مازال كثير من المتابعين يترقبون الآلية التي ستعلن من خلالها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عن قرارها بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، خاصة وأن لها تجارب سابقة في كيفية تغيير اتجاهات جماهيرها نحو المشاركة بعد سنوات طويلة من تبرير فكرة المقاطعة.

مازالت الحالة السائدة في العام 2002 حاضرة، ففي ذلك العام أعلنت الوفاق مقاطعتها للانتخابات التشريعية، ولكنها حرصت على المشاركة في الانتخابات البلدية لأنها مرتبطة بالخدمات وباهتمامات المواطنين مباشرة باعتبارها أداة لزيادة النفوذ السياسي.

ولكن هذا الوضع اختلف تماماً في العام 2006، وهو السيناريو الذي يتكرر هذه الأيام، فبعد عدة سنوات من المقاطعة الاختيارية كيف يمكن أن تقنع الوفاق جماهيرها بضرورة المشاركة في العملية الانتخابية؟

من تجربة 2006 يتضح الدور الكبير الذي قامت به المؤسسة الدينية التي تنتهي لها الوفاق ويمارس فيها عيسى قاسم دوراً بارزاً. موقف عيسى قاسم والوفاق ظل متذبذاً تجاه الانتخابات في ذلك العام، وبقي هذا الموقف "غامض وضبابياً"، إلى أن ألقى عيسى قاسم خطبة من خطب الجمعة، ولكنها اختلفت عن بقية الخطب لأنها اعتمدت على "البكائيات"، حيث شهدت بكاءً ساخناً من قاسم أثر كثيراً في جماهير المصلين، فضلاً عن أعداد المتأثرين بهذا المشهد في شبكة الإنترنت.

قاسم في تلك الخطبة استطاع أن يؤثر في الجماهير ويقنعها بوقوفه مع مصالحها ودفاعه عن حقوقها، وفي النهاية أقنع الجميع بأن المشاركة السياسية لدرء المفسدة وحماية للمصلحة. وبالتالي تحولت المسألة من قضية مشاركة أو مقاطعة إلى قضية مظلومية تتطلب المشاركة من أجل "إزالة الظلم والدفاع عن الحق". بهذا التبرير تمكن قاسم من تبرير موقفه البكائي آنذاك وأدخل جمهور الوفاق والجمعيات السياسية الأخرى المتحالفة معها في العملية السياسية بعد ضغوط من الإدارة الأمريكية والحكومة الإيرانية.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل سعى قاسم إلى حشد الدعم والتأييد الشعبي لكتلة الوفاق التي ترشحت آنذاك، فأصدر فتوى اعتبر فيها القائمة الانتخابية لجمعية الوفاق بأنها قائمة "إيمانية"، وهو ما أثار حفيظة شريحة واسعة من جماهير الوفاق، وكذلك عدد كبير من المترشحين الذين اعتبروا هذه الفتوى بمثابة إقصاء لهم باستغلال الدين.

سيناريو مشاركة الوفاق في انتخابات 2014 التي أكدت مصادر وفاقية متطابقة أنه القرار النهائي الذي تم اتخاذه من المتوقع أن يكون على غرار السيناريو الذي شهدته البلاد في انتخابات 2006، وهذا السيناريو باتت الجماهير الوفاقية معتادة عليه رغم عدم قناعة بعض كوادر الوفاق به.