمع

إلى ذلك يقول العرادي: "انطلقنا من واقع وجود عدد كبير من العاطلين الخريجين، الأمر الذي جعلنا نفكر في طريقة مبتكرة للتصدي لهذه المشكلة، من هنا جاء الانطلاق من فكرة القطاع الثالث، وهو قطاع منتج وفاعل ومؤثر في المجتمع، فأغلب المتواجدين في ساحة العمل الأهلي هم من المتطوعين، وبالتالي مستوى العطاء يكون منخفضاً، لذا نحن نتحدث عن كادر ثابت قادر على خدمة المجتمعات من الداخل، نتحدث عن آلية واضحة منتجة تستهدف الإنسان والمجتمع المحلي في القرى والأحياء، وبالتالي نتحدث عن آلية تضمن الوصول وخدمة قاع المجتمع وتقويته من الداخل".

وعن أهمية دعم عمل الجمعيات الأهلية وتأثيراتها، يقول العرادي: "هذا المشروع يضمن تنشيط العمل الأهلي، وأن يأخذ موقعه .. هنا نتحدث عن قدرة على التخطيط لدى الجمعيات ولكنها لا تستطيع التنفيذ، وهذا المشروع سيضمن وجود جهاز تنفيذي كامل، بتوصيف وظيفي واضح وأهداف واضحة، والأهم هو قياس الإنتاجية والنظر في نوعية العمل.. إذا نحن نتحدث عن جمعيات أهلية وخيرية ومهنية ومسارح وأندية وجمعيات شبابية ونسائية وغيرها، فأي مؤسسة مجتمع مدني وجمعيات مهنية، تريد التوظيف تستطيع تنفيذ برامج تخدم أهدافها ومجتمعها المحلي.. فمثلاً جمعية تريد عمل سوبر ماركت أو روضة أو أي مشروع إنتاجي، هو أمر ممكن وهذا ما نتحدث عنه.. لدينا 100 جمعية خيرية ولو وظفت كل جمعية 10، فنحن نتحدث عن 1000 فرصة عمل، ولو وظفت 20 فسنحصل على 2000 وظيفة، أيضاً لدينا اليوم مثلا أكثر من 250 روضة، فإذا كل روضة عينت في حدود 10 فنحن لدينا 2500 وظيفة.. وبالتالي نحقق هدف تحسين خدمات تعليم ما قبل المدرسة".

وعن استهداف البحرينيين فقط يقول العرادي: "نتحدث عن توظيف البحرينيين فقط، وهو خلق فرص عمل، فالقطاع الخاص اكتسحه الأجانب، ولكننا نتحدث عن مشروع وطني يوظف أبناء البلد.. نريد إدماج العاطلين في العمل الإنتاجي، وبالتالي إذا نجحت أي جمعية فسوف يزيد عمل أعضائها وستكون مؤثرة ومنتجة ومغيرة، وبالتالي يتغير المجتمع ككل، إذا نحن نتحدث عن مشروع مهم .. مشروع حيوي ونوعي ومبتكر".

الإنتاجية همنا

وفي ما يتعلق بأهمية دعم فكرة الإنتاجية يقول: "نتطلع لعمل مصنع أو مشغل .. وتوفير الكادر التوجيهي والمستشارين فهم أشخاص موجودين ومتاحين، فقط نريد من يعمل ليقدم شيئاً لمجتمعه، فهذا البرنامج أسسنا له من خلال عمل بروتوكولات تعاون مع جهات كثيرة، ولدينا شخصيات أصبحت ضمن الطاقم الاستشاري، ولديهم خبرة يجب أن تستثمر.. ونريد تقديم هذا البرنامج وضمان وصوله إلى أعضاء مجلس النواب لتمريره وإقراره لأهميته الكبيرة، فنحن نتحدث عن الاهتمام والتنقل بين القطاعات، ولكل قطاع خصوصيته، لدينا مؤسسات تتبع التنمية وبعضها يتبع الثقافة وبعضها التجارة وبعضها مؤسسة الشباب والرياضة، إذا نحن نتحدث عن حالة من التعاون والتنسيق، وأيضاً نتطلع إلى إشراك المؤسسة الخيرية الملكية، وغيرها.. إذا نحن نتأمل لتحقيق الفكرة على جميع القطاعات وإقرار آلية تنظيم العمل.. لاسيما وأن هذا المشروع يصب في أهداف 2030، التي تخلق الفرص".

ويزيد في ذكر مجالات متعددة للمشروع قائلاً: "مثلاً نتطلع لتوقيع بروتوكول لتدريب الأطباء الجدد في المستشفيات الخاصة، وإشراكهم في التعليم ونقل الخبرات، أيضاً المحلات التجارية والمجمعات وغيرها، إذا نحن نفكر خارج الصندوق، لدينا مركز مودة للإرشاد الأسري،ولأنه يحتاج إلى طاقم عمل فإننا نتحدث عن رفع كفاءته وعمله، فمثل هذه المشاريع التي تعمل بالحد الأدنى نريد لها للعمل في فضاء مختلف وفي مستوى مختلف..الإنسان في البحرين اليوم يزيد عدده .. فنحن اليوم مليون و300 ألف، وعلى الجمعيات والمؤسسات الأهلية أن تواكب هذا الرقم وأن يكون العدد مناسباً، فالتعليم والاحتياجات كلها اختلفت.. ونريد أن نلحق بمثل هذه التغيرات".

