كما أنهى صلاح الدين الأيوبي الكردي آخر دولة صليبية بعد معركة حطين في الشام 4 يوليو 1187، ينهي الأكراد من قوات سوريا الديمقراطية مرة أخرى دولة لا تنتمي للواقع الجغرافي أو السكاني أو السياسي أو حتى الاقتصادي، حيث ينهون «خلافة» عابرة أثارت الرعب على مدى سنوات بين العراق والشام تحت اسم «داعش».

بتاريخ 29 يونيو 2014 أعلنت «داعش» عن الخلافة الإسلامية ومبايعة البغدادي خليفة المسلمين، لكن الأخبار الواردة من الأراضي التي ظهرت منها «داعش» تقول إن بقايا المقاتلين يشعرون بـ»غضب وخيبة أمل عميقة»، لأن زعيمهم، أبوبكر البغدادي، اختفى في الصحراء بدلاً من المشاركة في المعركة الأخيرة للتنظيم ببلدة «باغوز»، شرقي سوريا. وقد رجح مسؤولون أنه ربما يكون في الأنبار غرب العراق، وهي محافظة صحراوية، كانت توجد لقادة «الدولة» فيها روابط أسرية. فهل فعلها البغدادي وهرب كما فعلها سابقاً في نوفمبر 2017 حين أفادت أنباء بأن البغدادي هرب من قضاء راوة بالعراق، واتجه إلى الأراضي السورية بسيارة تاكسي صفراء بعد أن أصبحت حياته تحت التهديد. لكنه لم ينسَ أن يدعو عناصر التنظيم إلى الاستماتة في القتال وعدم التسليم، إلا أنهم خذلوه وهربوا بسياراتهم إلى الأراضي السورية. ولكنهم استسلموا في المعركة الأخيرة الشهر الجاري. غير أن من استسلموا لا يتعدون 1500 إرهابي، فأين البقية وماذا نتوقع من البغدادي الهارب؟

لا تعني هزيمة «داعش» في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلاياه النائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية والعراق، بل يتوقع أن يقوم بهجمات انتقامية خارج المنطقة وإعادة توزيع إرهابييه في مناطق أخرى مثل أفريقيا. أو العمل السري وتحيّن الوقت المناسب للانقضاض على من حطموه. إذ فعلها في أوقات مشابهة لما يحل به الآن، ولعلنا نذكر في 2017 عندما شنت خلايا نائمة في العراق حملة متفرقة من عمليات الخطف والقتل لإضعاف الحكومة، كما نفذ التنظيم تفجيرات كثيرة في شمال شرق سوريا. وقد حذر رئيس وكالة المخابرات البريطانية «إم أي 6» من أن التنظيم سيعاود شن هجمات مختلفة في بلدان مختلفة، ربما بعمليات فردية دون توجيه منه.

* اختلاج النبض:

قد يعيّن «داعش» زعيماً جديداً لو تم قتل البغدادي، لكن بقاء الزعيم حياً يعني بقاء الفكرة، فهو الرأس المدبر وهو من تحققت على يده توسعات «داعش» وانتصاراته، لذا يجب قطع رأس الحية وقتل البغدادي.