إن من أبرز ما يهدد كيان الوطن العربي ووحدته واستقراره في الأعوام الأخيرة هي القضايا المتعلقة بالإرهاب. فلم يعد الإرهاب يقتصر على أفراد أو حتى جماعات، بل وصل لمستويات عالية جداً وبدعم من بعض الدول والمافيات وعصابات الأسلحة والمخدرات، حتى أصبح الإرهاب في بعض الدول والمناطق في مستوى الدولة من حيث التأثير والقوة والفعل.

في الأعوام الأخيرة، قضى الإرهاب على كل ما هو جميل ومستقر في وطننا العربي. هدم البيوت والمساجد والكنائس والصوامع والمصانع والبنية التحتية وما فوقها، وقضى على كل جماليات الحياة، والأهم من كل ذلك قضى على الإنسان وأرعبه وشتته وأمات كل أحلامه بطريقة وحشية دموية بشعة.

اليوم ولله الحمد بدأ الإرهاب في الانحسار بسبب وعي الدول بأهمية دورها في المحافظة على التوازن المجتمعي والدولي خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وبسبب عزمها وحسمها ضربه بيد من حديد. نعم، نحن لا نقول بأن الإرهاب مات وليس باستطاعته الرجوع إلى الحياة، فما دامت خلاياه النائمة موجودة وما دام ممولوه يعطونه كل ما يحتاجه للبقاء فإنه سيظل متدثراً تحت الرمال وفي الظلام ليتحين الفرص من أجل الظهور ومعاودة النشاط الإجرامي من جديد، ولهذا فإن محاربة الإرهاب تبدأ بمحاربة الخلايا النائمة وليس المستيقظة فقط.

إن محاربة الإرهاب وصلت لمراحل متقدمة جداً في الوطن العربي بعد أن فتكت بكل شيء ودمرت كل ما هو إنساني وحضاري، وهذا كله يعود بفضل عودة سيادة الدول وتلاحم الشعوب مع جيوشها في الوقوف ضد كل أشكال الإرهاب، ومع ذلك فإننا نحتاج لمزيد من التصدي لهجماته ومخططاته وحيله، كما يجب أن نقوم بعمليات بناء العقل العربي وحماية شبابنا من كل منزلقات التطرف عبر برامج ومشاريع توعوية تستوعبهم وتحضنهم وتبعدهم عن مخالب الأفكار الشيطانية والإرهابية.

إن الإرهاب العالمي في طريقه إلى الزوال، حيث أدرك العالم اليوم بألا حلَّ أمامهم سوى محاربته بكل الوسائل وقطع رأسه، وهذا لم يكُ لولا صحوة الشعوب العربية ورفضها لكل ما يمت للإرهاب بصِلة، كما لا يمكن أن نُغفل أهمية دور الجيوش العربية التي قدمت آلاف الشهداء في محاربتها الإرهاب. ونحن الآن نقر بأن كل التضحيات التي قدمتها الشعوب والجيوش العربية أسهمت بشكل مباشر في دحر الإرهاب والقضاء عليه. فسلام على كل الشهداء من الأبرياء والعسكريين الذين قضوا في عمليات إرهابية جبانة في كافة أنحاء العالم.