الرياض - (العربية نت): تداولت وسائل الإعلام القطرية والتركية منذ فترة، اسم السيدة الأوروبية أجنيس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام الفوري والتعسفي، على ضوء اتخاذها قراراً بإجراء تحقيق دولي مستقل، بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والتي بحسب ما أعلنت عنه قبل يوم مضى عن انتهائها من إجراءات التحقيق في مدينة إسطنبول التركية، والتي لم تدم سوى 5 أيام فقط "من 28 يناير حتى الثالث من فبراير"، كانت بالنسبة لها كافية على ما يبدو لإغلاق ملف التحقيق بالقضية.

والسيدة أجنيس كالامارد، عملت في منظمة العفو الدولية من العام 1998-2001، وشغلت بعدها منصب المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية "ARTICLE19"، والمعنية بـ"حرية التعبير وحرية المعرفة"، ولتعمل حالياً مديرة مشروع حرية التعبير العالمية التابع لجامعة كولومبيا، وكمقرر خاص معني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

واشتهرت بانحيازها لدعايات الإخوان والجماعات الإيرانية، خاصة في الوقت الذي عرف بـ"الربيع العربي" ومعاداتها للسعودية بشكل خاص، فقبل أن تخرج الحقوقية الأوروبية "أجنيس كالامارد" بتبرعها لإجراء تحقيقها بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، عمدت إلى تسخير جهودها ضمن الحملة التي استهدفت السعودية عبر عدد من المنظمات والجمعيات الدولية، من خلال تسييس قضية خاشقجي.



من ذلك كان مطالبتها في تغريدة لها بقراءة مقالات "جمال" وإعادة التغريد بها لتختار هي مقالاً له جاء بعنوان: "أمس ما يحتاج إليه العالم العربي هو حرية التعبير"، متجاهلة ما كشفت عنه صحيفة "الواشنطن بوست" نفسها، من أن مقالات خاشقجي المنشورة في الصحيفة جاءت بتوجيه وإملاء من مؤسسة قطر الدولية وبرعاية الأميركية "ماغي سالم" المديرة التنفيذية للمؤسسة، التي تولت إيصال الأفكار والتحرير على حد سواء.

ولم تكن أنجيس كالامارد بعيدة عن الحملات الموجهة ضد السعودية، وذلك منذ وقت مبكر، وتحديداً بعد التصدي لموجات ما يسمى "الربيع العربي"، وقرار الرباعية العربية مقاطعة قطر وإدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، وقرار التحالف العربي الإسلامي إنقاذ اليمن من الحوثيين بقيادة السعودية، لتسخر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في مهاجمة السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ العام 2012، وذلك بحسب ما ظهر من تغريدات مسيئة طالت هذه الدول بالتحديد، من ذلك كان سلسلة تغريدات لها خصصتها للدفاع عمن طالتهم الحملة الأمنية السعودية، بحق عدد من الأسماء السعودية، كان من بينهم نساء، تباينت تهمهم ما بين التعاون مع جهات خارجية وتورط آخرين بدعم الجماعات المتطرفة كـ"القاعدة" و"داعش"، أو الترويج لها.

ولم تتمكن "أجنيس" على ما يبدو من التغلب على أهوائها وأجندتها السياسية، حتى وإن كان في إطار تعزيز موقع المرأة السعودية، سواءً اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً والذي تجسدت بداية في قرار السماح للرياضيات من النساء بتمثيل السعودية في دورة الألعاب الأولمبية لأول مرة في لندن 2012، لتقابل الحقوقية الأوروبية هذا القرار بالسخرية والتهكم قائلة: "يا له من تنازل: سمح للمرأة السعودية المشاركة في الألعاب الأولمبية"، وفقا لما جاء في تغريدتها المؤرخة في 24-6-2012.

كما استهدفت أنجيس بتقاريرها الحقوقية، تحت اسم المؤسسة الحقوقية الخاصة التي تستغلها كغطاء ذي أغراض سياسية، لمهاجمة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، متهمة كلا من السعودية والإمارات باستهداف المدنيين وعدم تمييز ضرباتها ما بين المواقع العسكرية والمدنية، وتجاهلهما لكافة التقارير الحقوقية بهذا الشأن دون رد أو تعليق أو تحمل المسؤولية، بحسب ما جاء في تغريدة لها.