ويختم العرادي حديثه قائلاً: "نطمح للحصول على دعم من المؤسسات الاقتصادية مثل البنوك والمؤسسات الكبيرة، لأن بعض المشاريع تحتاج إلى ميزانية لتولد الأفكار، وتطبيق الأفكار يتطلب العمل بالمقابل، وتوفير الميزانية سيشجع الناس على العمل، لاسيما وأننا شعب يتذمر كثيراً، والكل يريد من الدولة أن تقدم له شيئاً، ولكننا نتحدث عن عمل الجميع من أجل الجميع، والعطاء عطاء من أجل الجميع".

إشعال شمعة

الباحثة الاجتماعية هدى المحمود أمين سر جمعية مبادرات البحرين تبدأ حديثها قائلة: "بدل من أن تلعن الظلام نريد أن نشعل 10 شموع"، من هنا أقول إن هذا المشروع يشعل الشموع ..وقد تلقفت وزارة العمل وتمكين هذا المشروع واهتمت به، وسوف يعملون على تأمين كادر جديد ليغطي 5 سنوات، بعشر شواغر لكل جمعية بمقدار 70% .. ولدينا 700 جمعية، والكل يمكن أن يعمل في هذا الإطار..فقد توجه فريق عمل من الجمعية للقاء وكيل وزارة العمل د محمد الأنصاري، الذي اهتم بالمشروع وقال أنه سيمثل نقلة كبيرة، وكخطوة عملية أنشأنا موقعا الكترونيا وبدأنا في تجميع السير الذاتية، فنحن نؤمن بدور الجمعيات الكبير الذي يتجاوز تنظيم دورة أو احتفالية أو ورشة، ليصل إلى إنتاجية تسهم في تحسين وتشغيل المجتمع".

وعن الرهان الكبير على فاعلية المبادرة تقول المحمود: "نراهن على الجدية والقدرة على التغيير.. فالجمعية البحرينية للمبادرات الوطنية ستكون متابعة ومشرفة على هذه المشاريع، لمنع استغلالها وضمان الاستفادة القصوى منها، و الأرباح التي سينالها القطاع سوف تضخ من جديد لتوسعة الإنتاج، وبالتالي نحن نتحدث عن برامج تحتاج لكادر تنفيذي، ونريد أن نصل إلى التمويل الذاتي".

تفاوت أداء الجمعيات

وتزيد المحمود قائلة: "الحكومة تدعم الجمعيات، ولكن تفتيت المساعدات لا يحقق التنمية المستمرة، نريد مشاريع حقيقية، وأداء نوعي للجمعيات يتعدى تنظيم الورش أو الدورات أو الاحتفالات، إلى قيادة عمل حقيقي يخدم أهل المنطقة، فهذا المشروع يرتقي بعمل الجمعيات ويجعلها منتجة ومؤثرة في مجتمعها .. وبالتالي يمكن عمل مشاريع تجارية تمول نفسها وتضمن استمراريتها، لدينا تفاوت كبير في مستوى الجمعيات فبعضها فاعل وبعضها لا .. نحن نتطلع لتكوين ذراع قوي في المجتمع لدعم الحركة الاقتصادية وتقوية المجتمع، لتكون رافداً أساسياً لترشيد الإنفاق وتوجيه الموارد توجيها صحيحاً".

وعن تفاصيل الطموح تتحدث المحمود: " نحن نتحدث عن توظيف الجمعية لأبناء منطقتها من العاطلين، وبالتالي تخفيف الاحتقانات في المجتمع المحلي، وتعزيز فكرة خدمة البلد .. مشروعنا مشروع جميل مطبق في الخارج، وقمنا بتكييفه بما يناسب البحرين، وهو مشروع ناجح في أمريكا وبريطانيا .. فإن كان لدينا بيروقراطية في التوظيف في القطاع الحكومي، فالأمر مختلف في العمل الأهلي وأخف بكثير، ولكن أيضاً نتحدث عن تنظيم وعن مستوى منتج ومستوى مختلف من الأداء الأهلي، فهذا المشروع سوف يخفف المشاكل الاجتماعية بشكل كبير".

روح الابتكار والمبادرة

وعن أهمية إقرار المشروع تقول المحمود : "ننتظر إقرار الميزانية، وسيكون لكل مشروع دراسة جدوى، وإن كان صغيراً، أيضاً نوفر مجلس استشارياً، وسيكون هناك إشرافاً على العمل وبالتالي نقل العمل الأهلي إلى توفير القيمة المضافة له، وإكسابه السمة الحقيقية للعمل، نحن نتحدث عن الإسهام الحقيقي في حل مشكلات المجتمع، ونتحدث عن آمال وأموال ناس، وسيكون هناك إشراف ومتابعة ومعالجة العثرات، وتنمية الناجح لتحقيق المزيد من النجاح".

وعن جوانب العمل المختلفة تقول: "يمكن دعم السياحة في البحرين، والاستثمار في الشباب، ويمكن مصاحبة فكرة المشروع لفعالية تستوعب الشباب .. والعمل على مشاريعهم الخاصة لجذب الشباب، وأتوقف عند مبادرة سمو ولي العهد لتحفيز الشباب على الابتكار والمبادرة، نحن نتحدث عن فكرة موازية ولكن في العمل الأهلي، نتحدث عن بداية نجاح.. وبداية إبداع. والأفكار تتوالد يومياً.. وفي انتظار العمل".

وتختم المحمود حديثها قائلة: "عندما استقبلنا د إبراهيم جناحي وبعد إطلاعه على تفاصيل المشروع قال لنا "أنتم تتحدثون بلغة تمكين"، ووكيل وزارة العمل دعم الفكرة وهو متابع لها، إذا نحن أمام مشروع وطني كبير يلامس عمق المجتمع، ونتمنى من تقدمي عمل جبار يضيف للبحرين ويحقق نماء المجتمع المحلي".