من أفضل وأجمل التقدير والامتنان من الأبناء للوالدين هو ذكرهم بعد الممات من خلال الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والفوز برضا الرحمن وجنانه، أو من خلال التصدق عنهم بالمال، أو التكفل بمشروع تنموي خدمي تستفيد منه فئات معينة أو المجتمع بأسره، فاهتمام الأبناء وعنايتهم لذويهم بعد الممات علامة من علامات الابن الصالح لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، فما أشد الفقد في نفوس الأبناء الصالحين ما يجعلهم يتنافسون لإرضاء ذويهم بعد الممات من عمل خيري ينير به قبروهم وتثقل به موازينهم يوم الحساب، نسأل الله أن نكون عند حسن ظن أحبائنا من سبقونا تحت التراب.

ثوب فاطمة فكرة انبثقت من أبناء وأحفاد المرحومة فاطمة المير كمشاركة منهم في رد الجميل لهم وتربيتها وعنايتها بهم من خلال معرض مخصص لبيع الملبوسات النسائية يخصص ريعه لجمعية البحرين لمكافحة السرطان يكون في ثواب المرحومة.

تقول السيدة لبنى الأمين وهي ابنة المرحومة فاطمة المير «بعد وفاة والدتها -وكعادة أهل المتوفى يقومون بحصر مقتنياته- تقول وجدت الكثير من الأقمشة التي كانت تمتلكها والدتها في حياتها، لذلك جاءت فكرة خياطة هذه الأقمشة وبيعها لصالح مشروع يخدم فئة في المجتمع ويسهم في تطويره»، وتوصلت عائلة المتوفاة إلى أن يكون «ريع البيع من نصيب جمعية البحرين لمكافحة السرطان ودعماً لها»، لكون المتوفاة رحمها الله كانت مصابة بهذا المرض، شفى الله كل مريض وألبسه ثوب الصحة والعافية.

عند مدخل معرض ثوب فاطمة وضعت لوحة معبرة كتبت كلماتها من القلب، واسمحوا لي أن أنقلها كاملة فبرغم أنها كلمات حزينة لكن واقعها إيجابي يدعونا إلى أن نسير على نهجها، تقول الكلمات «كان لديها إحساس فريد للفكاهة، ابتسامتها تنور المكان المظلم، تعطي بسخاء من القلب، تريد أن تغرس تلك السمة فينا، كانت التعريف الحقيقي للأناقة والفريدة في أسلوبها، تركتنا والدتنا فاطمة المير قبل حوالي عامين لم تترك وراءها ذكريات جميلة فقط بل ورثت سمات سوف تستمر كتقليد في العائلة، نقدم لكم المشروع الخيري ثوب فاطمة سنستخدم كل قطع القماش التي جمعتها على مر السنين وتحويله إلى قفاطين نابضة بالحياة بنفس الطريقة التي تطبقها دائماً، كل المبالغ التي ستحصل من البيع ستخصص لدعم جمعية البحرين لمكافحة السرطان»، انتهى.

عندما يعبر الأبناء عن امتنانهم لآبائهم وأمهاتهم بعد مماتهم من خلال الدعاء والصدقات إنما يعبرون عن تربيتهم الأصيلة وتأصيل القيم وعمل الخير في نفوسهم. المرحومة فاطمة المير تركت إرثاً جميلاً من الأبناء والأحفاد يتسابقون لفعل الخير ويتنافسون في غرس المعاني الجميلة في العمل الخيري ودعمه ليكون حصاده واضحاً وجلياً للمجتمع وللمتوفى ينير به قبره. رحم الله فاطمة المير وغفر لها وأسكنها الفردوس الأعلى، وجعل هذا المشروع في ميزان حسنات المرحومة والقائمين على مشروع ثوب فاطمة الخيري.. اللهم آمين.