بالمقابل وقفت الحقوقية أنجيس كالامارد أمام الانتقادات الدولية الموجهة بحق الحزب الحاكم في تركيا "العدالة والتنمية"، تجاه حملات الاعتقالات الكبيرة التي طالت أحزابا معارضة وصحافيين، بل لتبرر ذلك بقولها، "إن إساءة استغلال قوانين محاربة الإرهاب للحد من حرية التعبير وتحجيم الديمقراطية مشكلة كبيرة لا تقتصر فقط على تركيا".

أما في البحرين، ساهمت أنجيس كالامارد وبنشاط في عقد اجتماعات مع ما يسمى "المعارضة البحرينية" في الخارج، وترويج الدعاية الإيرانية المتعلقة بمن وصفتهم بالنشطاء "الحقوقيين البحرينيين"، وعلى الضفة الأخرى كانت قد اكتفت بدعوة إيران إلى إيقاف قرار إعدام "رامين حسين" قائلة: "بكل "احترام"، أدعو إيران مرة أخرى إلى إيقاف تطبيق عقوبة الإعدام بحق رابين حسين باناهي"، متجاهلة دعوات المحامية الإسبانية في أسفل تغريدتها بضرورة الإسراع في التدخل لإيقاف تطبيق الإعدام بحقه.

وبلغت الذروة في هجومها على السعودية، حين صارت جزءا من الدفاع عن الإرهابي السعودي الشيعي "نمر النمر" الذي قاد المجموعات الإرهابية في العوامية شرق السعودية، التي قتلت عدداً من المدنيين والعسكريين وتم الحكم عليه بالإعدام وتنفيذ ذلك مع مجموعة أخرى من الإرهابيين السنة في يوم واحد، إلا أن الإعلام الغربي فضل التركيز على "نمر النمر" وحده دون غيره من المحكومين.

ووصفت المحققة أجنيس "نمر النمر" وإرهابيي القاعدة في السعودية بالمصلحين السياسيين، فبحسب ما جاء في تقرير لها قدم في أكتوبر 2016 قائلة: "قامت المملكة العربية السعودية بإعدام 47 رجلاً أدينوا بتهم الإرهاب، وشملت هذه 4 من الشيعة من بينهم الشيخ نمر النمر لمطالبتهم بالإصلاحات السياسية والمشاركة في المظاهرات التي أسفرت عن مقتل ضباط الشرطة". مضيفة أن "الشيخ نمر النمر زعيم سياسي شيعي له توجهات غير عنيفة في التعبير عن الاحتجاج".

وعلقت في تغريدة لها على إعدام " نمر النمر" في يونيو 2016: "إن إعدام السعودية للشيخ نمر النمر هو دق مسمار جديد في نعش التحالف الدولي ضد الإرهاب".

وفي يوليو 2013 كتبت الحقوقية أجنيس كالامارد طالبت في تقرير خاص لها المؤسسة العسكرية المصرية برفع الحظر عن 5 فضائيات مصرية، وأخرى تابعة لحركة حماس وأحزاباً إسلامية جهادية متطرفة معتبرة ذلك: "انتهاكا لحرية التعبير والمعلومات"، والفضائيات الـ 5 وفقاً لما ورد في تقريرها: "تعرب منظمة 19 عن قلقها بشأن قرار الجيش المصري الصادر في 3 يوليو 2013 بإغلاق خمس قنوات فضائية خاصة، والذي جاء بعد ساعات قليلة من الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وتعليق الدستور، والقنوات الخمس هي مصر 25 التي تملكها جماعة الإخوان المسلمين، وأربع تدعم الحركة الإسلامية: الحافظ، والناس، والرحمان، والخليجية، ونعتبر هذا القرار هجوماً خطيراً على حرية التعبير ومحاولة متعمدة لقمع تنوع الخطاب السياسي الذي نحتاج إليه بشدة في المناخ الديمقراطي الحالي في مصر".

