باريس - لوركا خيزران

لم يكد يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 24 أبريل يوما لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، على يد الأتراك العثمانيين، إبان وجودهم في أراضي الإمبراطورية العثمانية مطلع القرن الماضي، حتى جاءت ردة الفعل التركية بمطالبة فرنسا بـ"مواجهة تاريخها، وخصوصا جرائم القتل وانتهاكات حقوق الإنسان التي تورطت فيها السلطات الفرنسية".

مصدر دبلوماسي فرنسي فضل عدم ذكر اسمه لـ"الوطن" أكد أن "باريس ليست بوارد التراجع أبدا عن التزامها الأخلاقي والتاريخي حيال جرائم الإبادة الجماعية للأرمن على يد العثمانيين الأتراك".



وأضاف أن "جرائم تركيا التاريخية حيال الأرمن هي مسألة محل خلاف دائم بين تركيا ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعلى رجب طيب أردوغان أن يعني أن أوروبا لا تساوم على القضايا الأخلاقية"، مؤكدا أن هناك "توجيه سياسي رفيع بالاستمرار في نهج إدانة الجريمة التاريخية التركية بحق الأرمن".

وتابع المصدر أن "فرنسا بصدد اتخاذ اجراءات أخرى لإعادة بعض الحقوق لضحايا الابادة الجماعية من الأرمن على يد الأتراك".

ووفاء بوعد انتخابي قطعه إيمانويل ماكرون عام 2017، قال في مأدبة عشاء سنوية لمجلس تنسيق المنظمات الأرمينية في فرنسا، إن "بلاده من أوائل الدول التي نددت بملاحقة الأرمن في الإمبراطورية العثمانية".

واعترفت فرنسا رسمياً بالإبادة الجماعية للأرمن في 2001.

وتقر تركيا بأن الكثيرين من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية، قتلوا خلال اشتباكات مع القوات العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، لكنها تشكك في الأرقام، وتنفي أن تكون أعمال القتل ممنهجة وتشكل إبادة جماعية.

وقال ماكرون إنه أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقرار مسبقا، مضيفا أنه "يريد أن يبقي حواراً مفتوحاً مع تركيا".

الرد التركي جاء على لسان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر جليك، حيث قال خلال مؤتمر صحفي، "نقول للسيد ماكرون إن ما فعله أمر خاطئ، وإذا كان مصرا على مواجهة التاريخ فعلا، فنؤكد أنه يتوجب عليه مواجهة ممارسات فرنسا في الجزائر، والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها السلطات الفرنسية، في بنين، وبوركينا فاسو والغابون وغينيا والكاميرون وموريتانيا والنيجر والسنغال وتونس وتشاد".

وأوضح أن "دولا مثل فرنسا تسعى لتحقيق مكاسب سياسية من هذا الملف".

وحذر جليك من أن "تركيا لن تكتفي بالتنديد، وستكون هناك تداعيات لهذا القرار الأخير على العلاقات التركية الفرنسية".

ويطلق الأرمن دعوات إلى "تجريم" تركيا، وتحميلها مسؤولية مزاعم بتعرض أرمن الأناضول لعملية "إبادة وتهجير" على يد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى "1914-1918"، أو ما يعرف بـ"أحداث عام 1915".

وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة "الإبادة الجماعية" على هذه الأحداث، وتصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتشدد أن ما حدث كان "تهجيراً احترازياً" ضمن أراضي الدولة العثمانية.