* أنفاس الدنيا القصيرة وسرعتها المخيفة وأوجاعها وآلامها وكبدها وساعة الرحيل الخاطفة التي لا تمهلك الكثير، بتنا نشتاق إلى الاستظلال الدائم تحت ظل شجرة الخيرات التي تبقينا في ديمومة من العطاء والأثر الجميل في حياة الناس.. فعل الخير لا يتوقف في زمان ما ولا في مكان ما ولا يقتصر بأناس دون غيرهم، فكل إنسان مع نفسه يستطيع أن يفعل الخير ولو بكلمة طيبة يسعد بها نفسه ويحفزها إلى أن تكون في مقدمة الركب.. وهناك من البشر من لا يعرفهم الناس ولا يعرفون تلك الأفعال الكثيرة التي يقومون بها في ميادين الخير.. وهي كلها أعمال جليلة قرر صاحبها أن تكون خبيئة بينه وبين الله عز وجل.. هناك من الناس من تنطلق أفكارهم بفكرة بسيطة، ثم ما تلبت أن تتحول إلى مشروعات ضخمة تناطح السحاب، بسبب بسيط أن صاحبها آمن بعدة مبادئ: الفكرة، والهمة والإصرار، والعمل عليها، ومتابعة تنفيذها، واقتناص فرص الحياة لتحقيق الأهداف استفادة من العزيمة الداخلية. نحتاج إلى همم عالية تستبق أحداث الحياة وتختصر أساليب التنفيذ المرجوة، حتى نترك بصمة الخير التي نحبها كثيراً.. فلا نعلم ماذا ينتظرنا في الغيب.. اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا، ووفقنا إلى عمل صالح يقربنا إليك.

* ورد في كتاب «لأنك الله» لكاتبه علي الفيفي هذه الفقرة الجميلة: «عندما تحرص أن تطفئ نور سيارتك عند إشارة المرور حتى لا تزعج من هم في الشارع المقابل، قد لا يعلمون بمقصدك، بل حتى لا ينتبهون لفعلك، لكن احذر أن تظن أن الشكور لن يكافئك، كيف؟ لا يهم، من الممكن أن مرضاً كان سيخطف بصرك، أو حادثاً كان سيتلف سيارتك، أو مشكلة كنت ستقع فيها وقاك الله منها شكراً لك على صنيعك النبيل. حرصك على فتح الباب ليلاً بلطف حتى لا تزعج النائمين.. انتظارك وأنت ممسك باب المسجد لكبير في السن حتى يدخل.. تفاديك أن تدهس قطة عابرة.. ابتسامتك لطفل.. ترتيبك لغرفة في منزلكم.. دعاؤك لمسلم مات، بسبب أنك متيقن أن لا قريب له يدعو له.. إغلاق صنبور ماء كان غير محكم الإغلاق.. رفعك غصنا ملقى على الأرض.. كل هذا من الخير «وافعلوا الخير».

