خلال الساعات الماضية، تقاطعت تصريحات مسؤولين غربيين رفيعي المستوى حول قرب هزيمة تنظيم الدولة «داعش»، في إشارة واضحة إلى أن «التنظيم المتطرف بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة». وقد كان لافتاً تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، والتي أكد فيها أن «الولايات المتحدة سوف تسيطر قريباً على نسبة 100% من أراضي تنظيم «داعش» في سوريا»، فيما ختم ترامب تغريداته بتساؤل قائلاً، «هل تصدقون ذلك؟»، في إشارة إلى وسائل إعلام أمريكية تعارض سياسات الرئيس الأمريكي وتشكك في قدرة واشنطن على تنفيذ انسحابها من سوريا. وقبل أيام، أكد ترامب أن «الإعلان الرسمي عن تحرير كامل الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، ربما يكون الأسبوع المقبل». وجاءت تصريحات قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل التي أعلن فيها أنه من المحتمل أن تبدأ الولايات المتحدة خلال أسابيع سحب قواتها البرية من سوريا طبقاً لما أمر به ترامب، لتؤكد نفس التصريحات السابقة للأخير، وتصب في ذات الاتجاه، لا سيما وأنه أكد أمام أعضاء التحالف الدولي ضد «داعش» في واشنطن أن «الجنود الأمريكيين وشركاءنا في التحالف وقوات «سوريا الديمقراطية» حرروا على الأرجح كامل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في سوريا والعراق». وقبل أيام، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، قولهم إن «الجيش الأمريكي يستعد لسحب قواته من سوريا بنهاية أبريل، وإن جزءاً كبيراً منها سيكون قد انسحب بحلول منتصف مارس»، بينما أكد مسؤول أمريكي، في حديث لـ«رويترز»، سحب القوات الأمريكية في أبريل، مشيراً إلى أن «الانسحاب سيشمل قاعدة التنف، قرب ملتقى الحدود بين سوريا والعراق والأردن». بدوره، أكد قائد القوة المدفعية الفرنسية التي تدعم الجيش العراقي وقوات «سوريا الديمقراطية» في حربهما على «داعش»، الكولونيل فرنسوا ريجيس ليغرييه، من منطقة القائم العراقية على الحدود مع سوريا تسارع وتيرة القضاء على التنظيم المتطرف قبل أن تدعو وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، جنودها المتمركزين إلى «إنهاء هذه المعركة»، لا سيما وأن «الإرهابيين باتوا بلا قائد ولا اتصالات وفي فوضى واندحار»، على حد وصفها. وتخوض قوات «سوريا الديمقراطية» معارك ضارية مع التنظيم المتطرف في الجيب الأخير له شرق سوريا، قرب الحدود العراقية، لكن لايزال الأخير يقاوم بشراسة، ما يشير إلى أن المعركة ربما تمتد لنهاية الشهر الجاري. لكن يبقى السؤال الجوهري حول القضاء على التنظيم عسكرياً، لكن ماذا عن هزيمته فكرياً ومحاصرة وتطويق الأيديولوجيا؟

وهذا ما ذهبت إليه صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، من أنه لا يمكن ببساطة في حال إعلان القوى الدولية هزيمة التنظيم المتطرف، أنها بذلك أنهت القصة، لأنه «فكرة خبيثة ومتعصبة، وهو قوة قتال شريرة». وإذا كان «داعش» قد خسر شيئاً فشيئاً الأراضي التي احتلها في سوريا والعراق منذ عام 2014، والتي كانت تعادل حجم بريطانيا بأكملها، حيث تضاءلت بشكل كبير ولم يبقَ سوى قرية أو قريتين محاصرتين جنوب شرق سوريا، إلا أن خطر التنظيم لم ينتهِ، بدليل أن التنظيم المتطرف يقف وراء أكثر من 140 هجوماً إرهابياً في 29 دولة غير العراق وسوريا، منذ عام 2014، ما أدى إلى مقتل نحو ألفي شخص خلال تلك الفترة، على الرغم من أن التنظيم المتطرف خسر أكبر معقلين له في الرقة السورية والموصل العراقية في 2017، بعد أن أعاد رسم خارطة الشرق الأوسط في 2014 بإعلانه «دولة الخلافة» على الأراضي التي قام باحتلالها.

وقبل أيام، كشفت مصادر مخابرات غربية، نجاة زعيم التنظيم المتطرف أبوبكر البغدادي من محاولة اغتيال في محافظة دير الزور السورية عبر مقاتلين أجانب بزعامة أبومعاذ الجزائري، فيما اضطر الأول إلى الهروب إلى منطقة صحراوية على حدود العراق.

* وقفة:

من السهولة بمكان الحديث عن هزيمة «داعش» عسكرياً إقليمياً ودولياً لكن تبقى مسألة تطويق الأيديولوجيا هي الحرب الأكبر لا سيما وأن جيوب التنظيم وخلاياه النائمة مستقرة في الشرق الأوسط!!