أصدر جلالة الملك حمد حفظه الله مرسوماً برقم 22 لعام 2019، بموجبه يتم إنشاء مركز لـ»الطاقة المستدامة»، ويهدف المركز إلى القيام بكافة المهام والمسؤوليات المتعلقة بالدعم الفني للجهات المعنية في مجال المحافظة على مصادر الطاقة المستدامة بشتى أنواعها، فضلاً عن رفع كفاءة استخداماتها وتطويرها وتحقيق التزود الآمن منها والتشجيع على الاستثمار فيها.

كتعريف شائع للطاقة المستدامة، وهي ذاتها التي يطلق عليها «الطاقة المتجددة»، فهي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية التي تتجدد ولا تنفذ. وهذه الطاقة تختلف عن «الوقود الأحفوري» المتكون من البترول والغاز الطبيعي والفحم، وكذلك الوقود النووي.

هذه الطاقة لها مميزات عديدة، منها: توفرها في معظم دول العالم، ولا تلوث البيئة لعدم إنتاجية مخلفات مضرة منها خاصة الغازات السامة، ما يجعلها صديقة للبيئة وتحافظ على الصحة العامة. بالإضافة لكونها طاقة اقتصادية في استخداماتها، وتستخدم تقنيات غير معقدة، والأجمل أن استمراريتها مضمونة.

في عام 2011، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة -آنذاك- السيد بان كي مون مبادرة تحت مسمى «الطاقة المستدامة للجميع»، وحدد لها ثلاثة أهداف عالمية هي: ضمان حصول الجميع على خدمات الطاقة الحديثة، ومضاعفة المعدل العالمي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، ومضاعفة كميتها المتجددة في مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2030.

وقال بان كي مون حينها، «نحن ندرك أن الطاقة للجميع، هي في صميم جدول أعمال التنمية المستدامة في مرحلة ما بعد عام 2015، وأنها الخيط الذهبي الذي يربط القضاء على الفقر والنمو الاقتصادي المعتدل والبيئة الصحية».

عودة لشأننا الداخلي البحريني، وما يعنيه إصدار جلالة الملك لمرسوم تشكيل مركز الطاقة المستدامة، وهنا نقول إن مملكة البحرين تمتلك المقومات التي تجعل إنتاجها لهذه الطاقة أمراً متحققاً، بحيث يتشعب الاعتماد على مصادر الطاقة المختلفة، خاصة وأننا من الدول التي يعد اعتمادها على الطاقة الأحفورية من نفط وغاز اعتماداً ذا نسبة عالية وغالبة، الأمر الذي يجعلنا في مصاف الدول المطلوب منها البحث عن مصادر متجددة للطاقة في مقابل احتماليات نضوب الطاقة الحالية على المدى الزمني مستقبلاً.

المرسوم الملكي حدد مصادر الطاقة التي تتوافر في البحرين اليوم، وتحتاج إلى تعامل ومعالجات بحيث يتم الاستفادة المثلي منها، وهي: الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الطاقة الحيوية، طاقة الحرارة الجوفية، الطاقة المائية، وغيرها من المصادر الطبيعية للطاقة ذات الطابع الدائم والمستمر.

التفكير في المستقبل، واستشراف أبعاده بناء على التحديات الراهنة والمتوقعة، أمر يمثل حجر أساس في عمل الدول التي تسعى لتحقيق «التنمية المستدامة»، والدول التي لا تترك نفسها عرضة لأية هزات تتسبب فيها متغيرات العالم المختلفة.

هذه الخطوة ذكية، وتأتي في وقت بالفعل نحتاج فيه للتفكير بشكل عملي للمستقبل. الموارد موجودة في بلادنا، بالتالي الاستفادة المثلى منها هي التي تمثل التحدي الذي يجب أن ننجح فيه.

نهوض الأمم، وضمان مستقبل الشعوب، يقوم على البرامج الذكية والمشاريع الناجعة التي ترتكز على مبدأ «الديمومة والاستدامة».