هنا سأشد على يد النائب البرلماني علي إسحاقي فيما دعا إليه من ضرورة عدم التهاون في إجراءات استقدام العمالة الأجنبية لداخل البحرين. حيث اعتبر إسحاقي أن التراخي في هذا المجال سيحول البحرين إلى «بؤرة لتجمع المجرمين من الخارج».

هذا كلام يعكس الواقع بالفعل، إذ بعمل مسح سريع على السنوات الماضية، ورصد الحالات التي شهدنا فيها جرائم متنوعة داخل البحرين، من عمليات قتل أو اعتداءات أو سرقات أو غسيل أموال أو بيع للمخدرات وغيرها من ممارسات تقع ضمن تصنيف «الجريمة»، سنجد أن النسبة الغالبة الطرف المجرم فيها أجنبي محسوب على العمالة الوافدة.

السؤال هنا، هل الحل في ضبط العملية يكمن فقط في اشتراط «شهادة حسن سيرة وسلوك» للعامل الأجنبي صادرة من سفارة بلده، ومصدق عليها من سفارة مملكة البحرين في تلك البلد، تثبت عدم صدور أحكام جنائية ضده، وذلك كشرط حتى يدخل لبلادنا؟!

المسألة أعلاه تمثل فحوى المشروع بقانون الذي سيناقشه مجلس النواب، ورغم ذلك فإننا نرى أن العملية برمتها لن تضبطها «شهادة حسن سيرة وسلوك».

سأعود لكلام النائب إسحاقي الذي يقول فيه إن هناك تقصيراً في هذا الجانب، وأن «هناك سهولة في إجراءات الدخول، واليوم لا نتكلم عن عمال فقط، بل هناك مديرون ومهندسون ومختلسون في بلدانهم، والقضايا التي شهدتها المملكة، أكبر شاهد على ضرورة تجديد الإجراءات».

أتفق معه تماماً، لكن أعود للقول بأن العملية لن تضبطها «شهادة حسن سيرة وسلوك»، إذ لو اعتمدنا على شهادة تصدرها الدولة التي تصدر لنا هذه العمالة، هل يمكن التأكد بالفعل من أن الشهادة تعكس الحقيقة؟!

ليس في السؤال انتقاصاً من إجراءات وتحقيقات الدول الأخرى، لكن الشواهد تقول بأننا شهدنا وجوداً داخل بلادنا لأشخاص هم أصلاً مطلوبون في بلدانهم بتهم مختلفة، بالتالي السؤال: كيف خرجوا أساساً ووصلوا لنا في حالة عمالة جاهزة للعمل والاستخدام؟!

أضيف على ذلك عملية الدخول بأسماء مختلفة، إذ ما يتداوله الناس فيما بينهم، أن هناك حالات لعمليات إبعاد للعمالة الأجنبية، سواء أكانوا في قطاع الإنشاءات والبناء أو خدم منازل أو عمالة لشركات مختلفة، يخرجون من البحرين، ولربما توضع عليهم ملاحظات لمنع دخولهم مجدداً، لكن المفاجأة تكون بأنهم يعودون مرة أخرى، سواء بأسماء أخرى، أو بجوازات سفر مختلفة، الأمر الذي يجعلنا في حيرة حول كيفية عودتهم؟!

هل نبالغ هنا؟! لكنني أعتقد بأن الأهم من هذا السؤال، هي الحالة التي نراها أمامنا، من تزايد في أعداد العمالة، من وجود مناطق تكاد تتحول بالكامل لمناطق وكأنها ليست في البحرين، من وجود تجمعات عمالية في أحياء سكنية، ولكم في منطقة سوق المنامة القديم وفي فرجان المحرق القديمة وبعض المناطق في العاصمة أبلغ مثال، وهناك بالإضافة إلى ذلك ممارسات إجرامية تحصل.

كل هذه الأمور تجعلنا نتوجس من عمليات فتح الباب بشكل أكبر سواء أمام تنقلات العمالة الحرة، أو عدم تشديد الرقابة على العمالة غير الرسمية، وأيضاً عدم التشديد على المحاسبة والمعاقبة لمن يمارسون أفعالاً إجرامية تضر بالمجتمع وتهدد أمن الناس.

العملية أكبر من «شهادة حسن سيرة وسلوك»، يمكن أن تصدر بشكل وآخر، ويمكن أن تصور لك أحد المجرمين المطلوبين في جرائم ببلده، تصوره لك في صورة «عامل حسن السيرة والسلوك، يبحث عن رزقه خارج بلاده»!