واستنكرت في ذات الوقت مداهمة الأجهزة الأمنية المصرية لمكاتب قناة الجزيرة في القاهرة، وقرارها إغلاق: "قناة القدس الفلسطينية التابعة لحماس وقناة الأقصى"، مطالبة بـ"السماح بإعادة فتح محطات التلفزيون الخاصة وقنواتها لإعادة البث دون تأخير، ووقف أي احتجاز أو مضايقة لموظفيها، واحترام الحق في حرية التعبير لجميع الأحزاب السياسية من خلال وسائل الإعلام التي يختارونها".

يشار إلى أن الناشطة الحقوقية أنجيس كالامارد"، كانت قد شاركت في سبتمبر 2010 في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، بجلسة مع طارق رمضان، حفيد حسن البنا والمتهم حاليا بجرائم تحرش جنسي في فرنسا، وإلى جانبهما "كوامي أنتوني أبيا" "أمريكي من أصول غانية"، أستاذ الفلسفة في جامعة برينستون، ورئيس الجمعية الدولية لـ"الإيمان وحرية التعبير"، وأستاذ زائر في مركز الدراسات الدولية والإقليمية التابع لكلية الشؤون الدولية – قطر- بجامعة جورج تاون، والحاصل على الميدالية الوطنية للعلوم الإنسانية من قبل الرئيس الأميركي السابق باراك حسين أوباما في فبراير 2012.

اللافت كان بالشهادة التي قدمها حفيد البنا "رمضان" عن جماعة الإخوان المسلمين ودفاعه عنها، وإلى جانبه الناشطة الحقوقية الغربية "أجنيس" والتي جاءت في معرض إجابته عن سؤال لصحافي مصري حول عن رأيه بالمسلسل المصري الذي جسد سيرة جده "حسن البنا" وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين قائلاً: "من الواضح أن إنتاج هذا المسلسل يأتي لأغراض سياسية حكومية، وأنا لم أشاهده حتى الآن، لكن ما سمعته أنهم يحاولون تشويه صورة جماعة الإخوان المسلمين، وشخصياً لا أسعى إلى مقاضاة المنتجين، إلا أن هناك بعضاً من أفراد عائلتي سيقومون بذلك، إن هذا بالمقام الأول لعبة سياسية تحاول تدمير وتشويه صورة جماعة الإخوان المسلمين، وأعتقد أن حملتهم لن تحقق ما يطمحون إليه".

وكانت قد قدمت المقررة الخاصة أجنيس كالامارد، تقارير متعددة طالبت فيها الأمم المتحدة بالتدخل للإفراج عن عناصر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وإيقاف أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من عناصر الجماعة ممن تورطوا بعمليات قتل ومحاولات اغتيال مسؤولين مصريين، بذريعة عدم حصولهم على محاكمات عادلة.

وبالعودة إلى التقرير الذي كان مادة إعلامية احتفلت به المنابر الإعلامية التابعة لقطر وتركيا وشبكات الإخوان، نجد أنه حتى بعض المسؤولين الأتراك لم يكونوا واثقين من التقرير الذي لم يأت بصفة ملزمة أو بصفة قانونية، فبحسب ما قاله إسماعيل ياشا، المقرب من الحزب الحاكم في تركيا، في معرض تعليقه على ضعف التقرير الذي خرجت به "المقررة" الحقوقية، وغياب أية معطيات جديدة وفقا لما زعم أنه تحقيق أممي قائلاً: "إن أنقرة لا يمكن أن تعطي محققة جاءت بمبادرة شخصية الأدلة الكافية التي بحوزتها".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ما يعني بالمقررين الخاصين، هم مجموعات تعمل كجزء من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، والتي تأتي ضمن هيئة عمل خاصة من الخبراء المستقلين لتقصي الحقائق والمراقبة المستقلة، والتي قد تتناول قضايا أو حالات محددة، على أساس طوعي، وبحسب ما تؤكد عليه دوماً الأمم المتحدة في التقارير المقدمة من قبل هؤلاء المقررين فإن: "خبراء الإجراءات الخاصة يعملون على أساس طوعي، وليسوا موظفين في الأمم المتحدة ولا يحصلون على راتب مقابل عملهم فهي مستقلة عن أي حكومة أو منظمة وتخدم بصفتها الفردية".