قدّم الدكتور محمد السلمي - رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية قبل أيام، قراءة شيقة ورصينة لـ»السياسة الخارجية الإيرانية وفق الدستور الإيراني»، تضمنت شرحاً وافياً لنصوص الدستور الصادر خلال فترة حكم الخميني والتحديث الذي طرأ عليه في مرحلة خامنئي، وما تحمله من عقائد وتطبيقات عملية في السياسة الخارجية الإيرانية، ولعل أهم وأبرز ما وقف عليه السلمي في قراءته ما يتعلق بمفهوم نصرة المستضعفين كونه مرتكزاً هاماً من مرتكزات السياسة الإيرانية، منطلقاً في تلك القراءة مما ورد في نص ديباجة الدستور الإيراني «وبالنظر إلى محتوى الثورة الإسلامية في إيران، التي كانت حركة تهدف إلى نصرة جميع المستضعفين على المستكبرين، فإن الدستور يعدّ الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، وخصوصاً فيما يتعلق بتوسيع العلاقات الدولية مع سائر الحركات الإسلامية والشعبية إذ يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم.. ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم».

من اللافت ما وقف عليه السلمي من الدستور الإيراني، والذي ينص على «رفض جميع أشكال الاضطهاد، سواء بفرضه أو الخضوع له، وجميع أشكال الهيمنة، سواء بفرضها أو بقبولها»، ولعلنا لاحظنا في النص الأول الحديث عن دعم استمرار الثورة في داخل إيران وخارجها، فضلاً عن التركيز على الحركات الإسلامية والشعبية بمعزل عن العلاقات الدبلوماسية والعلاقة مع الأنظمة، لا سيما وأن النص الثاني قد أورد جميع ما اعتبره من أشكال الهيمنة سواء تم فرضها على الشعب أو كان الشعب قابلاً بها، وهو ما وقف عليه السلمي في قراءته، مشيراً إلى أن كل ما أورده من نصوص مقتبسة من الدستور الإيراني إنما قسمت العالم إلى «قسمين رئيسيين هما: المستكبرون والمستضعفون، تضم القوى الاستكبارية من وجهة النظر الإيرانية عدداً من الدول أهمها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وإسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين، أما الدول المستضعفة فتضم حالياً إيران وسوريا ولبنان وفنزويلا واليمن والسودان وبوليفيا وزيمبابوي وغيرها». ثم وقف على المادة 12 من الدستور الإيراني التي تقول: «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء» الأمر الذي فسره بالعزف المستمر والحشد الدائم للشعور الطائفي وضرورة استمرار الصراع، بالاعتماد على أدبيات طائفية بحتة.

واختتم السلمي قراءته بالقول: «إن هذا التوجه العدائي سيقود دولة جارة وذات حضارة وتاريخ إلى الهاوية، وسوف تشكل تهديداً وشيكاً للنظام في طهران» داعياً نظام الولي الفقيه في طهران إلى الاستفادة من النموذج الفنزويلي حيث الاستعداد العالمي لقبول المعارضة بشكل سريع والاعتراف بها رغم ضعفها، الأمر الذي اعتبره درساً مجانياً لطهران يتيح لها فرصة إعادة النظر في سياساتها وتوجهاتها قبل انهيارها، مشيراً إلى أن منطلق تصحيح المسار لا بد أن يكون عبر الدستور.

* اختلاج النبض:

ما قدمه د.محمد السلمي في قراءته للسياسة الخارجية الإيرانية من الدستور الإيراني، يعد من القراءات الهامة لفهم السلوك الإيراني الطائش في المنطقة ومحركاته، ولمعرفة الأسلوب الأمثل للتعامل مع طهران وفهم غاياتها.