في أوروبا تياران متنازعان غير متفقين على تصنيف وتعريف «الإرهاب» في منطقتنا، وبالتالي يختلفان على كيفية التعاطي مع مهددات الأمن فيها، بل يختلفان على كيفية التعاطي مع انتشار وامتداد هذا الإرهاب إلى دولهم، إلى درجة أنهما اختلفا على كيفية التعامل مع الإرهابيين العائدين من داعش إلى دولهم الأوروبية بعد هزيمة داعش واندحار أعضائه، فاليسار الليبرالي يراهم ضحايا لمجتمعاتنا الخليجية القمعية الوحشية ولا بد من احتوائهم، والتيار الآخر يراهم قنابل موقوتة ومهددين للأمن ويرفض قبولهم.

بسبب سذاجة هذا التيار وجد العديد من محرضي الإرهاب أو من داعميه لوجستياً من أبناء منطقتنا في هذا التيار ملاذاً آمناً وفرصة لإغوائه، وتحريضه على الأنظمة على اعتبار أنها أنظمة منفصلة عن شعوبها، وأن من لجأ إليهم يمثل الشعوب، فأسسوا معه شبكة علاقات شكلت له مظلة في الغرب، فمنهم المحامون ومنهم الإعلاميون والكتاب ومنهم البرلمانيون تعاطفوا مع الجماعات الإسلامية الشيعية والسنية وتعاطفوا مع كل من يدعم الفوضى وعدم الاستقرار، خاصة إن كان ليبرالياً أو ادعى ذلك وما أسهل التغرير بهم، فكانوا مصدراً لمعلوماتهم ولتكوين وجهة نظرهم.

كان إغواء متبادلاً فخلق ذلك التيار مجموعة من الدمى صنعوا منهم أبطالاً ورموزاً شعبية مما كان مثاراً للسخرية في المنطقة العربية لأننا نتساءل من ضحك على من هنا؟ هل هذا التيار يصنع تلك الدمى لمخاطبة ذاته محلياً والترويج لرؤيته وفكرته عن المنطقة مع مريديه؟ أم أن هؤلاء المهرجين الذين لا ثقل لهم نجحوا في استدراج هذا التيار لمساعدتهم في تنفيذ أجندتهم؟!

إلى اللحظة هذا التيار اليساري الليبرالي يصدر البيانات والتقارير خاصة من البرلمان الأوروبي التي تعتمد على مصادرها من التيارين المدعومين إيرانياً «الإخوان وولاية الفقيه» إلى الآن يظن هذا التيار أن تعظيم وتفخيم أسماء عربية في دولهم يجعل منها عظيمة في الشارع العربي!!

ما زاد الطين بللاً أن المحسوبين على الثقافة العربية زورا من مثقفي الفرانكوفونية من الشمال الأفريقي وهم الأكثر انصهاراً واندماجاً في فرنسا بسبب اللغة تحديداً، وجدوا ضالتهم في هذا التيار اليساري ليصبوا جام غضبهم ونظرتهم الدونية علينا وعلى كل ما هو آتٍ من الجزيرة العربية، ولتكتمل حفلة الزار الرافضة لكل نجاح أو انتصار أو علامة استقرار مصدرها دول الخليج، وتتحول عندهم إلى تخلف ورجعية وإرهاب ووحشية، فتزيد من غي هذا التيار وثقته من نظرته «الصائبة» وحكمه المسبق علينا!!

بالنسبة لنا كدول خليجية وكشعوب خليجية كانت أوروبا بعيدة عن رادارنا الاستراتيجي ومثلها كذلك الشرق لم نمد الجسور ولم نفتح الأبواب ولم نتواصل معهم كمجتمعات ومؤسسات مدنية ومثقفين، تواصل معهم كل ناقم وكل من له أجندة على وطنه مدعياً أنه يمثلنا، ستجدونهم يشكلون شبكة إعلامية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا يحتكرون القنوات الناطقة بالعربية، ستجدونهم على صلة ببرلمانيهم وشركات العلاقات العامة تفتح لهم الأبواب، ستجدهم متعاقدين مع مكاتب المحاماة ومع منظمات حقوقية، بنوا شبكة منذ أكثر من عقدين من الزمان فأصبحوا هم مصدر المعلومات الموثوق لذلك التيار اليساري.

أين نحن من هذا كله؟ كنا موجودين، إنما في أكسفورد والشانزليزيه!!