* في لفتة إنسانية جميلة تعبر عن الاهتمام بالطفولة وتحقق أحلامها بممارسة الحياة في أجواء صحية سليمة، دشنت المؤسسة الخيرية الملكية مؤخراً مشروع «الفارس» لتوفير مضخات الأنسولين، وهو مشروع وطني تبنته المؤسسة الخيرية الملكية لتوفير مضخات الأنسولين للأطفال البحرينيين من الأيتام ومن المصابين بالنوع الأول من داء السكري، حيث سيكون دور المؤسسة في هذا المشروع حلقة الوصل بين المتبرعين وبين المستشفيات الداعمة لتوفير المضخات، وقامت المؤسسة بتوقيع اتفاقيات شراكة مع مستشفى الملك حمد والمستشفى العسكري ومستشفى السلمانية، وستقوم المستشفيات المعنية بتوفير المستلزمات الخاصة لتشغيل المضخة بصورة شهرية. وطموح هذا المشروع بدأ بفكرة صغيرة تولدت بعد مشاهدات المؤسسة لحجم المعاناة والتعب التي يتحملها الطفل الذي يعاني من داء السكري من الدرجة الأولى في بداية حياته بأخذ الإبر اللازمة، لذا انطلق المشروع بالإيمان بهذه الفكرة والرغبة الجامحة في توسعته وإيجاد الميزانية اللازمة من خلال المشاركة المجتمعية، وبفضل الله تعالى وتوفيقه ثم بفضل جهود الفريق العامل الذي عمل بشكل إعلامي واحترافي للتسويق له،أبرزهم قطع «عمر يجرب»، الذي صوره الإعلامي النشط عمر فاروق. استطاع المشروع أن يتجاوز المرحلة الأولى بتوفير تكلفة عشر مضخات أنسولين لأيتام المؤسسة الخيرية الملكية، وأعلنت المؤسسة عن البدء بالتسويق لتوفير تكلفة 130 مضخة أنسولين أخرى لأطفال البحرين المحتاجين لهذا النوع من المضخات. وعندما نتحدث عن فعل الخير فإنما نتحدث عن استحداث مشروعات من هذا النوع تساهم في رسم البسمة على وجوه من يعانون من آلام الأمراض، أو المساهمة باستحداث مشروعات خير أخرى تساهم في تخفيف وطأة الضغوطات المعيشية على كاهل الأسر المحتاجة، لذا فإن المؤسسة بصدد استحداث مشروعات أخرى مماثلة من أهملها الوقوف جنبا إلى جنب مع المعسرين والغارمين والذين يواجهون حياة صعبة قد تحرمهم من ممارسة أدنى درجات السعادة الحياتية. كما تقيم المؤسسة هذا الأيام مشروعاً فنياً للأطفال في مجمع السيف سيخصص ريعه بالكامل لدراسة مجموعة من أيتام المؤسسة في رياض الأطفال من غير القادرين على تحمل تكاليف الدراسة، كما دشنت المؤسسة لجنة خاصة للمتطوعين للمشاركة في أبواب الأجر، بمشاركة شبابية واسعة. شكر وتقدير من الأعماق للمؤسسة الخيرية الملكية على جهودها الخيرية الحثيثة في رعاية الأرامل والأيتام والفئات المحتاجة وإشراك مؤسسات المجتمع في المشروعات الوطنية الخيرية لتعم الفائدة. ونشيد بجهود القائمين على مشروع فارس من موظفي المؤسسة والمتعاونين معهم،والذين بذلوا جهودا مضنية في التسويق للمشروع وإبرازه في المجتمع بشكل لافت، ودعوة لأصحاب الأيادي البيضاء للمشاركة في هذا المشروع الإنساني النبيل، وفي مشروعات المؤسسة الأخرى المتجددة التي تفتح الأبواب واسعا للأجور الخالدة.. بارك الله في الجهود وسدد الخطى.

* أعجبني مشروع «المتطوعين» الذي تحتضنه لجنة الأعمال الخيرية بجمعية الإصلاح، حيث يلقى هذا المشروع صدى واسعا في المجتمع بمشاركة شبابية واسعة من الجنسين، وبروز إعلامي لافت، وهذا ما شهدته الرحلة الإغاثية الأخيرة لمخيمات اللاجئين السوريين في لبنان وشارك فيها ثلة من شباب المجتمع البحريني المتطوع، والتي كشفت عن حجم المعاناة التي تعيشها تلك المخيمات والتي في أغلبها مخيمات شبه عشوائية لا تلقى الدعم والمساندة المطلوبة،ولا يستطيع سكانها توفير أبسط مقومات الحياة في ظل البرد القارس! وهذا ما تحدث عنه مدير اللجنة الشيخ طارق طه في لقاء تلفزيون البحرين. نشد على أيادي القائمين على هذه المشروع الخيري المبارك والذي يفتح الآفاق لشباب البحرين للمشاركات المجتمعية النبيلة، فالبحرين فيها «خير» وأبواب الخير إنما يطرقها من آمن بمبدأ وجوده في الحياة.. تمحيص واختبار وفعل الخيرات.. من أجل جنة عرضها السماوات.. نحتاج تلك المشاهد حتى نساهم بما نستطيع ونحمد الله الكريم.

* ومضة أمل:

معدنك الأصيل لن يتغير، وإن حاول البعض أن يدعي غير ذلك.. إنما هي الحياة يمر المرء فيها بمنعطفات كثيرة يحتاج فيها أن يحدد مسيره القادم.. حتى يسير بثبات على طريق الخير.. اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.