نشرت الصحافة خلال الأيام الماضية وحتى الأمس أخباراً هامة وفي غاية الخطورة، وفي كلا الموضوعين جاء الكشف من قبل الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية.

في الحالتين، كشفت الدكتورة مريم الجلاهمة الرئيس التنفيذي للهيئة، أنه وبالتعاون مع المباحث الجنائية، تم اكتشاف وافدة روسية تمارس طب التجميل بدون ترخيص!

هذه الوافدة فتحت لها عيادة تجميل في المنامة، تدار من قبل وافدة أخرى عربية الجنسية، وتم إجراء العديد من عمليات التجميل دون ترخيص، من خلال حقن إبر «الفيلر» و«البوتكس».

تم القبض على الوافدة الروسية بعد إعداد كمين لها، وبعد إخلاء سبيلها إثر الإجراءات القانونية، تقدمت بطلب للترخيص في إطار تصحيح وضعها، لكن الهيئة رفضت طلبها لأنها لا تحمل المؤهل العلمي المطلوب الذي يخولها مزاولة المهنة!

هذا الكشف، يضاف إليه الكشف الآخر والذي يأتي في نفس سياق مزاولة مهنة الطب بمختلف تخصصاتها دون امتلاك المؤهلات المطلوبة، أو عبر تقديم شهادات علمية مزورة.

إذ بحسب الدكتورة الجلاهمة أيضاً، فإن الهيئة رفضت قبول 102 طلب لمزاولة مهنة الطب في القطاع الخاص، وهي طلبات جاءت من الخارج من أشخاص لا يقيمون في البحرين.

لدينا ظاهرة خطيرة هنا، المعطيات تقول بأن المجال الطبي، وتحديداً في القطاع الخاص، تعتبر من الأسواق التي تدر أرباحاً كبيرة، فالطب اليوم حاله حال أي خدمات أخرى، إن كنا نتحدث عن القطاع الخاص، جانب الربحية فيه هام جداً، ويعتبر استثماراً لأصحابه.

لكن الفارق الأدبي هنا بين التجارة والطب، أو التجارة والتعليم مثلاً، هو ما نؤكد عليه دائماً أن هذه المهن «إنسانية» في مقام أول، فهدفها الأسمى المعني بـ«خدمة الناس» يفترض أن يتفوق على هدفها التجاري أو الربحي.

ولأن البحرين أصبحت سوقا منفتحة على الاستثمارات في هذه المجالات، فإن هناك فرصاً عديدة للدخول في هذا المجال، وهنا يأتي دور التحقق من سلامة كل الإجراءات، وأوضاع مقدمي طلبات الدخول في هذه المجالات، وتملك الدولة الحق الكامل في التصريح أو الرفض للطلبات بإخضاعها للاشتراطات والضوابط والقوانين.

اليوم حين نقول إن هناك محاولات لأكثر من 100 شخص يملكون مؤهلات طبية مزورة أو مشكوك فيها للدخول إلى سوق البحرين، فإننا نتحدث عن حالات عديدة ستتكرر مثل الحالة الأولى التي أشرنا لها والمعنية بالوافدة الروسية التي مارست أعمالاً طبية دون ترخيص.

في نفس الوقت أربط هذا الموضوع بتغريدة نشرها أمس النائب عمار قمبر على حسابه الشخصي في «تويتر»، يشير فيها لوجود ما عدده 800 ألف وافد في البحرين، يعملون فيها، في وقت نحتاج فيه حاليا، وسنحتاج إليه بشدة مستقبلاً لإيجاد وظائف مختلفة وعديدة لأجيالنا البحرينية التي ستتخرج وتنتظر فرصة دخولها سوق العمل.

فتح المجال بشكل كبير لتزايد العمالة الأجنبية، باختلاف تصنيفاتها سيؤثر بالضرورة على مستقبل أبناء البحرين، بالتالي تشديد الرقابة على مثل هذه الطلبات كمثال ما قامت به الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وغيرها من الجهات المعنية بمنح التراخيص، إضافة لإيجاد فرص عمل في قطاعاتنا الحكومية، كلها أمور يجب أن تكون على رأس أولوياتنا ويتم برمجتها في خطط عمل الحكومة، والاستشراف المستقبلي للبحرين.