ترك الشباب في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة رضي الله عنهم سيرة عطرة عن دورهم في نشر الإسلام والحفاظ عليه، وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته على احتواء الشباب ليكونوا من أهم دعائم الأمة الإسلامية وثباتها ونهوضها. فقد كان الشباب آنذاك حول الرسول عليه الصلاة والسلام ينهلون منه تعاليم الإسلام ويتنافسون على شرف نشر السلام، فقد كان منهم قادة للجيوش، ومنهم من كان سفيراً للرسول صلى الله عليه وسلم، فقد لقي الشباب اهتماماً واضحاً من الرسول وصحابته رضوان الله عليهم، ووثقوا بقدراتهم وقوتهم فكان شأنهم عظيماً، لاسيما في الشجاعة والتضحية والمهارات المكتسبة وحنكة الشباب.

والصفات الجميلة التي كان يتحلى بها الشباب آنذاك كانت عبارة عن تراكمات متجذرة في تربية الأطفال والثقة في قدراتهم مع الحفاظ على تعاليم الإسلام كمنهج هام وأساسي لسعادتهم في الدنيا والآخرة فكانوا بالفعل أهلاً للثقة وأهلاً لكل موقع قيادي نالوه لرفعة دينهم وهويتهم الإسلامية.

لن أجري مقارنة بين شباب اليوم وشباب كانوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم، فذاك زمن له ظروفه وطبيعته، واليوم شبابنا يعيش في زمن آخر له ظروفه وله تحدياته وعقباته المختلفة نوعاً ما، ربما تكون أصعب من ذلك الوقت، يكفيهم أن يكون الرسول وصحابته حول الشباب يثبتونهم على الحق وفعل الحق ويقومون فيهم العزائم وزرع الثقة في قدراتهم ومهاراتهم.

فشباب اليوم محاطون بتحديات كثيرة من أهمها استهداف أعداء الإسلام وأعداء الوطن للشباب فهم يعيشون في زمن الفتنة وزمن كثر فيه الصراع والقتل وزمن سمح للمجتمع بأن يشكك بقدرات الشباب فأصبح بعض الشباب لا يختلف عن الأطفال في تفكيره واعتماده على والديه في كل صغيرة وكبيرة.

يقول أحد أولياء الأمور إنه عندما أصبح في سن الزواج وقرر أن يكون أسرة بذل قصارى جهده لجمع المهر، لم يساعده والده ولم يقترض من البنوك ولكنه استطاع بعد سنوات أن يتزوج ويكون أسرته بماله الذي جمعه بنفسه، ويسرد أنه عندما قرر ابنه أن يتزوج طلب منه أن يساعده في المهر وحفل الزفاف ورحلة شهر العسل وتأثيث شقته ذلك لأنه عندما كان الشاب طفلاً اعتمد على والديه في كل صغيرة وكبيرة وكانت طلباته مجابة.

يقول الأب من المحزن بعد ذلك أن تكون أبواب المحاكم وجهة ابنه لفض الزواج الذي لم يتحمل كلا الزوجين الآخر وضاع كما يقول «تحويشة العمر» في المهر والحفل والسفر، والسبب عدم معرفة ابنه قيمة هذا المال الذي لم يتعب فيه يوماً.

أحياناً تكون الأسرة أو المجتمع سبباً في تراجع بعض الشباب في ثقتهم في أنفسهم التي تعكس ثقة الشباب بهم، وأحياناً يكون خوف الأسرة من الفتن الكثيرة على أطفالهم تجعلهم يعاملون الشباب على أنهم غير قادرين على التصدي لها، وأحياناً المبالغة في العناية والمراقبة تجعل من أولياء الأمور أشبه ما يكونون بالأعداء بالنسبة لأولادهم، وهذا ما تعانيه بعض الأسر اليوم التي خلقت بيئة غير آمنة داخل المنزل ينظر لها الشباب بأن أسرهم هي سبب تعاستهم.

المجتمع البحريني اليوم يحاول أن يسترد ثقة الشباب بنفسه وبمجتمعه، ويحاول أن يعطيه من الأدوات التي تعينه على بناء مجتمعه، وقد انعكس اهتمام الدولة بالشباب على نفوس الأطفال، الذين أصبحوا يخططون لمستقبلهم بهمة عالية وبروح تعتليها الثقة والإصرار، وهذا ما يحتاجه المجتمع، وهو إعطاء الأدوار المناسبة لكل شريحة من شرائح المجتمع بما يغرس من مبادئ وقيم في الطفولة تجدها في الشباب وينشر عبيرها في كل مرحلة.

فما أجمل من الشعور بأن الإنسان يساوي الكثير في كل مرحلة من مراحل العمر، وأنه قيمة مضافة لمجتمعه، وبصراحة لا يأتي ذلك إلا عندما تتبادل الثقة بين الفرد ومجتمعه، وهذا ما التمسناه اليوم في المجتمع البحريني الحرص على روح الشباب من التفكك الداخلي واحتضانه بكل الفرص المتاحة من أجل أن يكون «هو» الطاقة التي لا تقهر كما كان الشباب حول الرسول صلى الله وسلم آنذاك سفراء حقيقيين لمجتمعهم الإسلامي.